فعاليات عديدة، غابت لسنوات عدة عن ساحات الفنون التشكيلية، لعل أغلبها توقف بسبب الأحداث السياسية في مصر، إلا أن جمهور الريشة والألوان بدأ يشعر أن العودة لزخم الحركة التشكيلية قادم مرة أخرى، بعد الإعلان عن خطة خمسية متكاملة للأنشطة الفنية المحلية والدولية. صاحب ذلك الإعلان عن الخطة الخمسية، الكشف عن مجموعة من القرارات الهامة التي أتخذها قطاع الفنون التشكيلية، بعودة عدد من الفعاليات الدولية المتوقفة منذ فترات زمنية طويلة، من بينها بينالي الخزف الدولي وترينالي الحفر الدولي، وكذلك استحداث مجموعة أخرى من الفعاليات الدولية، التي جاءت ملبية لتطلعات الوسط التشكيلي، من بينها أول بينالي مصري دولي للطفل، ومثله للفوتوغرافيا المعاصرة، فضلاً عن الأحداث الثابتة على أجندته، مثل بينالي القاهرة الدولي، وبينالي الإسكندرية، وصالون الشباب والمعرض العام. وفتحت قاعة "XYZ" -أول قاعة للفنون الرقيمية في مصر بقصر الفنون- أبوابها لتكشف عن استئناف نشاط "مهرجان مصر الدولي للفن الرقمي"، الذي تأسس مارس 2013، وحقق نجاحًا وصدًا كبيرًا على المستويين المحلي والدولي. تم اختيار الفنان الدكتور هيثم نوار، قوميسيرًا عامًا لهذا المهرجان، الذي سيكون بمثابة إطلالة متميزة على هذه النوعية من الفنون التي تزداد مساحتها وجماهيريتها يومًا بعد يوم، في الحركة التشكيلية العالمية، كما يُعد فرصة هامة للتواصل وتبادل الخبرات بين الفنانين والمشاهدين المصريين مع المشاركين من الخارج، كما ستمثل هذه الفعاليات الفنية الثابتة والعائدة والمستحدثة محفزًا لطاقات فناني مصر الإبداعية في كافة المجالات، من تصوير ونحت وحفر ورسم وفوتوغرافيا ونسيج. وأكد الدكتور أحمد عبد الغني، رئيس قطاع الفنون التشكيلية: إن هذه الدورة تستمر في دعم ذات التوجه الذي أعلناه مع جميع فعالياتنا الدولية القادمة، وهو التوجه نحو إفريقيا والانفتاح على فنانيها في جميع المجالات، ومن بين الدول الإفريقية المرجح وجود تمثيل لفنينها في هذا المهرجان "السنغال، نيجيريا، تونس، المغرب، كينيا، زيمبابوي، وجنوب إفريقيا"، فضلاً عن تكليف القوميسير العام بضرورة التواصل مع فنانين من دول حوض النيل للمشاركة، وعدد من الدول الأوروبية والأسيوية ومن أمريكا الشمالية والجنوبية. كما أشار رئيس القطاع إلى بعض فعاليات هذا الدورة المرتقبة، المُقرر إقامتها في مارس 2016، منها مؤتمر علمي بمشاركة جامعة بليموث البريطانية، وكذلك مائدة مستديرة واستدوديو مفتوح وليلة عرض سينمائي، ليشهد هذا العام اهتمامًا خاصًا بالشباب والأطفال لتنمية معارفهم ومواهبهم في هذا المجال، من خلال ورش فنية وجولات لهم بالمعرض، فضلاً عن ورش عمل نوعية للمتخصصين، مثل ورش عمل الروبوتات، وفن الألعاب، وغيرها من مجالات الفنون الرقمية والوسائل والوسائط المرتبطة بها. وعن قاعة XYZ، قال عبد الغني: إنها نقلة نوعية ومحطة هامة في مسيرة الفنون الرقمية، وخطوة غير مسبوقة في مصر، تستهدف مواكبة الثورة التكنولوجية الرقمية والمعلوماتية وثورة الاتصالات، ودعم ورعاية ما يُمكن أن نُطلق عليه فنون المستقبل، وهي فنون بات معترف بها عالميًا وتجتذب فئات جماهيرية أكثر تنوعًا من شريحة الجمهور التقليدي للفن التشكيلي، نظرًا لما تتمتع به من عناصر إبهار وتشويق تكنولوجي محببة للشباب والنشئ وحتى الكبار، حيث تٌقدم هذه الفنون حلولاً ومفردات جديدة مخالفة لما اعتاده الجمهور، الذي تشكلت عقليته في ظل تلك المنظومة المعرفية والمفاهيمية والدلالية، فلم تعُد فقد اللوحة والمنحوتة والحفر هي وسيلة