تعيش مدينة الموصل، مركز محافظة نينوى، شمالي العراق، حالة من الترقب وانتظار المجهول، حيث تحدث بعض القادة العراقيين عن اقتراب عملية برية كبرى لتحرير المدينة من قبضة تنظيم "داعش"، خاصة بعد أن حققت قوات البشمركة الكردية والجيش العراقي تقدمًا في المناطق القريبة من الموصل. سقطت مدينة الموصل التي كان يعيش فيها أكثر من مليون ونصف شخص، في العاشر من يونيو بأيدي تنظيم "داعش" الإرهابي، حيث تمكن التنظيم من السيطرة على المدينة وكذلك على منشآت حيوية في المدينة من أهمها مبنى محافظة نينوى والمطار، وقنوات تلفزيونية، وأعقب ذلك إطلاق ألف سجين من السجن المركزي، وبعد ذلك قامت "داعش" بعمليات تغيير ديموغرافي للسكان، كما قامت أيضا بإزالة بعض المعالم التاريخية في الموصل بما يتماشى مع أيدلوجية وفلسفة التنظيم المتطرف. أفادت أنباء واردة من داخل مدينة الموصل شمالي العراق أن قوات البشمركة أصبحت على مشارف المدينة وسط استعدادات لاقتحامها من قبل القوات العراقية في أي وقت ووصول الفوج الثاني من متطوعي الحشد الوطني إلى معسكر تدريب "قوات تحرير الموصل" في مدينة دهوك بإقليم كردستان العراق. لفتت الأنباء إلى أنه بات من المؤكد أن هذا الهجوم البري سيكون واسع النطاق، وذلك من خلال إسقاط معاقل تنظيم داعش، لا سيما التي تربط بين الشام والعراق في نقطة "البوكمال" وصولاً إلى الشمال السوري، منوهين كذلك إلى أنه سيشارك في هذا الهجوم وحدات خاصة من الأردن والكويت والإمارات في الداخل السوري، ووحدات خاصة إيرانية وكردية لدعم الجيش العراقي في اجتياح محافظتي الأنبار ونينوى. في هذه الأثناء، قال رئيس الوزراء العراقي "حيدر العبادي" إن القوات الأمنية تستعد لشن هجوم لاستعادة مدينة الموصل الرئيسية شمال البلاد من تنظيم "داعش"، وأعرب "العبادي" عن أمله في أن تعود الموصل لسيادة الحكومة العراقية قبل نهاية العام الحالي وبأقل خسائر ممكنة. وقال "العبادي" في مقابلة مع "بي بي سي" إن قوات الحكومة العراقية "تخطط لهجوم على الموصل خلال الأشهر القليلة القادمة"، لكنه لم يحدد بالضبط موعد شن هذا الهجوم، معربا عن أمله أنها ستكون قبل نهاية العام، وقال إن توقيت الهجوم يعتمد على "الوضع على الأرض، وعلى استعدادانا"، وأوضح أن نجاح العملية سيعتمد أيضا على التنسيق الوثيق بين قوات الأمن العراقية وقوات البشمركة. واستبعد "العبادي" وجود ضرورة لوجود قوات أمريكية على الأرض في هذه الحملة، مشددًا على أن بلاده بحاجة إلى أشكال أخرى من الدعم مثل الأسلحة والتدريب، وأعرب عن معارضته لانخراط أوثق من دول أخرى في المنطقة في الحرب ضد تنظيم "داعش"، وقال "نحن نرحب بدعمهم، لكن ليس انخراطهم داخل العراق". انتشرت على جدران الأبنية في بعض مناطق مدينة الموصل شعارات منددة بتنظيم "داعش" الارهابي وممارساته وأفعاله تجاه المدنيين، وقال مصدر عراقي إن "شعارات رافضة للتنظيم ومتوعدة إياه بالرد خطت باللون الأسود على جدران أبنية مناطق السجن والعكيدات ودورة كراج بغداد في الجانب الأيمن من مدينة الموصل"، موضحًا أن أبرز تلك الشعارات كانت "سنحرر نينوى من دنسكم". رفضًا شعبيًا واضحًا لتنظيم "داعش" في مدينة الموصل، لاسيما في الفترة الأخيرة جراء الاضطهاد والقمع الذي يمارسه بحق الحياة المدنية، فقد أقدم التنظيم على قطع أيدي ثلاث نساء من دون معرفة التهم الموجهة لهن وجلد خمسة رجال بسبب اتصالات هاتفية، وأوضح مصدر من المدينة أن "مسلحين تابعين لتنظيم داعش قطعوا أيدي ثلاث نساء من دون معرفة التهم الموجهة لهن"، مشيرًا إلى أن "التنظيم قام بجلد خمسة مدنيين بسبب قيامهم بالوقوف على منصة ساحة الاحتفالات في منطقة المجموعة الثقافية أمام المعهد التقني وسط الموصل، من أجل إجراء اتصالات هاتفية مع أقاربهم في محافظات أخرى عبر الهواتف المحمولة"، كما أبلغ التنظيم أهالي الموصل أنه سيقوم بجلد أي شخص 30 جلدة في حال اكتشاف وجود شريحة هاتف نقال لديه، وكان تنظيم "داعش" تبنى عملية قطع شبكات الهواتف النقالة في الموصل، كما أكد لأنه لن يسمح بإعادتها مجددا إلى المدينة. أصدر "داعش" بعض الفتاوى والتعليمات التي لم تجد ترحيبًا في محافظة نينوى بعد سيطرته على المحافظة، فقد كشف مسئول محلي في المحافظة، أن التنظيم قام بفرض الزي الأفغاني على أهالي مدينة الموصل وقام بسحب كافة الملابس من المحلات والمتاجر، وأقدم على فرض رسومًا مالية على البضائع التي تدخل إلى محافظة نينوى، فيما وجه عناصره بحرق البضائع "المخالفة للشرع" على حد زعمه. الوضع الاقتصادي في الموصل أحد أبرز الأوضاع الذي سيطرت عليها حالة من الجمود والركود، في ظل إحجام وتدني حالة التداول والحركة التجارية بيعًا وشراءً، ومع توقف إنتاج المصانع وانعدام استيراد البضائع من خارج العراق جراء عزل المحافظة عن العالم الخارجي وقطع جميع الطرق المؤدية إليها ومنها، حيث وصلت نسب الفقر في الموصل إلى 30% في النصف الثاني من العام الماضي 2014 بعد أن كانت 19% في عام 2013، حسب الإحصائية الأخيرة الرسمية الصادرة عن وزارة التخطيط العراقية.