ختام فعاليات اليوم الأول من برنامج "المرأة تقود" بكفر الشيخ    رجال الأعمال المصريين الأفارقة تطلق أكبر خريطة استثمارية شاملة لدعم التعاون الاقتصادي مع إفريقيا    «الصحة» تبدأ تقييم أداء القيادات الصحية بالمحافظات استعدادًا لحركة يوليو السنوية    شركة مياه الشرب بكفر الشيخ تُصلح كسرين في خط مياه الشرب    الدفاعات الإيرانية تتصدى لهجوم صاروخي إسرائيلي وتسقط مسيرتين جنوب طهران    الشرطة الإيرانية: اعتقال عميلين تابعين للموساد جنوب طهران    الجبهة الداخلية الإسرائيلية: على الإسرائيليين البقاء بالقرب من الملاجئ    باريس يستهل مشواره في مونديال الأندية برباعية في أتليتكو مدريد    انخفاض درجات الحرارة والعظمى في القاهرة 34    صحة الفيوم تعلن إجراء 4،441 جلسة غسيل كلوي خلال أيام عيد الأضحى المبارك    نوير يعادل إنجاز الشناوي التاريخي في كأس العالم للأندية    إيران تعلن اعتقال عملاء للموساد وضبط كميات كبيرة من المتفجرات    الثلاثاء.. تشييع جثمان شقيق الفنانة لطيفة    لطيفة تؤجل طرح ألبومها الجديد بعد وفاة شقيقها نور الدين    عميدة إعلام عين شمس: النماذج العربية الداعمة لتطوير التعليم تجارب ملهمة    الرئيس الإماراتي يبحث هاتفيا مع رئيس وزراء بريطانيا التطورات في الشرق الأوسط    إعلام إيراني: صاروخ يسقط على مطار بن جوريون في تل أبيب    "نقل النواب" تناقش طلبات إحاطة بشأن تأخر مشروعات بالمحافظات    غرفة الصناعات المعدنية: من الوارد خفض إمدادات الغاز لمصانع الحديد (فيديو)    باريس سان جيرمان يجتاز عقبة أتلتيكو مدريد برباعية في كأس العالم للأندية    القنوات الناقلة لمباراة السعودية وهايتي مباشر اليوم في كأس الكونكاكاف الذهبية 2025    عادل مصطفى: الأهلى قدم أفضل شوط له من 10 سنوات وفقدان التركيز سبب التراجع    هيمنة باريسية.. سان جيرمان يضرب أتلتيكو برباعية في كأس العالم للأندية    مروة عيد عبد الملك تحتفي بتسجيل 1000 هدف مع نيس    مدرب بوكا جونيورز: علينا معرفة قيمة أنفسنا أمام بنفيكا    سعر الذهب اليوم الإثنين 16 يونيو محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الزيادة الأخيرة (تفاصيل)    اعرف نتيجة الشهادة الإعدادية بمحافظة الإسكندرية بالاسم ورقم الجلوس    فاجعة في الصف، انتشال 4 جثث ومصابين من أسفل أنقاض مصنع طوب منهار بالجيزة    مصدر: ارتفاع ضحايا حادث مصنع الصف ل4 وفيات ومصابين    مصدر: إصابة رئيس ومعاون مباحث أطفيح و5 شرطيين وسائق في مداهمة أمنية    "التموين" تسمح للمصطافين بصرف الخبز المدعم بالمحافظات الساحلية حتى 15 سبتمبر    أحمد موسى: «إسرائيل تحترق والقبة الحديدية تحولت إلى خردة»    عرض «صورة الكوكب» و«الطينة» في الموسم المسرحي لقصور الثقافة بجنوب الصعيد    أحمد سعد يبدأ صيف غنائي حافل من الساحل.. ويحتفل مع طلاب الجامعة الأمريكية    ظهور مختلف ل كريم فهمي في «220 يوم».. والعرض قريبًا    عبير الشرقاوي: والدي كان حقاني ومش بيجامل حد    الهجوم الإيراني يفضح ديمقراطية إسرائيل.. الملاجئ فقط لكبار السياسيين.. فيديو    3 طرق شهيرة لإعداد صوص الشيكولاتة في المنزل    أسباب الوزن الزائد رغم اتباع نظام الريجيم    لميس الحديدي: كرة اللهب تتناوب بين تل أبيب وطهران.. ولا نهاية قريبة للحرب    شباب القلب.. 4 أبراج تتمتع بروح الطفولة    أمين الفتوى يوضح حكم الزيادة في البيع بالتقسيط.. ربا أم ربح مشروع؟    