«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنشأها "محمد علي" وحكومة "محلب" تتجاهل تطهيرها
الترع والمصارف منابع للأوبئة والأمراض انتشار الكبد الوبائي وشلل الأطراف بسبب التلوث المائي
نشر في الوفد يوم 09 - 01 - 2015

في إطار استكمال «الوفد» ما بدأته الأسبوع الماضي في العدد الصادر بتاريخ 29 ديسمبر الماضي حول «مصر تنتظر الغرق» بسبب انسداد مخرات السيول التي تملؤها أكوام القمامة والمخلفات والحيوانات النافقة، ويضاف إلي ذلك المخاطر الصحية والبيئية، والتي تهدد حياة قاطني المناطق السكنية حولها.
واليوم نتحدث عن كارثة مماثلة تضاف إلي ما سبق وهي الترع والمصارف التي أصبحت خارج الخدمة، وتهدد بكوارث مفاجئة بعد أن تحولت لمنبع للأوبئة والفيروسات.
الترع والمصارف .. تمثل كوارث صحية وقنابل بيئية وبؤر تلوث ومصادر للأوبئة والأمراض، تخترق الكتل السكنية بمحافظات القاهرة الكبرى وتحول حياة السكان المقيمين بجوارها إلى جحيم. وتزداد خطورة هذه الترع والمصارف مع إلقاء المصانع والمسابك لمخلفاتها بها، والتى تحولها إلى منابع للمواد الضارة والسامة، نتيجة وجود المواد الكيميائية والمركبات القاتلة، التى تمتلئ بها الكثير من المجارى المائية، وتتفاعل معها تلال القمامة وجثث الحيوانات النافقة والتي تطفو على مياهها، ويزداد الأمر خطورة مع عدم تطهير تلك الترع دورياً، ومن ثم أصبحت مصدراً للتلوث، وبيئة خصبة لنمو كل ما هو خطر على الصحة.
إنها كارثة حقيقية تزيد من معاناة المواطنين، خاصة مع وجود 8000 ترعة على مساحة 35 ألف كيلو متر، على مستوى محافظات مصر، والمشكلة الكبرى أن مسئولية تلك الترع متفرقة علي جهات عدة وكل جهة تتنصل من مسئوليتها.. وتتبادل وزارة الري والموارد المائية والمحافظات الاتهامات بإهمال تطهير الترع والمصارف، وأخطر مشاكل هذه الترع، هي استخدام البعض مياهها لري الفواكه والخضراوات بمياه الصرف الملوثة، وهو ما يتطلب البدء فوراً فى مشروعات معالجة الصرف الصحى والصناعى، حتى نشعر بتحسن ملموس فى نوعية مياه الرى والحد من تدهور التربة.
دق مهتمون بالبيئة «أجراس الخطر» بسبب انتشار التلوث داخل الترع والمصارف التى وصفوها ب«القنابل الموقوتة». مؤكدين أن عدم التزام الجهات المسئولة بالمرور علي المنازل، ونقل القمامة إلي المقالب العمومية بصفة مستمرة، بالإضافة إلي تأخر تنفيذ شبكات الصرف الصحي بالقرى، ما أدي إلي قيام الأهالى بتأجير جرارات أو عربات الكسح التي تقوم بدورها بإلقاء حمولتها في المصارف والترع في ظل غفلة من المسئولين لتتحول الترع والمصارف إلي مرتع للحشرات والزواحف، كما أنها تعج بالسموم، ولأنها بعيدة عن الاهتمام تستخدم أيضاً للتخلص من الجثث في جرائم القتل .. وكم من حادث وقع بدأ بالعثور علي جثة في ترعة أو مصرف.
فى هذا الملف، نكشف بالتفاصيل الدقيقة أخطار مخلفات الترع والمصارف على الصحة والبيئة، ونسجيل معاناة وآلام المواطنين المجاورين لها، وخلال جولتنا بمحافظات الجيزة والقليوبية، حيث وجدنا العديد من الترع والمصارف بدون تغطية أو تطهير وأكوام القمامة والمخلفات تكاد تسد المجري المائي لكل منها.
بدأنا الجولة بمحافظة الجيزة، ففي طريق لعبة وبشتيل وجدنا ترعة بشتيل التابعة لمركز إمبابة تفوح منها الروائح الكريهة التي لا يمكن تحملها تملؤها القمامة والقاذورات وتعج بالحيوانات النافقة، كما انتشرت المياه الملوثة بالصرف الصحي، وأصبحت الترعة مرتعاً خصباً للقوارض والحشرات والثعابين والميكروبات والأمراض.
