إبداعهما متقاربًا مكملًا، أدهم وسيف وانلي، أشهر الفنانين التشكيليين في مصر، كان مرسمهما مزارًا للفنانين والمثقفين لأكثر من 40 عامًا حتى بعد وفاة أدهم واستمرار سيف في مسيرته الفنية، ولهما متحف باسميهما في مجمع متاحف محمود سعيد بالإسكندرية، لكن أبناء الشاروني اختار كل منهم طريق مختلف، كل استخدم يده كيفما أملى عليه قلبه. صبحي الشاروني، مؤرخ الفنون المصرية في القرن العشرين، الكاتب والفنان التشكيلي والناقد، الذي تصدى بحماسة لعملية توثيق شاقة وشائقة في الوقت ذاته لكل رموز الحركة الفنية المصرية منذ بدايات القرن الماضي يعد موسوعة حية، تحفظ كل صغيرة وكبيرة داخل الحركة الفنية المصرية، وهو أحد خمسة إخوة احترف اثنان منهم الكتابة في مجال الأدب والمسرح، يعقوب الشاروني ويوسف الشاروني، بينما انحرف هو، كما يقول ممازحًا وتعلق بالفن. تخرّج صبحي في قسم النحت في كلية الفنون الجميلة في القاهرة، عام 1958، وحصل على الدكتوراه من الكلية نفسها وهو يحرر بابًا أسبوعياً في جريدة «المساء» القاهرية بعنوان «ألوان وتماثيل»، شارك في توثيق مقتنيات متحفَي الجزيرة ومحمد محمود خليل اللذين يحويان مجموعة نادرة من الفن العالمي وأصدر عشرات المؤلفات والكتب في الفنون الجميلة وتاريخ الفن، وأقام ثمانية معارض فردية في التصوير الفوتوغرافي داخل مصر وخارجها، توفي العام الماضي في 21 مارس. يوسف الشاروني، الذي تجاوز عمره ال90 عامًا، درس الفلسفة ثم تركها من أجل الأدب، أثرى المكتبة العربية بما يزيد على خمسين كتابا في القصة القصيرة والرواية والدراسات النقدية وأدب الرحلات والتراث العربي، ومن أهم مجموعاته القصصية «العشاق الخمسة، الزحام، رسالة إلى امرأة، مطاردة، منتصف الليل، حلاوة الروح، الضحك حتى البكاء، أجداد»، كتب رواية واحدة هي "الغرق"، وقع على نشرها مؤخرًا، ضمن مطبوعات قصور الثقافة. انشغل بأزمات الإنسان المعاصر خاصة ما عاناه من الفقر والمرض والقمع والزحام، لم ينشغل بالقضايا الكبري مثل نجيب محفوظ وإنما وجه كل فكره لمسيرة الإنسان المصري المسحوق تحت وطأة الاستبداد وشظف العيش، وحاول أن يكون صوته تواقاً للحرية والعيش الكريم، انتهج المذهب التعبيرى في السرد الذى أدرك انسجامه للمواقف الإنسانية، وأنصت لمشاعر شخصياته وحاول أن يستنطقها ويتصور دلالاتها وتحولاتها. يعقوب الشاروني، رائد أدب الطفل، له رصيدًا ضخمًا من الأعمال المتميزة، بلغ أكثر من 400 كتاب قصصي للأطفال، بالإضافة إلى عدد كبير من الدراسات والبحوث حول كتب الأطفال وطبيعة الكتابة لهم. كما ترجم لليونسكو دراسة دولية مهمة له حول تدريب العاملين مع الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة. واختارته عدد من القنوات الفضائية مستشارًا لتقييم برامج الأطفال بها، كما شارك في عام 1993 في وضع الخطة القومية الشاملة لثقافة الطفل العربي بتكليف من المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. دائمًا ما اعتبر أن أهم العوامل التي أثرت في تعلقه بأدب الطفل الحكايات الشعبية التي كان يسمعها من جدته في الطفولة، كحكايات «عقلة الأصبع» أو «نص نصيص»، ما دفعه لتأليف قصص وحكايات أخرى مستمدة منها، ثم إعادة كتاباتها فيما بعد لمسرح مدرسته ثم تحويلها إلى مسرحية للعرائس. وفي النهاية استوحى فكرتها في كتابة قصة طويلة باسم «خاتم السلطان» ونشرها ضمن سلسلة «المكتبة الخضراء» للأطفال بدار المعارف.