تتزايد التوترات الأمريكية الفنزويلية منذ عدة سنوات، خاصة وأنها تفاقمت بشكل كبير خلال الآونة الأخيرة، حيث تتصاعد وتيرة الاتهامات بين البلدين، وتتجه العلاقات إلى المزيد من التأزم، وصلت إلى اتخاذ فنزويلا سلسلة من الإجراءات الجديدة لتقييد عدد الدبلوماسيين الأمريكيين العاملين في بلادها، ليقرر الرئيس الفنزولي "نيكولاس مادورو" تقليص عدد موظفي السفارة الأمريكية في كاركاس، والحد من أنشطة الدبلوماسيين الأمريكيين في البلاد، وأمهلت السلطات الفنزويلية، أمريكا 15 يومًا لتقليص عدد موظفي سفارتها في كاراكاس، بنسبة 80 في المائة، ليصبح عددهم 17 موظفا من أصل 100 موظف موجودين حاليا. سبق هذه الخطوة بأيام قليلة إعلان الرئيس الفنزويلي أنه قرر فرض تأشيرات دخول على الأمريكيين الراغبين بالسفر إلى بلاده وذلك بهدف مراقبة تدخل الولاياتالمتحدة في شئون فنزويلا، وقال "مادورو" إنه اضطر لاعتماد سلسلة من التدابير بسبب التدخل الأمريكي في شئون بلاده تشمل حصول الدبلوماسيين الأمريكيين على موافقة من وزارة الخارجية لإجراء اجتماعاتهم بالبلاد، وأضاف أنه فرض شرط حصول الأمريكيين على تأشيرة سياحية جديدة لأسباب تتعلق بالأمن القومي. تتهم كراكاسواشنطن دائمًا بدعم محاولات انقلاب على نظام حكم الرئيس اليساري البوليفاري "مادورو"، وهو الأمر الذي يشير إليه عادة الرئيس الفنزويلي في خطاباته أمام جمهوره، حيث يقول إن حملة دولية تشن لتبرير انقلاب قوي على الأراضي الفنزويلية بمشاركة واشنطن وسفارتها في كراكاس، ولذلك اتخذت السلطات الفنزويلية سلسلة من الإجراءات خلال الفترة الأخيرة، حيث منعت سياسيين أمريكيين معينين متهمين بانتهاك حقوق الإنسان من دخول البلاد، كما اعتقلت الحكومة الفنزويلية عدداً من الأمريكيين المتورطين بأنشطة تجسس داخل البلاد، وأعلن الرئيس الفنزويلي أن حكومته اعتقلت أمريكيين من بينهم طيار، للاشتباه بتجسسهم، وقال "اعتقلنا بعض الأمريكيين في أنشطة سرية، كانوا يحاولون استمالة الناس في البلدات الواقعة على امتداد ساحل فنزويلا"، مشيراً إلى أن طياراً أمريكياً يحمل كل أنواع الوثائق اعتقل في مدينة تاتشيرا الحدودية. عانت فنزويلا كثيرًا من المحاولات الأمريكية المستمرة للتدخل في شئونها وفرض هيمنتها الاقتصادية والسياسية عليها، إضافة إلى تجسس واشنطن على أمن كراكاس والوقوف وراء الأحداث ومحاولات الانقلاب منذ عام 2002، كما أن غطرسة الولاياتالمتحدةالأمريكية واعتبار دول أمريكا الجنوبية حديقة خلفية لها يبعد التفاهم بين البلدين. الإجراءات التي اتخذها الرئيس الفنزويلي توضع في سياق الرد على خطوات مماثلة اتخذتها السلطات الأمريكية ضد مسئولين فنزويليين العام الماضي، وهو ما يؤكد قول "مادورو" إنه أمر بخفض عدد طاقم السفارة الأمريكية وفقا لمعاهدة فيينا، موضحًا أن "الولاياتالمتحدة لديها مائة موظف في كراكاس ونحن لدينا 17 في واشنطن، فلنحقق المساواة بين الدولتين". العلاقات المتدهورة بين البلدين ليست وليدة اللحظة بل أنها موجودة منذ عقود، فقد ظل "هوجو تشافيز"، رئيس فنزويلا الراحل، خلال سنوات حكمه ال 14 للبلاد، في حالة صدام مباشرة مع أمريكا، كما سعى لاستغلال كل مناسبة لإظهار معاداته للولايات المتحدة وحلفائها، كما أنه وجه كثيرًا الاتهامات للولايات المتحدة بالسعي للانقلاب على نظام حكمه، والتدخل في الشئون الداخلية لبلاده، ومحاولة فرض هيمنتها الاقتصادية والسياسية على دول أمريكا اللاتينية، كما أعلن "تشافيز" بوضوح تعمده التقارب مع أعداء الولاياتالمتحدة، مثل الرئيس الكوبي "فيدل كاسترو"، والرئيس الإيراني حينها "محمود أحمدي نجاد". وفي المقابل، تعتبر الولاياتالمتحدة "تشافيز" عاملًا في عدم الاستقرار بأمريكا اللاتينية، وتهديدا لمصالحها الإستراتيجية، وتنتقد الولاياتالمتحدة دائمًا سواء في عهد "تشافيز" السابق أو "مادورد" الحالي سياسة فنزويلا في مجال حقوق الإنسان، وتتهم حكومة البلاد بأنها لا تتعاون في محاولة القضاء على تجارة المخدرات، والقضاء على الإرهاب. علاقة الولاياتالمتحدة مع فنزويلا تصادمية، ولم تكن في يوم من الأيام علاقة جيدة مبنية على حسن الجوار، إلا أن التوتر تصاعد بين البلدين بشكل لافت عقب رفض واشنطن الاعتراف بانتخاب "مادورو" رئيسًا لفنزويلا، واتهام هذا الأخير لأمريكا بدعم معارضيه والوقوف وراء التظاهرات والسعي إلى الإطاحة به، وصولاً إلى التخطيط لاغتياله، كما اتهم واشنطن بالتسبب في إصابة الراحل "هوجو شافيز" بمرض السرطان.