بدأت ظاهرة المتاجر الكبيرة «المولات» تنتشر بشكل ملاحظ، فى مقابلة الأسواق الشعبية، الأولى يتردد عليها طبقة الأغنياء، والثانية ملجأ الفقراء والبسطاء من المصريين. وعلى الرغم من كثرة المولات الفاخرة، إلا أن الأسواق الشعبية لاتزال صاحبة الحضور الأقوى؛ لأنها تناسب المستويات الاجتماعية كافة، لذلك تشهد ازدحاما شديدا وإقبالا من المواطنين، إضافة إلى أنها تختلف في خيارات الأسعار عن نظيرتها «المولات». لكن غياب الرقابية عن الأسواق الشعبية، أصبح أمرا يؤرق قاعدة عريضة من المصريين ممن يترددون على هذه الأسواق؛ بعدما أفرزت بعض المنتجات حالات تسمم جراء تلوثها، على عكس المولات التجارية التي تحفظ الطعام وفقًا لدرجة حرارة مناسبة، فضلا عن انتشار اللصوص والبلطجية بالأسواق الشعبية. مواطنون: الأسواق الشعبية وجهة البسطاء.. والمولات للأثرياء فقط تقول هناء محمد، ربة منزل، إن الأسواق الشعبية قادرة على توفير جميع المنتجات للمستهلك البسيط، بعكس المولات الكبيرة، مشيرة إلى أن تواجد المولات الكبيرة في مصر، لن يجعل المواطن يتخلي عن الأسواق الشعبية؛ لأهميتها بالنسبة لربات المنازل وقربها من المناطق التي يسكنون فيها، على عكس المولات التي تتواجد أغلبها في منطقة أكتوبر. وأضافت "محمد" أن أغلب المواطنين المصريين بطبيعتهم البسيطة يفضلون الشراء من الأسواق الشعبية؛ لأنها أقل سعراً من المولات التى لا يتردد عليها سوى الطبقة الأكثر ثراءً. ولم تختلف عنها في الرأي كثيرًا إنتصار أحمد، موظفة بوزارة التموين، لافتة إلى أن المول يتردد عليه الأغنياء وبه مساحة الرفاهية كبيرة عن الأسواق الشعبية، التى يتوجه إليها المواطنون البسطاء؛ نظرا لقلة الأسعار بها، موضحة أن مشكلة الأسواق الشعبية تكمن فى انتشار البلطجية بداخلها، ومطالبة بتشديد الرقابة عليها من أجل خدمة أفضل. من جانبه، قال سيد مجدي، موظف بالضرائب، إن الأسواق الشعبية بها العديد من المنتجات، لكن التخوف من ضعف الرقابة، مؤكدا أن أغلب حالات التسمم تأتي بسبب المنتجات التي تتعرض للتلوث في الأسواق الشعبية، على عكس المولات التجارية الضخمة التي تحفظ الطعام وفقًا لدرجة حرارة مناسبة، متابعا أن الرقابة على المولات التجارية الكبري تكون بشكل مستمر، على عكس الأسواق الشعبية. مختصون: المولات التجارية تضمن جودة البضائع يقول أحمد شيحة، رئيس وحدة المستوردين بالغرفة التجارية بالقاهرة، إن التخوف من الأسواق الشعبية يعود إلى السلع المغشوشة التي تقدمها، مشيرًا إلى أن المواطن المصري بسبب الظروف الاقتصادية التي يعيش بها، يبحث وراء الرخيص دون النظر إلى نوع السلعة وجودتها، إضافة إلى انعدام الضمير لدى العديد من البائعين وقلة الرقابة على الأسواق. وأوضح "شيحة" أن الغرفة التجارية طالبت منذ فترة رئيس مجلس الوزراء بضرورة عقد اجتماع استثنائي للحكومة؛ لمناقشة هذه الظاهرة واتخاذ القرارات الملزمة للأجهزة الحكومية ووضع الخطط والبرامج ورفع تقارير دورية عن الأسواق الشعبية؛ وذلك للحد من ظاهرة الغش التجاري لأنها عامل طارد للمستثمر بمن فيهم المستثمر المحلي، ومدمرة للاقتصاد الفردي والوطني. وفي نفس السياق، أكد عطاء عبد الله، بوحدة حماية المستهلك، أن المشكلة في الأسواق الشعبية تكمن حاليا فى إعادة تعبئة المنتجات في عبوات مجهولة المصدر أو بيع منتجات ليس لها تاريخ صلاحية إلى الأهالي بأسعار أقل، ما يجعل الشراء عليها بشكل أكبر. وأشار "عبد الله" إلى أن المولات التجارية، ليست للأغنياء فقط، بل للجميع؛ لأنها توفر المنتجات بشكل جيد وبنفس الأسعار المتواجدة في الأسواق الشعبية، لكن المواطنين تعودوا فقط على الأسواق الشعبية، موضحا أن المولات التجارية تضمن البضائع وعليها تاريخ الإنتاج والانتهاء، وإذا حدث أي شىء يخالف المدون على المنتج من الممكن اللجوء للقضاء، بعكس الأسواق الشعبية التى بسببها يحدث الكثير من حالات التسمم والغش التجاري. تهيئة الأسواق الشعبية ستجعل المواطن البسيط يشعر بكرامته وعلى الجانب الآخر، أكد محمد بدر، الناشط السياسي والقيادي بحركة شباب 6 أبريل، أن الأسواق الشعبية والمولات يجب أن يكونا متساويين؛ لأن أسعار الخضروات والفواكه تكون ضمن تسعيرة عامة، لكن المصريين يفضلون الأسواق الشعبية على عكس المولات الكبيرة. ولفت إلى أن المولات التجارية الكبيرة تبعد عن القاهرة والمناطق الشعبية، لذا يفضل المواطن الشراء من الأقرب، موضحا أن ثقافة تخصيص منتجات للأغني والأفقر، أمر لا يليق بمصر في الوقت الحالي، مطالبا برقابة دورية على الأسواق الشعبية، بجانب تجميلها. من ناحيته، أوضح عصام جلال، عضو العليا لحزب المؤتمر، أن الاهتمام بالأسواق الشعبية سيجعل المواطن البسيط يشعر بكرامته في مصر؛ لأنها ستعكس عليه حالة من الطمأنينة فى شراء المنتجات وجودتها، مطالبا برقابة على على أسعار الخضروات. وفي سياق متصل، أكدت الدكتورة منال العماوي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن المولات التجارية تخلق نوعا من العبء النفسي على المواطن الفقير الذي يشعر دومًا أنه يحصل على المنتجات من الدرجة الثانية أو الثالثة لعدم امتلاكه الأموال، موضحة أن التأثير على نفسية المواطن يأتي من تردده على الأسواق ورؤية الذباب على المنتجات، وبين المولات التي يحيطها المباني الشاهقة الجميلة، وحين دخولها يجد البضائع معروضة بشكل جيد مما يستهويه الشراء من المولات إذا كان من الأغنياء. واختتمت بأن العمل على تهيئة الأسواق الشعبية بشكل جيد، سيجعل الأمر بسيط بالنسبة للجميع دون خلق فوارق اجتماعية بين المصريين.