الفنان، ولم تعد أدواته منحصرة بين الفرشاه والأزميل. تعزيزًا لهذا النهج خصص القطاع أيضًا 4 قاعات بقصر المنسترلي، بمنطقة المقياس خان، لإقامة واستضافة الورش الفنية والفعاليات والأنشطة التي تتوافق مع فنون النيوميديا. ودعا القطاع شباب الفنانين لتقديم مشاريع فنية جادة، لا سيما وأن مجال الفنون الرقمية مجال خصب ورحيب يسمح باستيعاب كل الأفكار والرؤى والخيالات، كما أنه يسمح بالمشاركة والتعاون بين أكثر من فنان، بل وبين أكثر من مجال وتخصص، وهي ميزة إضافية في هذه الفنون حيث يُمكن ان يشترك في إخراج العمل الواحد التشكيلي والسينمائي والموسيقي والمهندس وغيرها من التخصصات. أضف إلى ذلك قرب افتتاح عدد من المتاحف، منها: قصر عائشة فهمي، متحف الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، إفتتاح كلي لمتحف الفن المصري الحديث، متحف روائع الخط العربي بالإسكندرية،متحف الزعيم مصطفى كامل بالقلعة، متحف المنصورة القومي، متحف السيرة الهلالية بأبنود، متحف محمد محمود خليل وحرمه. كل ما سبق مبشر، إلا أنه بات مهددًا بالتنفيذ، أو رهن قرارات رئيس القطاع القادم، وطريقة إدارته للمشاريع سالفة الذكر، بعد أن تقدم الدكتور أحمد عبد الغني باستقالة نارية إلى وزير الثقافة، اختتمها قائلًا «أيقنت أن المشكلة في بلدنا الحبيب ليست فقط في المتآمرين أو الفاسدين أو الحاقدين أو المغرضين، إنما المشكلة أيضًا فينا نحن الصالحين المصلين المتصدقين المتذكرين، نحن لا نحاسب أنفسنا، ولا نراقب إلا الآخرين نحن نصلى ونصوم كل اثنين وخميس، وننافق ونكذب ونتكاسل ونغتاب ونَفسد ونُفسد، فالفساد ليس كله ماليًا، ولكنه إداري وأخلاقي»، وما تبعها من أنباء عن استقالات جماعية من العاملين، وإضراب عن العمل احتجاجًا على قرار الاستقالة. وبلغت الأزمة أن ناشد العاملون بقطاع الفنون التشكيلية الرئيس عبد الفتاح السيسي، بسرعة التدخل لإنقاذ قطاعهم من مصير الفوضى والإنهيار بسبب خضوع الوزير الجديد تحت تأثير الفاسدين والمفسدين -على حد تعبيرهم- وسعيه للقضاء على "الحلم الجميل"، الذي عاشوه منذ تولي الدكتور أحمد عبد الغني رئاسة القطاع، أغسطس الماضي. لكن ما الذي دفع "عبد الغني" لتقديم استقالته؟ وما قصة الخطة الخمسية؟ لنشرح الأمر، بحسب مصادر مقربة فضلت إخفاء هويتها: في الاجتماع الذي عقده الوزير وضم كل قيادات القطاع، وفى إطار الخطة التي يقدمها القطاع لأنشطته اقترح عبد الغنى على الوزير إنشاء خطة خمسية تنتهى في عام 2019 فقال له الوزير «خليك واقعى.. وقدم لى خطة حالية عن الأنشطة الحالية هو أنت هتستمر ل2019؟!» ولكن عبد الغنى أصر على موقفه بل وقام بتحديد موعد لمؤتمر صحفى ليعلن فيه عن خطته الخمسية بقصر الفنون. ففاجأه الوزير بزيارة غير متوقعة لمتحف الفن الحديث، جاب خلالها دهاليز القصر المخفية ويبدو أنه كان على علم مسبق ببعض الثغرات في القصر، حتى أنه نزل على السلالم الخلفية للقصر حتى وصل البدروم، وهو ما لم يفعله وزير من قبل، للتأكد من أن مياه الأمطار لم تصل إلى داخل المتحف، وعندما طالبه عبد الغنى بحضور المؤتمر رفض رفضًا قاطعًا، حيث ظهرت آثار الخلافات جلية على وجه عبد الغنى الذي اتهم الوزير بعدم الوفاء بتعهداته المالية وعدم مخاطبة رئاسة الوزراء لاستكمال إنشاء متاحف الجزيرة. مشهد يذكرنا بالوزير السابق وطريقة تصفيته للخلافات المسبقة مع قيادات الوزارة، بالأحرى يذكرنا بالخلاف بين الدكتور جابر عصفور والدكتور سعيد توفيق، فهل ينتهج الدكتور عبد الواحد النبوي في إدارة قطاعات الوزارة المختلفة نهج سلفه؟