قمامة وطيور نافقة في ترع أبو سويلم.. وصرف صناعي في ملوي وكيل الوزارة: تطهير يومي بالحفارات.. و"السدة الشتوية" للإصلاح والتوسعة يبدو أن تلوث الترع في المنيا بات أمر معتادا لا يثير انتباه المسؤولين, ولذا بات طبيعيا أن تخرج المحاصيل من الأرض الزراعية محملة برواسب التلوث والإهمال, فعلي امتداد 5 آلاف كم هي إجمالي أطوال المجاري المائية والترع بالمحافظة لا تخلو ترعة داخل المدن والقرى من أكوام ومخلفات المنازل والمصانع, بل وصل الأمر إلي ردم العديد منها. "البديل" رصدت تلوث المجرى المائي الرئيسي المغذي لزراعات قرية "أبو سويلم" بمدينة المنيا, واكتظاظه بالقمامة وروث البهائم والطيور النافقة, وسط أسراب الحشرات والناموس, وقد بات ملتقى للكلاب الضالة التي تبحث عن مطعمها بداخله, كما ردمت القمامة المجرى من نقطة بدايته, ما استدعي الفلاحين للنزول بداخله في محاولة بائسة ويائسة لتسيير المياه في مجراها حتى يتسنى لهم ري أرضيهم, غير مبالين باحتمالية وجود عقارب وثعابين أو إصابتهم بالأمراض. وبسؤال المزارعين عما إذا كانت عملية تلوث المجرى تؤثر علي المحاصيل وجودتها قالوا إنهم لا يأكلون من تلك المحاصيل, وأضافوا أن هيئة الإصلاح الزراعي المسؤول الأول عن رفع القمامة وتنظيف المجرى المائي لكون الأراضي تابعة لها وتجمع قيمة إيجارية عن كل رقعة منزرعة بها, ويقول الحاج سيد حفني، أبلغنا مشرف الإصلاح الزراعي بالمشاكل التي نعانيها وحجم التلوث الذي نعيش وسطه فأخطرنا بأن الكراكة اللازمة لتنظيف المجرى المائي معطلة, ليبقي الحال كما هو عليه. ومن قرية أبو سويلم إلي مدينة ملوي, لا يختلف الأمر كثيرا، وهناك رصدت "البديل" تلوث معظم الترع والمجاري ومنها ترعة الديروطية التي تروي مئات الأفدنة, وقال عدد من المزارعين إن الترعة كانت منذ زمن ليس ببعيد مصدرا لمياه الشرب بالنسبة للفلاحين لشدة نقائها، وليس فقط للري. قال المهندس ممدوح علي متولي، وكيل وزارة الري بالمنيا ل"البديل"، إن الزراعات تتأثر حتما بتلوث المجاري المائية والترع، وإن هذا التلوث ناتج عن السلوك الخاطئ للأهالي خاصة قاطني القرى والمناطق الصناعية بإلقائهم القمامة داخل المجاري والترع المغذية للزراعات, وكذا إهمال الوحدات المحلية وعدم توفيرها وسائل لتجميع القمامة من منبعها. وحول سبل التطهير، أوضح أنه هناك وسائل للتطهير الميكانيكي للترع باستخدام حفارات تختص بتخليصها من المخلفات والحشائش وذلك بشكل يومي, فضلا عن التطهير اليدوي الذي يقوم به العمال ويختص بالتطهير من الحشائش فقط, بالإضافة إلى اتباع نظام السدة الشتوية لتطهير الترع عن طريق غلقها لمدة أسبوعين في شهر يناير من كل عام لعمل الصيانة اللازمة، وحفر ما يلزم من قنوات مائية إضافية وإنشاء كباري وبوابات بها حيث تجف تماما من المياه وتتجمع القمامة والفضلات في آخر المجرى وتصبح عملية تطهيرها أكثر سهولة. وطالب وكيل الوزارة الوحدات المحلية بمختلف مراكز المحافظة بتوفير صناديق لجمع القمامة من الوحدات السكنية وإعادة تدويرها والاستفادة منها, كي لا يلجأ المواطنون لإلقاء فضلاتهم بالترع والمجاري وهو ما يعد السبب الرئيسي في تلوثها, ولتوفير نفقات وجهد المديرية والعاملين بها لتطهير تلك المجاري, وأوضح أن الري جهة مستقبلة للتلوث ليل نهار ومتضررة منه وليست مصدرة له، ولولا الإزالة الدائمة والمستمرة للملوثات لكانت الترع والمصارف انسدت تماما ونهائيا. في الوقت نفسه، تعد كافة المجاري المائية والمساقي روافد لنهر النيل، فإما أنها تتصل به مباشرة، أو تكون إحدى فروع الترع الكبيرة وهي بدورها روافد لنهر النيل, وبالتالي فإن تلوث مياه النهر تلقي بأثرها علي جميع روافده، وأكد متولي، أن نهر النيل يستقبل كافة أنواع المخلفات من قمامة وجيفة وميته, موضحا "اللي عنده حيوان نافق بيرميه في النهر", وقد رصدت "البديل" إلقاء أهالي قرية "سوادة" شرق مدينة المنيا فضلاتهم داخل النهر. يقول الدكتور محمود منصور، المدرس المساعد بكلية الزراعة جامعة المنيا، إن الاتجاه للطرق الحديثة في الري مثل الري تحت سطح التربة، والري بالرش، والري بالتنقيط، يقضي علي المشكلة ويوفر كميات كبيرة من المياه المهدرة، ويحقق الكفاءة المثلي في استفادة النبات من المياه, وكذلك اعتماد نظام المصارف المغطاة، بحيث لا يتم فقد المياه الممكنة معالجتها وإعادة استخدامها مرة أخري عن طريق التبخير، ولتقلل انتشار الآفات والأمراض والحشائش. وأضاف ل"البديل"، أنه يمكن الانتفاع بمياه الصرف الصحي والصرف الزراعي والبحار والبحيرات وعلاجها باستخدام الطرق الفنية الحديثة وبالإمكانيات المتوفرة، ويمكن ري المحاصيل بها مرة أخري، وفي نهاية أكتوبر العام الماضي أعلن وزير الزراعة واستصلاح الأراضي الدكتور عادل البلتاجي، دخول محافظة المنيا ضمن المشروع القومي لتطوير الري الحقلي الذي يستهدف 300 فدان في 3 قرى, وهو نموذج جديد لري الأراضي الزراعية حيث يوفر المياه ويجنبها التلوث. وكانت قرية أبو جرج بمركز بني مزار، نموذجا لبدء تطبيق الري الحقلي بالمنيا وتم افتتاح وحدة الرفع لمسقى "البهرجان" بالقرية ليتم توصيل المياه عبر أنابيب من خلال نقطة رفع واحدة، ويكون لكل مزارع محبس مستقل به يستطيع التحكم من خلاله في كميات المياه.