رفضت الحكومة الليبية المؤقتة بقيادة رئيس الوزراء عبد الله الثني، في طبرق شرق البلاد قرار الاتحاد الأوروبي بالتدخل العسكري ضد عصابات مهربي البشر، وقال حاتم العريبي، المتحدث الرسمي باسم الحكومة المؤقتة لوكالة الأنباء الألمانية إن الحكومة لا تقبل بهذا القرار وترفض أي نوع من الانتهاك ضد سيادة الدولة الليبية وحدودها، كما أكد العريبى، على رغبة الحكومة المؤقتة التعاون الكامل مع الاتحاد الأوروبي بهذا الخصوص بالطرق الطبيعية والرسمية المتعارف عليها بين الدول. وفي هذا السياق، قالت صحيفة الجارديان البريطانية، إن الاتحاد الأوروبي اتفق على إطلاق مهمة بحرية وجوية لتدمير ما يسمى بعمليات الإتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية، والتي أسفرت عن مصرع 1800 مهاجر في المتوسط هذا العام، مضيفة أنه حسب المعلومات الاستخباراتية فإن المملكة المتحدة من المتوقع أن تقدم طائرات بدون طيار ومعدات مراقبة لردع المزيد من المهاجرين غير الشرعيين عبر البحر المتوسط. من جانبها، أعلنت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، أن الاتحاد الأوروبي وافق رسميا على قيام عملية بحرية لا سابق لها، الهدف منها محاربة تهريب المهاجرين في البحر المتوسط، وقالت موغيريني، في حسابها على تويتر "تم اتخاذ القرار القاضي بقيام عملية بحرية للاتحاد الأوروبي بهدف تعطيل نمط عمل شبكات المهربين في المتوسط". ولفتت الصحيفة البريطانية إلى أن هذه المهمة غير المسبوقة التي تحمل اسم "ناف- فور ميد" تقضي بنشر سفن حربية وطائرات مراقبة تابعة للجيوش الأوروبية قبالة سواحل ليبيا التي باتت المركز الرئيسي لحركة تهريب المهاجرين، وتتطلب العملية موافقة الأممالمتحدة، ولن يتم إطلاقها فعليا إلا في شهر يونيو المقبل. وأوضحت الصحيفة أن جماعات حقوق اللاجئين تخشى من قصف الطرق الخاصة بالمدنيين، حيث قال مايكل ديدرنج، الأمين العام للمجلس الأورروبي للاجئين: "العواقب غير المقصودة لهذه المهمة ستقود إلى المزيد من القتلى". وفي السياق ذاته، قالت صحيفة هافنجتون بوست الأمريكية، إنه حال قامت أوروبا بمهاجمة ليبيا فإنها بذلك تلعب بالنار، حيث إن البلاد الآن مقسمة إلى حكومتين، بالإضافة إلى المجموعات العرقية في البلاد، وصعود الجماعات المتشددة المسلحة وانتشارها في كافة أنحاء ليبيا وحدودها مع دول الجوار. وتشير الصحيفة إلى أن حكومة طبرق المدعومة من قبل مصر والسعودية تغير النتائج على أرض الواقع، وفي نفس الوقت، تصعد الميليشيات الإرهابية في مصراتة، وبالتالي هناك معضلة حقيقية في ليبيا، ومع عدم توقف القتال من الصعب إيقاف الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، موضحة أن الاتفاق مع الأممالمتحدة هو السبيل الوحيد للمضي قدما في طريق ليبيا نحو السلام. وذكرت الصحيفة الأمريكية أن هذا التفويض يعد مرحلة أولى من عملية طويلة لاعتماده سياسيا ومن ثم عسكريا، حيث من المفترض أن تحدد قائمة الدول المشاركة وأعداد العسكريين الذين توفرهم كل واحدة منها وأدوات الهجوم ومناطق إجراء العمليات. وقرر وزراء الدفاع والشؤون الخارجية المجتمعين في بروكسل، تزويد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالتقييمات الضرورية ليمنح الاتحاد الأوروبي الحق في استخدام "جميع الوسائل الضرورية" بما في ذلك القوة، في معركته ضد المهربين، وسيحدد هذا القرار المحتمل من الأممالمتحدة الذي سيعتمد بموجب الفصل السابع من ميثاق المنظمة، إلى أي مدى يمكن للأوروبيين أن يضربوا: في المياه الدولية، أم في المياه الإقليمية الليبية، أم على سواحل ليبيا الممزقة بين مختلف الفصائل المسلحة. ويعود تحفظ وزراء الشؤون الخارجية ال28 في بروكسل إلى أن العملية العسكرية ستبقى بلا جدوى إذا ما قيدها مجلس الأمن بالبقاء في أعالي البحار، ومن أجل الحصول على هذا القرار الثمين من الضروري أن تمتنع روسيا عن التصويت أو أن تصوت لصالحه باعتبار أنها تمتلك حق النقض. وعلى ضوء توتر علاقة الاتحاد الأوروبي مع فلاديمير بوتين، ورفض موسكو تدمير السفن المدنية وأي هجوم ضد المنشآت الساحلية بدءا بمستودعات الوقود، وللسبب نفسه؛ لم يتضمن النص الذي تم اعتماده في نهاية المطاف أية إشارة إلى الأدوات "البرمائية" أو إلى استخدام "القوات الخاصة" التي أتى ذكرها في الوثائق الأولية، ويهدف تخفيف التفويض إلى جعل الجرعة أقل مرارة للكرملين، كما طرح سؤالا عن ضرورة الحصول على موافقة ليبيا، وإذا ما كانت موافقتها ضرورية يجب أن تصدر عن الحكومتين المتنافستين، في حين أن الحكومة الليبية المعترف بها من قبل المجتمع الدولي حذرت من أن "أي عملية عسكرية يجب أن تتم بالتعاون معها". من جانبه، قال شريف السيد علي، مدير قسم حقوق اللاجئين في منظمة العفو الدولية، في حوار مع إذعة دويتشه فيله الألمانية، إن المشكلة تكمن في تركيز الاتحاد الأوروبي على الناحية العسكرية فقط، مضيفا أن أوروبا تفكر في كيفية إيقاف هذا المد من المهاجرين القادمين من ليبيا بدلا من التفكير في كيفية مساعدة اللاجئين القادمين من مناطق الصراع، مؤكدا أن التدخل العسكري لن يحل المشكل إنما سيجعل الراغبين في الهجرة يغيرون نقطة الانطلاق من ليبيا إلى بلد آخر، لأن اللاجئين هربوا أساسا من انتهاكات حقوق الإنسان التي تركوها سواء في ليبيا أو في بلدانهم الأصلية".