مرت العلاقات الروسية الأمريكية بمراحل مختلفة من التوتر، فبعد انتهاء الحرب الأيديولوجية بين المعسكرين الرأسمالي والاشتراكي، تشكلت مراحل جديدة من الشد والجذب بين القطبين الروسي والأمريكي، تلتها حرب القوقاز واستقلال كوسوفو وتجارب روسيا الناجحة للصواريخ العابرة للقارات، وقد أثرت التطورات الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط على هذه العلاقات حيث زادت من حدة توترها، خاصة مع الحرب الأوكرانية. وفي هذا السياق، قالت صحيفة "كرستيان ساينس مونيتور" إنه في ذروة القتال بأوكرانيا العام الماضي، أشارت إدارة الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" إلى أنها تعتبر الدبلوماسية مع روسيا "فلاديمير بوتين" أمرا ميؤوسا منه، وانضمت الولاياتالمتحدة إلى الاتحاد الأوروبي في فرض عقوبات على الاقتصاد الروسي بدعوى تدخل موسكو في شؤون أوكرانيا، وتم تجفيف القنوات الدبلوماسية بشأن النزاع السوري، وقلل الرئيس "أوباما" من اتصالاته مع "بوتين" إلى أدنى حد ممكن. وتوضح الصحيفة أن إدارة "أوباما" الآن ترسل إشارة إلى استعدادها لاستكشاف إمكانية تجدد العلاقات مع روسيا، متطرقة إلى زيارة وزير الخارجية الأمريكية "جون كيري" إلى سوتشي للاجتماع مع "بوتين"، ووزير الخارجية الروسي، "سيرجي لافروف"، موضحة أنه قد يكون من المبالغ فيه وصف اجتماع قصير بأنه إعادة تجديد للعلاقات، إلا أن إرسال "كيري" إلى سوتشي يشير ضمنا إلى أن إدارة "أوباما" وعلى الرغم من كلماتها القاسية في الماضي عن "بوتين" لا تزال ترى بأن هناك بعض الأمل في إعادة الانخراط مع روسيا، والعمل على قضايا تتراوح من سوريا إلى كوريا الشمالية بجانب التهديد الإرهابي الذي داعش. وتعتقد "ساينس مونيتور" أن رغم التوترات وفتور العلاقات بسبب أوكرانيا ظلت روسيا شريكا رئيسيا في المحادثات التي تشارك فيها القوى العالمية الست مع إيران بشأن برنامجها النووي، واستمرت روسيا بالوفاء بالتزاماتها تجاه معاهدة نزع السلاح الجديدة، وفي نفس الوقت، ظهر الانفصاليون من الشيشان في سوريا، والآن أفغانستان للقتال إلى جانب داعش، وهو ما يشير إلى أن روسياوالولاياتالمتحدة قد تواجهان تهديدا مشتركا يتمثل في فكر داعش الإرهابي. ويقول بعض الخبراء الدبلوماسيين إن تعاون روسيا المستمر في قضايا مثل إيران ونزع السلاح يتماشى مع النزعة الدبلوماسية للرئيس الأمريكي الذي يتبع نهج التعامل مع الخصوم الذين هم على استعداد لإرخاء قبضتهم ومد يدهم للصلح. من جانبه، يقول "ديمتري سيميز" وهو رئيس مركز نيكسون في واشنطن: "من الواضح جدا أن كيري هو من يطير متجها إلى سوتشي، وليس لافروف هو من يطير متجها إلى الولاياتالمتحدة وبالتالي، هذه المبادرة قادمة من جانب الولاياتالمتحدة"، مشيرا إلى أن هذا يجعل روسيا سعيدة جدا على الأرجح لإثبات أنه لا يزال يمكنها العمل مع الولاياتالمتحدة.