تعدد الجهات الرقابية باب خلفي للفساد فهمي: بعض الهيئات لا تعرف دورها.. والبرلمان الحل الوحيد الدسوقي: منح الاختصاص لهيئة الاستثمار مع تطبيق نظام الإخطار أعلنت وزارة الاستثمار إجراءات جديدة ضمن خطة لتحفيز المناخ الاستثماري في مصر من خلال القضاء علي البيروقراطية ومكافحة الفساد، وإعادة هيكلة التشريعات بما يساعد علي جذب الاستثمار الأجنبي للبلاد مرة أخري، نظرا لسوء حالة الجهاز الإداري للدولة بحيث تتعدد الجهات الحكومية والرقابية بما يمثل عائقا أمام خطة الاستثمار المعلن عنها. فالمستثمر القادم لضخ أمواله بمصر يواجه عشرات الجهات للحصول علي ترخيص لمباشرة مشروعه بداية من تخصيص الأراضي المناسبة والمرافق وتحديد طبيعة النشاط وغيرها، بالإضافة لتعدد الجهات الرقابية والتي من بينها الاستعلام الأمني عن المستثمر والضرائب المقررة عليها وغيرها، لتكون تلك السياسيات في النهاية سببا لهروب الاستثمارات من الدولة. خبراء الاقتصاد وصفوا تعدد تلك الجهات والإجراءات بأنها باب خلفي للفساد وسبيل للتهرب من المسؤولية، خصوصا وأن كل جهة تلقي بالتزاماتها علي الجهة المناظرة لها، رغم أن اختصاصهما يعد واحدا، مؤكدين أن الفترة الراهنة بحاجة لتكاتف جهود الجميع للعمل علي عودة الاستثمارات الهاربة من الدولة وتحفيزها لتحسين الوضع الاقتصادي الراهن والمتردي أيضا. فساد مالي وإداري قالت الدكتورة هالة الغاوي، أستاذ الاقتصاد بالأكاديمية الحديثة بالمعادي، إن تعدد الجهات الرقابية يؤكد وجود تضارب كبير فيما بينها، موضحة أن تلك الممارسات تعتبر بابا خلفيا للفساد المالي والإداري، وأن تعدد اختصاصات الجهات الرقابية وتضاربها مع بعضها أحيانا، يعني ان أمرا ما بجهة معينة قد يكون واقعة مخالفة، في حين يوجد لها مخرج بجهة أخري، وللأسف لا توجد شفافية فيما يتم طرحه من قرارات بين الجهات وبعضها في ظل تعدد اللوائح، الأمر الذي يعوق مناخ الاستثمار والأعمال في مصر. جهات متعددة والمهمة واحدة وأضافت الغاوي، أن الوضع الراهن يوضح وجود تأثيرات سلبية في تطبيق ما يتم التصريح به بشأن التشجيع علي الاستثمار وفتح المجال أمام المستثمرين، وأنه في حقيقة الأمر يؤدي إلى صدمة المستثمر عند قدومه بالقوانين المتعددة والجهات الأكثر تعقيدا، الأمر الذي يجعله نادما علي المجيئ لمصر وضخ استثمارات بها. وأشارت إلي أن وجود أكثر من جهة ما بين حكومية ورقابية تؤدي نفس الدور يعني المزيد من تعطيل مصالح المواطنين والمستثمرين، وتأثر عمل الجهات المذكورة في ظل زيادة دورها وضياع المسؤولية، علما بأن الوضع في مصر أصبح لا يحتمل المزيد من الضغوط الاقتصادية، مشددة علي ضرورة أن تعي الحكومة خطورة الظرف الراهن من خلال تكاتف الجهود والعمل علي استحداث آليات جديدة لجذب الاستثمارات الأجنبية سواء كانت جديدة أم هاربة وإعادة تحفيزها، إذا كانت الدولة تسعي حقيقة لتحقيق التنمية المستدامة والمطلوبة. غياب الدور من جانبها، قالت الدكتورة بسنت فهمي، نائب رئيس حزب الدستور والخبيرة المصرفية، إن هناك مناخا من المنافسة بين الجهات الرقابية وبعضها علي الرغم من أن كل جهة منها لا تعرف كيف تعمل وما هو دورها الحقيقي، وهذا أمر خطير خصوصا وأنه يتعلق بتحفيز مناخ الاستثمار، معتبرة أن تلك المحاولات لتحسينه في ظل الإجراءات الحالية والتعقيد المزمن، لا تجدي، لكن تعدد التشريعات والجهات لا يعتبر ظاهرة صحية علي الاقتصاد والاستثمار. وأوضحت أن الاقتصاد القومي إبان عهد طلعت حرب، كان بسيطا وغير معقد، ومع ذلك كان قوياً، وأرى أن الملف الاقتصادي يحتاج لإعادة نظر من الحكومة لتصحيح الأوضاع، فهناك ضرورة لتقليل اختصاصات تلك الجهات مع اشتراط وجود جدية في التعامل وتنفيذ الإجراءات التي أعلنت عنها الحكومة من خلال القضاء علي الروتين والفساد الإداري، مع ضم الجهات التي لها نفس الدور بحيث يتم اختزالها في جهة واحدة. وأشارت فهمي، إلي أن هناك أمورا عدة من المتوقع أن يناقشها البرلمان القادم، في مقدمتها تداخل أكثر من جهة رقابية، مع توقعات بتعديلها لتحفيز الاستثمار. تضارب بمناخ الاستثمار وقال الدكتور إيهاب الدسوقي، رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، إنه لا يوجد تضارب بين الجهات الرقابية وبعضها، خصوصا بالنسبة لعمل الجهاز المركزي للمحاسبات والرقابة الإدارية، معتبرا أن كلا الجهتين تكملان بعضهما البعض، إلا أن طبيعة عمل المركزي للمحاسبات هو التفتيش والرقابة علي الفساد بالجهات الحكومية بدون أن يكون لها سلطان علي الأشخاص، أما الرقابة الإدارية فعملها يختص بالأفراد وقيامهم بأعمال فساد مالي وإداري. وأوضح الدسوقي، أن مسألة تعدد اختصاصات الجهات الحكومية تعد إشكالية كبيرة تعيق مناخ الاستثمار، خاصة فيما يتعلق بالحصول علي موافقات إنشاء المشروعات من الجهات المختلفة التي من بينها هيئة المجتمعات العمرانية ووزارة الاستثمار وهيئة التنمية الصناعية. وأشار إلي أن المستثمر يواجه العديد من المشكلات حتي تتم الموافقة النهائية علي تخصيص الأراضي لإقامة مشروعه، في الوقت الذي يتطلب ذلك موافقة هيئة المجتمعات العمرانية علي الرغم أن الأمر يخص الهيئة العامة للاستثمار. تطبيق نظام الإخطار وطالب الدسوقي، بضرورة إلغاء موافقات تخصيص الأراضي باعتبارها أحد عوامل تعقيد الاستثمار وإعاقته، علي أن تختص جهة واحدة فقط بإصدار التراخيص، والإبقاء علي جهات محددة كمصلحة الضرائب والجمارك في تحصيل الرسوم المستحقة علي المستثمر، وترك الأمور للهيئة العامة للاستثمار، مشددا علي ضرورة إلغاء نظام الموافقات واستبداله بنظام الإخطار، للتيسير علي المستثمرين حتي يساعد ذلك علي تحفيز الاستثمار.