وبسؤال أحد أهالى القرية، ويدعى ماهر عطا الله، 57 عاماً، لديه 3 أبناء، عن مشاكل قرية بشتيل، قال: إن أكبر مشكلة تواجهنا هي ترعة بشتيل التي تستغل كمصرف، فالقرية تستقبل عربات «النزح» التي تملأ المنطقة بمياه الصرف الصحي، وبعد ذلك تقوم بإلقاء حمولتها في الترعة، ما يتسبب في أضرار بالغة الخطورة على صحة المواطنين، وتعد بؤرة للتلوث، لذا أطالب المسئولين بردمها في الحال لأنها بلا فائدة، بل تسبب الأوبئة والأمراض.
وهذا الوضع موجود أيضاً في قرية باسوس أسفل الطريق الدائرى وجدنا تحول ترعة الشلاقانى إلي مقلب للقمامة والحيوانات النافقة، وأدي هذا إلي تلوث الترعة، على الرغم من استخدام مياهها الملوثة فى تغذية العديد من الأسماك بها، كما يساعد علي انتشار الأمراض والأوبئة في أنحاء المنطقة بالكامل.
وبالتحدث إلى أحد أهالى القرية، ويدعى مسعود عبد العاطى، «مزارع»، كان يقف أمام أرضه والحسرة تملأ نظراته، يتذكر كيف كانت تطرح هذه الأرض من المحاصيل التي كان يعيش هو وأسرته عليها، والتى تعانى الآن من نقص المياه.
ويحكى «عبد العاطى»: حاولنا كثيراً مخاطبة الجهات المسئولة بوزارة الرى، إلا أن أحداً لم يتحرك من هذه الجهات، ومازالت المشكلة قائمة، أضافة إلى تكبدنا أعباء إضافية نظير دفع مائتي جنيه عن كل ساعة بحفار وزارة الري، مقابل تنظيف الترعة من الهيش والقمامة المحتجزة عند فتحات الهاويس، ومع هذا لم تفلح تلك المحاولات المستمرة، كما أن شراء ماكينة أو عمل آبار المياه يحتاج إلى ملايين الجنيهات، والنتيجة أن الأراضى الزراعية مازالت تعانى من نقص المياه، بالإضافة إلى مخلفات الهدم على جانبى الترعة، ناهيك عن مشكلة الباعوض التي تؤرق مضاجع المواطنين وتفسد عليهم معيشتهم، ويطالب بضرورة معاقبة المخالفين حتى يكون ذلك رادعاً قوياً للجميع.
وعن أسباب الاعتماد علي هذه المياه رغم عدم صلاحيتها قال عاطف مرزوق «مزارع»: نعتمد عليها لعدم توافر مياه الرى في هذه القري، منذ سنوات طويلة، ونعلم أن خطورة الرى بالصرف الصحى ستقضى على الأرض الزراعية، لارتفاع نسبة ملوحة التربة، مما يهدد الأرض بالبوار، ولكن ما باليد حيلة.
وعندما اقتربنا من ترعة الزمر التابعة لمركز أوسيم بمحافظة الجيزة، وجدناها مليئة بالمياه الملوثة من صرف صحي وصرف زراعي، وبالرغم من اعتماد الكثير من القري علي الري منها مثل أرض اللواء والبراجيل وبشتيل، ورغم خطورة مياه الصرف الصحي، إلا أن هذا الوضع الخاطئ مازال مستمراً.
وكذلك الحال فى مصرف أرض اللواء التابع لمركز إمبابة ومصرف بولاق الدكرور ومصرف صفط اللبن، هذا بخلاف مصرف ناهيا التابع لمركز أوسيم بمحافظة الجيزة، الذى يمتلئ عن آخره بأكوام القمامة والنفايات ومخلفات المصانع، بخلاف مياه الصرف الصحي . كما تروي مياه مصرف ناهيا أراضي كرداسة ونكلا وكفر حكيم ومنشية البكاري والصليبة بمحافظة الجيزة .