كيف تنظم المرأة وقتها بين العبادة والأمور الدنيوية؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    وزير الشئون النيابية يحضر جلسة النواب بشأن قانون تنظيم بعض الأحكام المتعلقة بملكية الدولة في الشركات المملوكة لها    العمليات العسكرية الإسرائيلية وتوجيهات رئاسية جديدة تتصدر نشاط السيسي اليوم    التعليم: تدريب مجاني لمعلمي الإنجليزية بالتنسيق مع السفارة الأمريكية -(مستند)    بوستات تهنئة برأس السنة الهجرية للفيس بوك    جبل القلالي يحتفل بتجليس الأنبا باخوميوس أسقفًا ورئيسًا للدير (صور)    ضبط المتهمين بقتل سائق توك توك وإلقاء جثته بمقابر أسوان    تنسيقية شباب الأحزاب تحتفل بمرور 7 سنوات على تأسيسها.. وتؤكد: مستمرين كركيزة سياسية في الجمهورية الجديدة    الجريدة الرسمية تنشر قرارا جديدا ل رئيس الوزراء (تفاصيل)    طب قصر العيني تُحقق انجازًا في الكشف المبكر عن مضاعفات فقر الدم المنجلي لدى الأطفال    يسري جبر يوضح تفسير الرؤيا في تعذيب العصاة    ترقب وقلق.. الأهالي ينتظرون أبناءهم في أول أيام امتحانات الثانوية العامة| شاهد    محافظ أسيوط يشهد فعاليات اليوم العلمي الأول للتوعية بمرض الديمنشيا    تداول امتحان التربية الدينية بجروبات الغش بعد توزيعه في لجان الثانوية العامة    أولياء أمور طلاب الثانوية العامة يرافقون أبنائهم.. وتشديد أمنى لتأمين اللجان بالجيزة    بمناسبة العام الهجري الجديد 1447.. عبارات تعليمية وإيمانية بسيطة للأطفال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جولة في الثقافة الشعبية.. جذور الشخصية المصرية في أغاني الصعيد بين «ستاتي» و«شحاتة علي»
نشر في البديل يوم 09 - 04 - 2015

الجنسية مصري، هذا ما تخبرنا به بطاقة الهوية الخاصة بكل واحد منا، وربما التعليم المحدود الذي تلقيناه ونحن صغار في المدارس المصرية لم يمنحنا فرصة حقيقية حتى ندرك جيدًا ماهية هذه الكلمة، وبالبحث في كثير مما كتب عن تاريخ الشعوب، نجد أن هناك عددًا من المثقفين اتفقوا على أن الأسلوب الأفضل للتعرف على هوية شعب وتاريخه، هو التفتيش في موروثه الثقافي لاسيما الشعبي.
«مقدمة في الفلكور القبطي» لعصام ستاني، «أغاني النساء في صعيد مصر» لمحمد شحاتة علي، كتابان صدرا مؤخرًا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، فيهما نفتش عن جذور الشخصية المصرية، ونتعرف على أصل كثير من الكلمات التي نقولها يوميًا ولا ندرك معناها الأصلي، أبرزها أنشوده الأطفال التي يتغنون بها مع قدوم شهر رمضان «حلو يا حلو»، «وحي يا ووحي.. أيوحه»، وغيرها من الألفاظ التي نرددها دون فهم لمعناها الأول أو دون فهم لما أصبحت عليه.
شيخ الحكائين خيري شلبي قال ذات مرة أن الفلكور القبطي يعني بكل بساطة الفلكور المصري، لأن القبط كما نعلم جميعًا هم الشعب المصري قبل وبعد دخول الإسلام إلى مصر، ومخطئ من يربط بين المسيحية والقبطية، لأن المسيحية دين والقبطية قوم، فهناك قبطي مسلم وقبطي مسيحي، وعليه يمكننا القول أن الفلكور القبطي يتضمن الجوهر الشعبي المصري الذي يشمل المسيحيين والمسلمين معًا من أبناء مصر، ومن ثم فإن البحث في الفلكور القبطي هو بحث في الهوية المصرية، في مكوناتها الإنسانية والمعرفية منذ ما قبل التاريخ أي قبل العقائد والأديان.
من هذا المنطلق أخذ باحثنا «ستاتي» أدواته البحثية والنقدية وتوجه إلى أرجاء المعمورة شمالًا وجنوبًا، يبحث عن جذور الشخصية المصرية، فاختار الموالد الشعبية وجهته الأولى، فشهد 7 موالد قبطية «مولد ماري جرجس بميت دمسيس بمدينة الدقهلية، مولد ماري جرجس بجبل الرزيقات بجنوب قنا، مولد العذراء بمسطرد، مولد العذراء بالزيتون، مولد العذراء بجبل الطير بالمنيا، مولد العذراء بدير درنكة بأسيوط، مولد برسوم العريان بالمعصرة- حلوان».
