في واحدة من جرائم العصر الحديث وسط تهليل وتكبير، ارتكب تنظيم داعش الإرهابي حماقة جديدة في حق التراث العربي وطمس معالم الحضارة العراقية الآشورية، ودمر معالم مدينة نمرود التي بنيت منذ ما يقارب 8 قرون على يد الملك الآشوري شلمنصر الأول وجعلها عاصمة لحكمه خلال الأمبراطوية الآشورية الوسيطة. بث تنظيم داعش الإرهابي شريطا مصورا لعناصره وهم يدمرون مدينة نمرود الأثرية في شمال العراق، والتي تعود إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد، وأظهر الشريط الذي تداولته حسابات الكترونية مؤيدة للتنظيم، عناصر التنظيم وهم يستخدمون مطارق وآلات ثقيلة لتدمير ألواح حجرية ضخمة، واختتم بمشهد انفجار كبير تليه لقطات للمدينة وقد سويت بالأرض. أعلنت السلطات العراقية في مارس أن التنظيم الذي يسيطر على مساحات في شمال البلاد وغربها جرف المدينة الأثرية، وأظهرت مشاهد من الشريط -البالغة مدته نحو سبع دقائق- عناصر من التنظيم يستخدمون مطرقات يدوية وآلات ثقب كهربائية وآلات لقص الحديد وجرافات لتدمير ألواح أثرية ضخمة وجدران حجرية، كما أظهرت لقطات عناصر آخرين وهم يقومون بملء براميل من الحديد بمسحوق رمادي اللون يرجح أنه مادة متفجرة، وذلك في غرفة تملأ جدرانها لوحات تمثل آلهة الآشوريين، وتبدو لاحقا براميل عدة مرصوصة جنبا إلى جنب وقد وصلت ببعضها البعض، قبل أن يظهر الشريط انفجارا ضخما أدى إلى قذف كميات هائلة من التراب عاليا، وحسب خبراء الآثار، فإن التنظيم يعتمد على تهريب الآثار وبيعها كأحد مصادر التمويل، ويقوم بتدمير الآثار الكبيرة والثقيلة التي لا قدرة له على نقلها، ولا تزال الكثير من آثار نمرود موجودة في متاحف بمختلف أنحاء العالم، وتعرضت المدينة للنهب إبان الاجتياح الأمريكي للعراق في العام 2003. مدينة نمرود تعد درة الحضارة الآشورية وموطنا لكنز يعد من أهم الاكتشافات الأثرية في القرن العشرين، وتعتبر المدينة من أبرز المواقع الأثرية في العراق، وهي ضمن المواقع التي كانت مرشحة للإدراج على لائحة اليونيسكو للتراث العالمي، وبدأ ذكر المدينة من قبل علماء الآثار في العام 1820، وجرت عمليات استكشافها والتنقيب عنها في العقود اللاحقة، من قبل علماء أجانب. تقع مدينة نمرود على نهر دجلة على بعد 30 كيلومترا جنوب شرق الموصل، ونمرود هي التسمية المحلية بالعربية لمدينة كالخو (كالح) الآشورية التي بنيت على نهر دجلة على يد الملك الأشوري شلمنصر الأول (1274 1245 ) وجعلها عاصمة لحكمه خلال الأمبراطوية الأشورية الوسيطة، كانت مدينة آشورية، آثارها الباقية تقع 30 كم للجنوب من الموصل في العراق اليوم، أسست كالخو في القرن الثالث عشر قبل الميلاد، وأصبحت في القرن التاسع قبل الميلاد عاصمة الإمبراطورية الآشورية الحديثة زمن الملك آشور ناصربال الثاني، ودمرت في العام 612 ق.م على يد الكلدانيين والميديين. نشر التنظيم الأسبوع الماضي، شريطا آخر يظهر قيام عناصره بتدمير مدينة الحضر الأثرية في شمال العراق، والمدرجة على لائحة التراث العالم، وأشارت بعض التقديرات إلى أن المناطق الواقعة تحت سيطرة التنظيم في العراق تحوي 1800 موقع أثري، ويعتقد أن التنظيم باع بعض تلك الآثار لتمويل نشاطه المسلح.