أعادت اكتشاف فن الزجاج على الطريقة المصرية القديمة، بمشاركة زوجها الفنان زكريا الخنيني، إذ كانت أول متخصصة في فن النحت، متحفهما فيه أكتر من 1000 قطعة فنية، ما بين فن الزجاج والحلي والنحت. المتحف بجميع مقتنياته وما فيه من مباني وأراضي، أهدتهم لوزارة الثقافة المصرية، كي يبقى المتحف متاحًا لكل المصريين، وهو الذي يتميز بوجود مركز تعليم فن الزجاج والخزف. الدكتورة عايدة عبد الكريم، التي رحلت عن عالمنا صباح اليوم الأحد، عن عمر يناهز 89 عامًا، وكانت أحد رموز الحركة التشكيلية المصرية. خرج جثمان الفقيدة من متحفها بمنطقة الحرانية على طريق ترعة المريوطية، وتقرر إقامة العزاء بمسجد الحامدية الشاذلية بالمهندسين مساء الثلاثاء المقبل. هل زرت متحفها يومًا؟ على طريق سقارة، تلمح عيناك بيتاً مقامًا على الطراز النوبى يبدو بسيطاً ومبهراً، فى ذات الوقت يحمل اسم فنانى النحت والزجاج زكريا الخنانى وعايدة عبد الكريم. قصة حب امتدت لأكثر من خمسين عاما، كان بطلاها الفنانين زكريا الخنانى وفنانة النحت دكتورة عادية عبد الكريم، فكرا سوياً فى عام 1971 فى إنشاء أول متحف للزجاج فى مصر، اشترى الخنانى قطعة الأرض وبدأ فى التخطيط لإنشاء المتحف الذى افتتحه وزير الثقافة بعد شهر واحد من وفاته. فى المدخل تمثالان صنعتهما دكتورة عايدة عبد الكريم، الأول لزوجها، أما الثانى فهو بورتريه لها صنعته يداها فى المرحلة الجامعية، حيث كانت تقف أمام المرآة لساعات طويلة لصنع ذلك التمثال. "الاحتضان" هو منحوت لرجل وامرأة من أهم أعمال دكتورة عايدة عبد الكريم التى تجسد العلاقة القوية بين الرجل والمرأة، حيث يمثل لها الرجل عنصر الحماية والمساندة، بينما ترعاه المرأة وتهتم بشئونه، فالحياة بينهما قائمة على التعاون المشترك. يضم المتحف قاعتين أساسيتين الأولى لزكريا الخنانى وتحتوى على أعماله فى مجال الزجاج، حيث أعاد الأسلوب المصرى القديم إلى الأذهان من خلال طرق التشكيل المسطح والمجسم وأسس مدرسة فنية جديدة فى النحت الزجاجى واكتشف العجينة المصرية التى تعرف بالتركواز. أما القاعة الثانية فتضم أعمال دكتورة عايدة عبد الكريم من أعمال النحت والحلى المصنوع من العجينة المصرية، إلى جانب تمثال صغير أطلقت عليه دكتورة عايدة عبد الكريم "الهمة" صنعته سنة 1956 ويلاحظ أن التمثال به حركة وليونة عالية، رغم أنه مصنوع من مادة صلبة. "لوحة السلام" تلك التى صنعتها دكتورة عايدة بمناسبة زيارة الرئيس أنور السادات إلى القدس، حيث انقسمت اللوحة إلى أرض ونيل وأهرامات، وفى أعلى اللوحة أطلقت 7 حمامات تعبر عن السلام الذى خطته فى أسفل اللوحة باستخدام كلمة "السلام عليكم". بعد افتتاحه للمتحف، قال الدكتور صابر عرب، وكان وقتها ما زال وزيرًا للثقافة، إن متحف الخناني غير تقليدي، وأن الخناني وزوجته الفنانة عايدة عبد الكريم أحبوا فن الزجاج وكونوا عالم من الجمال والإبداع، واصبح لهم تلامذه سواء من الجامعة أو الهواة الذين تعلموا فن الزجاج بشكل فني واقتصادي، مشيرا بأن هذا المكان ليس مجرد متحفا، وإنما حالة مصرية مبدعة وجزء منها متواصل مع التاريخ المصري القديم في كثير من الرسومات، وهي محاكاة للنمودج المثالي للفن حيث يطوع الزجاج بكل أشكالة وألوانه وأطيافة ويخلق منه تحف فنية جميلة ومبهرة من الزجاج، والمتحف ليس لمجرد الفرجة فقط، بل تتواصل معه وتقلده لأن فكرته بسيطة، فالمتحف يستعين برواد ليس لديهم خبرة في الفن ويقوم بتعليمهم فن تشكيل الزجاج ، فالمكان يمدنا بالطاقة ويعطي جرعة من العاطفة والفن والقوة ربما من العمارة أو البصريات أو الشكل العام للمتحف. وقتها قالت الراحلة: تم إنشاء هذا المنزل عام 1969 لكي يكون ورشة ومتحفا، وكان الخناني يعمل مهندس ضابط في الجيش وكان محبا للفن. وحكت أن بداية عملهم وإنجازهم الحقيقي هو إعادة اكتشاف العجائن المصرية القديمة للخزف وأساليب صناعة الحلي المصري القديم، والتي قد تم تطورها بعد ذلك، وهي تشكل الجزء الأول والأساسي من المتحف، ويُعد هذا المتحف فريد من نوعه في الشرق الأوسط والوحيد في مصر الذي يوجد معه مركز تعليم وتدريب وورش إنتاجية تُغذي دائما المتحف والمعرض لكي يبقى هذا الفن الرفيع بصورة مستديمة، وقد تم ربطه بمعهد التربية الفنية بالزمالك. كما أضافت بأن المتحف يتكون من جزئين رأسيين جزء خاص بالفنان زكريا وهو متحف الزجاج ويشتمل على الأعمال الفنية في كل مراحل أعماله وكذلك أعماله التجريبية في صب الزجاج "العجائن الزجاجية"، ويعتبر هذا النوع من الفن فريد من نوعه في مصر، وقد لاقى تقديرات عالمية ونال العديد من الجوائز وأغلب رواده من الأجانب ضمن رحلاتهم السياحية للأهرامات وسقارة. أما من جانب التدريب فكنا حريصين على استمرارية هذا الفن، ونقوم بتدريب الطلبة من أقسام الزجاج بكلية الفنون التطبيقية ومعهد التربية الفنية وكذلك الأطفال واستضافة فنانين وحرفيين من جمعيات أهلية آخرها من جنوب الصعيد "الأقصر"، ومن الدارسيين الذين تتلمذوا على يديهما الفنانة مها عبد الكريم شقيقة الفنانة الراحلة، ولها إنتاج فني متفرد.