من خلال جولته في الموالد الشعبية القبطية، توصل «ستاتي» إلى أن الشخصية المصرية واحدها، فما شاهده في الموالد القبطية من كرامات وإيمان المريدين بالقدسين في تحقيق دعواهم إلى الله، هو بالضبط ما شاهده في الموالد الإسلامية من كرامات وتقديس المسلمين لأولياء الله الصالحين، وغيرها الكثير من أوجه التشابه بين الموالد القبطية والإسلامية.
عقب جولة مفصله قدمها المؤلف بين 7 موالد شعبية، انتقل إلى وجهة أخرى ليبحث «ستاتي» بشكل أعمق، فذهب إلى الأقباط في الأمثال الشعبية المصرية التي تعد من أبرز عناصر الثقافة الشعبية، فالأمثال هي مدخل رئيسي من مداخل دراسة الشعوب لأنها تعبر عن الجوانب النفسة والشعورية في حياة المجتمعات، كما تمثل حجر الزاوية في معرفة الشعوب، وأن أي دراسة حقيقة للمجتمع لا تبدأ إلا من خلال ما يمكن أن نسميه الفلسفة السائدة أو اليومية في العلاقات الاجتماعية والإنسانية أو تلك الأفكار الجارية في التعامل اليومي.
على إثر ذلك نجد أن المؤلف مستعرضًا لما يقرب من 15 مثلًا شعبيًا، تناول خلالهما عادات وتقاليد المصريين الاجتماعية والدينية، جاء منها: هو الدير ناقص رهبان، عشمان حنا يخش الجنة، غطستم صيفتهم ونوزتم شتيتم، وغيرها الكثير من الأمثال التي تحمل جوهر الشخصية المصرية.
«الأدب الشعبي للمصريين يشبه شخصيتهم تمامًا، ألم ينتج هذا الأدب عبر هذه الشخصية عبر هؤلاء الناس البسطاء الذين يجسدون في جذورهم التاريخية الصورة الكاملة للوطن بهذه التركيبية العبقرية؟ فالمأثورات الشعبية المصرية، واللغة اليومية تشكل هذه التراكمية، ولا يمكن تفسير الأدب الشعبي المصري إلا بمعرفة الثقافة واللغة التي أنتجته ومن هنا نرى أن معرفة اللغة المصرية القديمة بخطوطها الثلاثة هي نقطة الارتكاز لمعرفة الثقافة المصرية ومفتاح الشخصية المصرية».
بهذه الكلمات يلقي المؤلف الضوء على ركيزة أساسية لتفسير الثقافة الشعبية للمجتمع المصري، قد حصرها في معرفة القائمين في هذا المجال باللغة المصرية القديمة، ففي مواضع كثيرة بالكتاب نجد أن المؤلف أخذ على المهتمين بدراسة الثقافة الشعبية عدم معرفتهم بهذه اللغة مما نتج عنه قصورًا في أبحاثهم ومؤلفاتهم، وهو ما عبر عنه بقوله «اللغة المصرية القديمة هي صلب الطين وعمق الحضارة المصرية، فمن الواضح أننا في حاجة ماسة إلى معرفة تراثنا على أرضية مختلفة أرضية تجمع بين معرفة ماضينا الحضاري واللغوي وحاضرنا المعاش على ألسنة الناس فمن هنا وهنا فقط تحل إشكالية الثقافة المصرية وتقل الفجوة بين الثقافة الوطنية "ثقافة البسطاء" والثقافة المتعلمة "ثقافة الأفندية" إذا ادركنا هذا المطنق يكون عند سماعنا مثلًا للأغنية الدراجة لأحمد عدوية السح الدح إمبو، بمعني خذوا الماء للطفل العطشان، فيكون المعنى واضح ولا يحتاج لسخرية متعلمة في "غاية الجهل" لا تعرف ثقافتها الوطنية وتتعامل بمطنق مقلوب ترى فيه الثقافة جهلًا وترى جهلها ثقافة».
إهمال باحثي الفلكور الشعبي للغة المصرية القديمة، دفع «ستاتي» إلى تقديم فصل خاص بالكتابة المصرية القديمة وشرح قواعدها بالتفصيل، وما طرأ عليها اليوم من تغيرات، مثلًا في لغتنا الدارجة لا نقول "ثعلب" بل "تعلب"، لا حرث بل "حرت"، وغيرها الكثير من الكلمات التي تحتوي على حرف "الثاء" وننطقه "تاء"، هنا يفسر المؤلف ذلك ويرجعه إلى عدم وجود حرف "الثاء" في جميع خطوط اللغة المصرية القديمة ومنها الخط القبطي فتتحول الثاء إلى تاء، أيضًا عدم وجود حرفي الذال والظاء ،ونستبدلهم بحرفي الدال والضاد، كما ننطق ضهر وليس ظهر، أدان لا أذان.