نفس المأساة تتكرر في محافظة القليوبية، فخلال جولتنا بقرية «بنامول» التابعة للوحدة المحلية بنامول فى طريق طوخ وجدنا مصرفاً عمومياً يروى مئات الأراضى الزراعية داخل القرية، وهو عبارة عن مقلب للقمامة والحيوانات النافقة، ينتشر به الحشرات والميكروبات والأوبئة، مما يتسبب في كارثة صحية للمواطنين، خاصة أن هناك « معدية « يعبر المارة من خلالها إلي الجانب الآخر من الطريق.
أما ترعة الإسماعيلية - من ناحية الطريق الزراعى قليوبية، فشاهدنا العديد من التعديات والاشغالات فى وضح النهار بسبب المقاهي التي تلقي بمخلفاتها في الترعة التي تحولت ضفافها لمقالب للقمامة التي غطت أيضاً أجزاء من المجري المائي، بخلاف انتشار المواقف العشوائية لسيارات الميكروباص من الجانبين.
ونفس المشهد تكرر فى المصرف الموجود فى قرية أم بيومى، وكذلك مصرف القليوبية الرئيسي الموجود أمام مزلقان زكي، ومصرف أبوشنب بعزبة أبوشنب بالقليوبية، حيث تتكدس أكوام القمامة وتختلط مياه الصرف وبالمخالفات مما تشكل كوارث بيئية.
أما ترعة الخصوص التابعة لمركز الخانكة، فقد تحولت إلي مقلب لإلقاء القمامة والفضلات والمخلفات بها التي تنتشر علي سطح المياه، مما أدي إلي انتشار الروائح الكريهة، ويعد مرتعاً للأوبئة والأمراض والميكروبات، وللأسف يستخدم السكان هذه المياه في أمورهم الحياتية في غياب تام للأجهزة المعنية. وكذلك الحال فى ترعة بهتيم التي تعاني الإهمال مما يجعلها مظهراً من مظاهر التخلف.
وفي طريق قرية سرياقوس وجدنا مصرفاً بجواره مجزر يتبع مركز الخانكة بالقليوبية، ويتم إلقاء مخلفات ونفايات المجزر في المصرف، فالمياه علي طول المصرف تأخذ لون الدماء، ويتكدس المصرف بتلال القمامة التي تنشر الرائحة الكريهة .
ويقول عوض الله، أحد أهالى قرية سرياقوس: مصرف سرياقوس الذى يخترق الكتلة السكنية ويتبع مدينة الخانكة وقراها، يعتبر بؤرة تلوث تهدد حياة آلاف المواطنين الذين يتعرضون يومياً لسموم المصرف وحشراته، التى تهاجمهم بمنازلهم .
ويتكرر الحال في قرية ميت حلفا التابعة للقليوبية، حيث وجدنا ترعة كبيرة مليئة بمياه الصرف والحيوانات النافقة والقمامة ويستخدمها أيضاً بعض المواطنين المقيمين بالقرية في التخلص من الأحصنة والحمير النافقة. ونفس الشيء يتكرر بمصرف عزبة العمري ومصرف ميت السباع ومصرف شبلنجة التابع للوحدة المحلية لشبلنجة ومصرف عبدالملك بالقليوبية.
وبالقرب من قرية رضوان، وجدنا ترعة مليئة بمخلفات الصرف الصحى والزراعى والصناعى، بخلاف أسراب الناموس والحشرات والقوارض والأوبئة والميكروبات والروائح الكريهة، وبالرغم من ذلك تستخدمها نساء القرية لغسل أطباقهن وملابسهن مما يجعل الأهالي عرضة للأمراض وتستخدم مياه الترعة في أمور الحياة اليومية.
أما رشاح «البليسى» فهو يستقبل الصرف الصحي من محافظتى القاهرة والقليوبية، على امتداد الطريق الدائرى، بداية من المرج والقلج مروراً بمناطق عرب العيايدة وسرياقوس، ليصب فى الخانكة وأبو زعبل، ويتدفق منه ما يقرب من 10 آلاف متر مكعب من مياه الصرف الصحي، الناتجة عن مخلفات مجزر للدواجن المتواجد بمنطقة المرج، وصرف صناعي من أكثر من مصنع علي طول مجراه، وهو الأمر الذى تسبب فى انسداد دائم نتيجة ارتفاع منسوب المياه بالمصرف، مما أدى إلى غرق المنازل ومعظم الأراضى الزراعية، فى مناطق بركة الحاج ونوى وعزبة عنانى ومؤسسة الزكاة، وكلها تتبع حى المرج بالقاهرة، ناهيك عن الأضرار الصحية البالغة الخطورة على الأهالى المقيمين بتلك المناطق.
