تعرضت جماعة الإخوان في أغلب البلدان العربية لتصدعات كبيرة خلال الأعوام الأربعة الماضية بعد ثورات الربيع العربي، تنظيم الإخوان في الأردن لم يكن بعيدًا عن هذه التصدعات، فعلى الرغم من الخلاف الواسع الذي شهدته الحركة الإسلامية في عمان خلال السنوات الماضية، إلا أنه ظل دائما داخل إطار التنظيم الإخواني، لكن خلال الأيام الأخيرة بدا واضحًا خروجه للعلن وانشقاقات باتت تؤثر على مستقبل التنظيم ككل في ظل ما تشهده المنطقة من تحولات وتغيرات سياسية سريعة. تأسيس الإخوان في الأردن بنظرة سريعة إلى تاريخ جماعة الإخوان في الأردن سنلاحظ أنها تختلف نسبيًا عن باقي أعضاء التنظيم في البلدان العربية الأخرى، إذ أن العلاقة بين الإخوان والنظام الملكي في عمان طيلة العقود الستة الماضية منذ تأسيسها على يد الحاج عبد اللطيف أبو قورة عام 1945 لم تتدهور بنفس درجة السوء التي وصلت لها علاقة الإخوان بالأنظمة العربية الحاكمة الأخرى خلال الوقت الراهن، فمعظم قيادات التنظيم ومراقبيها في عمان ينتمون إلى قبائل شرق الأردن، الأمر الذي أبقى دوما على نوع من العلاقات الودية مع النظام الحاكم. على الرغم من اتباع النظام الأردني لأسلوب الاعتقالات والتضييق والفصل من الوظائف ضد أعضاء الجماعة، إلا أنه لم يحدث إلغاء تصريح الجماعة في أي فترة، وطالما حرص النظام دوما على عدم إبعاد الإخوان عنه كليا، مبقيا على شعرة تربطه معها، فلم يخلو مجلس النواب طيلة هذه الفترة من أعضاء الإخوان، حتى وصل أحدهما إلى رئاسته، كما أنهم شاركوا أوائل التسعينات في الحكومة متولين خمس وزارات، كما أن الملك الأردني كان دائمًا ما يعين أحد أبرز قيادات الإخوان الذين ينتمون لقبائل شرق البلاد في مجلس الأعيان الأردني المشكل من قبل الملك. نظرة في هيكلة الإخوان بالأردن ويصنف المراقبون إخوان الأردن إلى قسمين أحدهما حمائم والآخر صقور، وأغلب تيار الحمائم من قيادات الجماعة ينحدرون من قبائل شرق البلاد المقربة من النظام الأردني أبرزهم عبد المجيد ذنيبات وسالم الفلاحات، بالإضافة إلى أرحيل الغرايبة منسق مبادرة "زمزم"، بينما يتشكل تيار الصقور من ذوي الأصول الفلسطينية مثل همام سعيد مراقب الجماعة الحالي، أو من الذين تربطهم علاقة قوية مع حركة حماس مثل زكي بني أرشيد. بدأ تيار الصقور في الصعود والسيطرة على التنظيم بشكل لافت قبيل ثورات الربيع العربي، ما جعل الحمائم يشعرون بالتهميش ولم يخفوا غضبهم من الخط المتشدد الذي تنتهجه قيادة الصقور تجاه المملكة الهاشمية والاحتجاجات التي تزامنت مع الثورة المصرية والتونسية، إلا أن الوضع لم يستمر كثيرًا على خلفية سقوط الجماعة في معظم البلدان العربية ما أعطى للنظام الملكي الأردني الذي أحتفظ بمقعدة أن يشن على تيار الصقور هجوما حادًا، ليفتح الطريق نحو العودة إلى الحلبة السياسية مرة أخرى. الأزمة الراهنة في الفترة الراهنة أخذت الأزمة بين الحمائم والصقور منعطفًا آخر لتصل بالجماعة في الأردن إلى حافة الهاوية، حيث تقدم عبد المجيد ذنيبات الأب الروحي لتيار الحمائم في الجماعة وعدد من الشخصيات المتفقة معه بطلب "لتصويب الوضع القانوني للجماعة" تحت إشراف "هيئة قيادية مؤقتة تدير المرحلة الانتقالية" مكونة من الذنيبات وعدد من القيادات المتوافقة معه، سارعت الحكومة الأردنية إلى إعلان قبولها الرسمي لهذا الطلب وسط تهليل من وسائل الإعلام الموالية للنظام، وهو ما أجبر تيار الصقور على التحرك دفاعًا عن وجود الجماعة عبر قرار مجلس الشورى في الجماعة الخاص بفصل أي عضو مشارك في تسجيل الجماعة، ليتم فعليا فصل عشرة من رجال الدولة داخل التنظيم وعلى رأسهم عبد المجيد ذنيبات، والموقعين معه على ذلك الطلب، وأصدر المجلس بيانا هاجم فيه ما اعتبره "عبث بالمركز القانوني المحفوظ للجماعة"، معلنا استهجانه "قبول الحكومة للطلب المقدم بهذا الخصوص، ورفض أي تدخل في شؤون الجماعة الداخلية". الخلاف على الشرعية فور إعلان الجمعية الجديدة لجماعة الإخوان في الأردن تعيين عبد المجيد الذنيبات مراقبا عاما لها، صار الذنيبات هو مؤسس جمعية «إخوان الأردن» التي حصلت رسميا قبل أيام على ترخيص وتم تسجيلها ضمن سجلات الجمعيات في وزارة التنمية الاجتماعية، الأمر الذي أدى لتفاقم الخلافات داخل «الجماعة الأم»، حيث دعا فريق "حكماء الجماعة"، أركان الدولة إلى إعادة النظر في آلية التعاطي الرسمية مع خلافات الإخوان، كما دعا قيادات التنظيم إلى تقديم تنازلات داخلية للخروج من الأزمة. من جانبها، اعتبرت القيادة الحالية للجماعة أن الذنيبات والذين حصلوا على الترخيص خارجون عن الإخوان، ويجب فصلهم، بدوره طلب المراقب العام للجماعة الأم همام سعيد، من الحكومة التراجع عن قرار الترخيص، لأن جماعة الإخوان مرخصة منذ عام 1945.