وبعد 13 ملاحظة بين اللغة المصرية القديمة وما نحن عليه اليوم، يختتم المؤلف كتابه بالسؤال الملح: لماذا لم يتعامل باحثي الفلكور مع لغة المأثور والجماعة والناس التي أنتجت المأثور، سواء كان شفاهي أو عادات أوتقاليد أو تعبيرات أو ما شابه ذلك، حتى يتسنى لمن يتعامل مع أبحاثهم أن يعرف البنية والتركيب ومعرفة الجذور والملامح التي اعتمد علها هذا المأثور الذي يقدمون دراسات فيه؟
بعد جولتنا مع «ستاتي» في جذور الشخصية المصرية، حان الوقت لنذهب مع الباحث محمد شحاته علي إلى مركز البداري جنوب محافظة أسيوط، لنتعرف على أغاني النساء التراثية في الصعيد المصري.
في البداية يحدثنا «المؤلف» عن هدفه من جراء هذا البحث وهو توثيق تلك الأغاني لتكون مرجع لنا ومن يأتي بعدنا، لتساعدهم على فهم مجتمعاتنا في العصور القديمة، والأهم من ذلك هو الحفاظ على التراث الشعبي المصري من الضياع بسبب موت الحفظة لتلك الفنون القولية التي يصعب المحافظة عليها إلا بالتوثيق والتدوين، بعكس الثقافة المادية والمتمثلة في العمارة القديمة والباقية من مئات السنين تعبر عن نفسها دون وسيط.
أيضًا اختيار توثيق أغاني النساء في الصعيد مصر، يرجع لقناعته الشخصية بأن المرأة في صعيد مصر كانت من سنوات بعيدة هي حجر الزاوية في كل الأمور سواء في المنزل أو في الحقل أو في المناسبات المختلفة التي يمر بها المجتمع في صعيد مصر، بمعنى أن دورها كان بارزًا بعكس ما وصفته الكتابات والأعمال الدرامية والفنية، ذا أراد المؤلف أن يخص لها كتابًا لأغانيها ومورثها الثقافي، فتناول مشاركة المرأة في شتى نواحي الحياة «الأفراح- البكائيات- التحنين».
وعن هذه التجربة وصعوبتها يقول «شحاته»: رغم أن هذه الأغاني اختفت تقريبًا في مجتمعنا، إلا اننا استطاعنا أن نجمع منها ما يحفظه بعض الذي يحرصون على المشاركة في الأفراح وغناء تلك الأغاني ومن بعض الأغاني التي تقدم بهن العمر ويحفظن بعض من أغاني الحزن والعديد، وبالرغم من أنهن لا يؤدين هذا الطقس في الجنائز إلا نادرًا، وغالبًا ما يكون ذلك في قتل الثأر أو الموتي من الشباب.
بدأ الباحث مؤلفه بأغاني الأعراس الشعبية، مستعرضًا بعض العادات والتقاليد الخاصة بهذه المناسبة في منطقة البحث، كموكب الحناء من بيت العريس إلى بيت العروس، كذلك ما تقوم به أخت العريس من عمل رسومات على يده أخيها ليلة عرسه، وغيرها الكثير من المظاهر الشعبية التي تبرز فرحه هذا اليوم.
كذلك تناول الباحث شعر العديد الذي يشبه أبيات الشعر في كونه موزون ومقفى ويشبه الرباعيات أو الموال الرباعي إلى حد كبير أو الزجل، ويتمثل إبداع المرأة المصرية البسيطة فيما يسميه رشدي صالح "أدب المناسبات العائلية"، ومن أغاني العديد التي وردت في الكتاب عن وفاة الأم.
«اطوحي يا نخلة البستان
فايته عيالك على الجيران
اطوحي يا نخلة الرهبة
فايته عيالك على الغربة».
ومن أغاني العديد التي تقال عند موت الزوج
«الفرح غالي خليه في صناديقه
يقعد حزين لما يجيبه سيده
الفرح غالي خليه في صندوقه
يقعد حزين لما يجوله».
ويختم المؤلف بحثه بأغاني التحنين، وقد جاء منها.
وريس الباخرة قال هات يدك
خدتكم طيبين عقبال ما أردك
وريس الغليون قال هات يدك
خدتكم طيبين عقبال ما أجيبك


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.