«حقوق الطفل»: نحتاج لإجراءات حقيقية.. ولابد من تجفيف منابع الظاهرة «إنسان حر»: ضرورة رقابة منظمات المجتمع علي أوجه صرف الأموال البدوي: 18 جمعية تعمل تحت إشراف «التضامن» لوضع مخطط مواجهة الأزمة وجوههم بائسة، وثيابهم رثة، والحجارة مأواهم، وجدرانها دفئهم، يملأون الأرصفة وأسفل الكبارى، كل نظرة من هؤلاء تشى بآلاف اللحظات المؤلمة، إنهم «أطفال الشوارع». أدركت الدولة مؤخرا أن هذه البراعم تطورت بشكل نوعي، وتم استغلالهم فى السنوات الأخيرة فى الإضرابات والانفلات الأمني والمظاهرات، باستخدامهم كدروع بشرية تتلقي الرصاص والغاز المسيل للدموع أو تحرق منارة مصر «المجمع العلمي» أو تخرب المنشآت، حتى أصبحوا قنبلة موقوتة تهدد القاصي والداني. تطرق الرئيس عبد الفتاح السيسى فى خطابه الأخير إلى الظاهرة الخطيرة «أطفال الشوارع» معلنا تخصيص 100 مليون جنيه من صندوق تحيا مصر لمشروعات تخدمهم، لكن لاحت فى الأفق تخوفات من أن يكون الأمر مجرد خطب رنانة فقط. قال أحمد عبد العليم، عضو مجلس إدارة الائتلاف المصري لحقوق الطفل، إن الأهم من التصريحات والخطب بضخ أموال لمواجهة ظاهرة أطفال الشوارع، تنفيذ إجراءات فعلية وحقيقية يتم اتخاذها علي الأرض لحل الأزمة، وأن تتبني الدولة سياسات واضحة لرعاية الأطفال في مصر، مشددا علي ضرورة أن يكون القائمون علي الملف من العاملين بمجال حقوق الطفل، ولديهم خبرات ودراسات في الأزمة، ومؤكدا أن التمويل جزء من معالجة الظاهرة، لكن لن يكون له قيمة في ظل غياب البيانات الدقيقة حول أعداد أطفال الشوارع في مصر. وأضاف: «حتي الآن، نفتقد لمصطلح موحد عن أطفال الشوارع، وهناك تضارب في طرق العلاج ما بين وضع الأطفال في معسكرات الجيش أو مراكز تأهيل»، لافتا إلى أن الظاهرة تحتاج لحلول جذرية من خلال عدة مستويات، أبرزها تجفيف المنابع، ومنها تسرب الأطفال من التعليم، والفقر الذي يضطر الأسر للدفع بأطفالها إلى العمل، الأمر الذى يتطلب أن تضع الدولة استراتيجية واضحة لمعالجة الفقر، وأن تفي بوعودها في تطوير التعليم، والوصول إلي مسح حقيقي لأعداد أطفال الشوارع، وموضحا أن النسبة تقريبا تصل إلي مليون طفل بالشارع حتي الآن. من جانبه، يقول محمد يوسف إبراهيم، مدير مركز "إنسان حر" للحقوق والحريات، إنه للمرة الأولى يواجه خطاب رئاسي مشكلة خطيرة تعاني منها الدولة المصرية منذ سنوات، وهي أزمة أطفال الشوارع، ويتم التعامل معها بصراحة ومكاشفة، بعد فشل مواجهة المشكلة علي مدار العقود الماضية، وإلقائها علي منظمات المجتمع المدني فقط، مشيرا إلى أن أزمة أطفال الشوارع، لا تحتاج إلي ضخ أموال فقط بل لرؤية وتعديلات قانونية واجتماعية، تبدأ بترجمة نصوص الدستور التي الزمت الدولة بحماية الأسر الفقيرة والأرامل والأطفال، فضلا عن مشاركة منظمات المجتمع المدني العاملة في الرقابة المجتمعية والشعبية علي ال100 مليون جنيه التي خصصتهم الرئاسة لمواجهة الظاهرة، وذلك وفق جدول زمني محدد؛ لتلافي الفساد في آليات الصرف، والروتين المركزي الذي يهدر الأموال. وفى نفس السياق، أكد محمود البدوي، خبير حقوق وتشريعات الطفل ورئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان، على ضرورة توافر إرادة سياسية لدي صانع القرار المصري؛ لحل المشكلة، لافتا إلي أن الدعم المالي المرصود لأزمة أطفال الشوارع البالغ 100 مليون من صندوق تحيا مصر، وكذا مبلغ 48 مليون جنيه التى خصصتهم الدكتورة غادة والي، وزيرة التضامن الاجتماعي، لاقي ترحيبا كبيرا من جانب جميع المتعاملين مع القضية. وأشار "البدوي" إلي أن هناك 18 جمعية من المتخصصين في تقديم الخدمات المتنوعة لأطفال الشوارع يعملون بشكل جيد جدا منذ حوالي خمسة أشهر تحت إشراف وزارة التضامن بغرض وضع برنامج قومي ورسم مخطط متكامل لكيفية التعامل مع أزمة أطفال الشوارع وتعزيز فرص إعادتهم لأسرهم من جديد، إضافة إلى توفير خدمة التعليم والصحة والدعم القانوني واستخراج الأوراق الثبوتية، وكذا يتضمن المخطط جانب توعوي يهدف إلي زيادة مساحة الوعي المجتمعي بقضايا الطفل وتعزيز دور الأسرة في حماية أبنائها. كما أثني علي الدور الذي تلعبه وزارة التضامن حالياً، في خدمة قضايا الطفولة بشكل عام وقضايا أطفال الشوارع بشكل خاص، من خلال طرح جديد يعزز أطر التعاون بين الحكومة ممثلة في وزارة التضامن، وبين المجتمع المدني الفاعل في مجال خدمة قضايا الطفولة، مشيرا إلى أن اللقاءات المتعددة والدورية التي تعقد بالوزارة تحت إشراف مباشر من الدكتورة غادة والي، وزيرة التضامن؛ للتباحث حول القضية، يؤكد أننا أمام نوع جديد من المسؤولين خرجوا عن الأطر الجامدة، وفتحوا الباب للأفكار العصرية والمبتكرة للتعاطي مع القضايا المجتمعية من منظور جديد. ويوضح محمود أحمد، مدير البرامج بجمعية "قرية الأمل" أنه يشارك كممثل عن إحدى منظمات المجتمع المدني التي شكلتها وزارة التضامن الاجتماعي ويرأسها مسعد رضوان، وكيل الوزارة؛ لتقييم الجمعيات والمؤسسات العاملة في مجال حقوق أطفال الشوارع، التي تتراوح أعدادهم ما بين 15 إلى 20 جمعية، لتوضيح سبل تمويلها ودعمها بالبرامج الخاصة لمواجهة الظاهرة، مؤكدا أن ظاهرة أطفال الشوارع لا تحتاج إلي دعم مالي فقط، لكن نحتاج إلى تشكيل لجنة من الخبراء والمتخصصين في الظاهرة بوزارة التضامن الاجتماعي؛ للوصول إلي أفضل وسيلة للحل والعلاج.