فأر يلتهم رضيعا.. والديدان تتساقط من الأسقف الملوثة بيوت متهالكة تتحول لبرك نتيجة اختراق مياه الأمطار رئيس الحي: خطة للتطوير.. وتحسين المياه والصرف والكهرباء رجب الطويل، محوطب، ابن عطالله، أسماء ل3 عزب بحي اللبان في الإسكندرية، يعاني سكانها من تكدس أكوام القمامة التي تعد مرتعًا للقوارض والحشرات الزاحفة والطائرة، واختراق مياه الأمطار أسقف البيوت وتساقط جدرانها، ووصل الأمر أن قضم فأر جسد رضيع بالكامل، وأصبح أهالي تلك العزب يفكرون بالفرار منها حفاظًا على أرواحهم وأبنائهم لولا الفقر المدقع ومرارة العيش. تسكن الحاجة أم أحمد، هي وأبناؤها الثلاثة في منزل بالدور الأرضي، تطل شرفته على أكوام من القمامة يملؤها روث الحمير والأبقار والماعز، فضلاً عن الفئران والقطط والكلاب النافقة والحشرات الضارة، وتضج بالشكوى بعد أن آل بها الحال إلى أن تتجول الفئران داخل منزلها، فقضم أحدها جزءا من جسد ابنتها في مأساة لم تخطر لأحد على بال، وأكد الأهالي ومن بينهم الحاج علي حسن، أن فأرا التهم أحد الأطفال الرضع بالكامل، فكان ذلك بمثابة الصدمة الكبرى لهم، بخلاف الصرف المتهالك والشوارع الخالية من الإضاءة، مؤكدين أن الحي لا يرفع القمامة إلا كل 4 أيام وينقطع خلال النوات. أطفال كثر يلهون في شوارع عزبة رجب الطويل باللبان وسط الطين والقمامة والحشرات، كالطفل أحمد سمير، البالغ من العمر 9 سنوات، وهو يعيش بمنزل متصدع، تنهال عليه مياه الأمطار شتاء، وتتساقط فوق رأسه مع قطع من حجارة السقف، فلا مأمن عليه داخل جدران منزله ولا خارجها. وتقول أم بلال: لا نطمع في مال أو غنى، بل نريد من يلتفت إلينا وينظر إلى مشاكلنا، فلم نعد نشعر بآدميتنا، والحكومة أصابها قصر نظر فلا تنظر إلى الشوارع الجانبية أوالحارات الضيقة، بل تهتم برصف الشوارع الرئيسية دون غيرها، وتحكي أم يوسف، أنها استيقظت في أوائل فصل الشتاء على تساقط جانب من منزلها المتصدع، إلا أنها لم تجد لها مهربا، وأجبرت على البقاء بداخله لعدم وجود بديل بسبب ارتفاع أسعار المساكن. وتشكو الحاجة دواء علي عبد الحي، أو "رئيسة" كما يناديها أقرباؤها، من تساقط الديدان البيضاء من سقف غرفتها الخشبي أثناء نومها نتيجة للمياه الناشعة فيه والتلوث المحيط بها، بعد أن فشلت في إيجاد حل لها مثلما فعلت بجدران الحجرة التي تشاركها فيها ابنتها فأحاطتها بالمشمع كمحاولة لمنع الرطوبة وإخفاء الشروخات، أما بشاير هشام رمضان، التي انفصلت عن زوجها لضيق العيش والسكن المشترك، فهي لا تطمع إلا في الحصول على وحدة سكنية ولو في الأدغال (على حد قولها)، وناشدت "البديل" صارخة: "وصلي صوتي لأي حد، أنا كنت عايزة أروح للمحافظ بس خايفة ميدخلونيش، حماتي بتساعدنا من معاش زوجها رغم أنها مريضة بالقلب وعلاجها يتكلف كثيرا". وتسكن عزيزة العزب عبد العزيز، في غرفة أسفل الأرض، بها نافذة لا يعبرها الهواء، وبعض الملابس داخل قطعة قماش كبيرة معلقة على الحائط، وقليل من الأواني أسفل سرير قديم، ومنضدة، وأسلاك غير معزولة وخيوط العنكبوت أعلى الباب، ويقضي زوجها حاليًا فترة سنة عقوبة بالسجن بتهمة سب أحد أطباء مستشفى العمال الكائنة بالحي، لتقاعسه عن علاج والدته التي توفيت نتيجة الإهمال، وهو ما زاد حالها وأبناءها الثلاثة سوءًا. أما سامية أحمد، فقالت: "لما الدنيا بتشتي أنا وزوجي بنستحمى على السرير والرطوبة بتبهدل العيال"، فهي تعيش وزوجها وبناتها في غرفتين ودورة مياه بلا أبواب، ولديهم مقعد بلاستيكي مكسور، وثلاجة قديمة وبوتجاز متهالك، بالدور الأول في أحد شوارع عزبة رجب الطويل، وتشعر بهما وبمجرد أن تخطو قدماك أرضيتهما أنهما يهتزان من تحتك، مشيرة إلى أن بعض جيرانهم حصلوا على وحدات سكنية بوضع اليد بمنطقة توشكى، وحالهم الآن أفضل مما كانوا عليه من قبل. وفي نفس الظروف تعيش الحاجة راضية، وهي امرأة طاعنة في السن، فضلت أن تنام وزوجها على أرضية غرفة من الأسمنت تتساقط عليها المياه من السقف ولا يمنعها سوى الأواني التي وضعتها لتتجمع فيها ويتم تفريغها بمجرد امتلائها، ولا تزيد المساحة الفارغة من الحجرة عن متر ونصف المتر، لتحافظ على خصوصية أبنائها وزوجاتهم اللذين يجاورونها في الممر الذي تسكن فيه، مشيرة إلى أن 12 أسرة لا تخدمهم سوى دورة مياه واحدة فقط، وتقول إنها لا تشعر بالأمان داخل غرفتها بسبب الحشرات، فذات مرة وضعت الطعام استعدادًا لتناوله إلا أن "برص" بخ سمه فيه، ولولا لطف الله لكانت حياتهم تعرضت للخطر، وتشير إلى أنها تعيش على مساعدات تأتيها من المساجد، وتعاني من عدة أمراض، فلا تستطيع العمل لكبر سنها وزوجها مريض مقعد. أكد الأهالي أنهم تقدموا بالعديد من الشكاوى إلى حي الجمرك لبحث مشاكلهم وإيجاد حلول لها، إلا أن الحال ظلت على ما هي عليه ولم يكترث أحد لأمرهم، سواء كان مسؤولاً أو مرشحًا برلمانيًا، حيث قالت وفاء: "أيام الانتخابات يحمل المرشحون الناس من على الأرض وبعدها لا يتغير شيء"، بينما قالت إحدى فتيات المنطقة: "منذ صغري والمرشحون يأتون لالتقاط الصور فقط". من جانبه، أكد اللواء أحمد أبو طالب، رئيس حي الجمرك، ل"البديل"، أن المحافظة بالتعاون مع الحي، وضعت خطة لتطوير عزبة رجب الطويل تم اعتمادها للعام 2014 و2015، على أن تدخل حيز التنفيذ في نهاية العام الجاري، وأضاف أنه تواصل مع الدكتورة ليلى إسكندر، وزير التطوير الحضاري والعشوائيات، وتم تدبير الاعتمادات المالية اللازمة للمشروع، على أن يشمل التطوير تحسين مرفق المياه، وإحلال وتجديد وتوسعة شبكة الصرف الصحي، وإعادة تأهيل الكهرباء.