واعترف أهالى القرية ل «الوفد» بمعاناتهم اليومية قائلين: «لقد طفح بنا الكيل، ولم نجد مسئولا يهتم بأحوالنا السيئة، فنحن مهددون بالأمراض بسبب طفح مياه الصرف على منازلنا، وتلوث الأراضى الزراعية، وما نريده هو وضع حلول جذرية على أرض الواقع لمشاكل مصرف البليسى وطرق تطهيره ومعالجة الآثار المترتبة على رفع منسوب مياه الصرف ورفع كافة المخلفات به، وان يتم التسليك بعقد صيانة مستمر، وان يتم إغلاق المجزر المتواجد بمنطقة المرج.
وفي قرية ميت نما بحوض الورد طريق المدارس وجدنا ترعة تابعة لحي غرب شبرا الخيمة، وقد تكدست علي جانبيها أكياس القمامة ومخلفات الصرف الصحي والحيوانات النافقة، مما يساعد علي انتشار الأوبئة والأمراض.
فى البداية قال الدكتور جمال الصعيدى، رئيس قطاع الفروع الاقليمية بوزارة البيئة: إن الوزارة تقوم حالياً بإجراء مسح شامل لكل المنشآت الصناعية المتوسطة والصغرى فى المدن والقرى، التى تصب فى المجارى المائية، للتأكد من وجود محطات معالجة بها أم لا، ذلك وفق برنامج متكامل يهدف إلى حماية مصادر المياه والحد من التلوث.
وأشار «الصعيدى» إلى أنه يتم تنفيذ واتخاذ الإجراءات القانونية حيال المنشآت الملوثة، والتى ليس لديها خطة توفيق أوضاعها البيئية، لآثارها الخطيرة على الصحة والبيئة، وكذلك متابعة خطط توفيق الأوضاع للمنشآت الجادة. كما أننا نسعى جاهدين لتوفير خدمات مياه الشرب بالتعاون والتنسيق مع وزارة الإسكان.
مشيراً إلى أن النفقات السنوية المطلوبة لعملية تطهير الترع والمصارف - حسبما رصدتها وزارة الرى - تبلغ 150 مليون جنيه .
ولخص «الصعيدى» مشكلات التلوث فى كافة المحافظات فيما يتعلق بإدارة المخلفات الصلبة، حيث يقدر المعدل السنوى لتوليد النفايات الصلبة فى مصر بحوالى 70 مليون طن بالمدن، وحجم مياه الصرف الصحى المستخدمة فى الرى تبلغ 6 مليارات متر مكعب سنوياً، لذلك نسعى جاهدين لتحسين نوعية مياه الرى والحد من تدهور التربة، خاصة أنها تشكل خطراً جسيماً علي البيئة بوجه عام، وتهدد حياة المواطنين المقيمين في المناطق السكنية بجوارها، وهو ما يستلزم إجبار الشركات الصناعية بمعالجة النفايات السائلة قبل صرفها على المجارى المائية، ودعم تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار وإدارة وتشغيل مشروعات الخدمات بالمدن والقرى.
كما شدد «الصعيدى» بأنه سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية حيال غير الملتزم منها بخطط توفيق الأوضاع والاشتراطات والمعايير البيئية والتى ينظمها قانون البيئة رقم 4 لسنة 1994 والمعدل بقانون رقم 9 لسنة 2009. مطالباً أجهزة وزارة الرى والموارد المائية، وشرطة المسطحات المائية، إلى جانب أجهزة المحليات باعتبار هذه الجهات تقع عليها المسئولية كاملة، بضرورة التعاون من أجل إيجاد حلول سريعة للقضاء علي مشكلة التلوث التي تتفاقم يوماً بعد يوم.
فيما أوضح الدكتور هشام عطية الشخيبى، مدير المركز القومى للسموم بكلية طب قصر العينى، أن ارتفاع معدلات التلوث بالعناصر الثقيلة الناتجة عن مخلفات المنشآت الصناعية والمسابك الخطرة، تؤدى إلى إصابة المواطنين بأمراض عديدة أهمها ضمور العضلات وهشاشة العظام وشلل الأطراف والغيبوبة الكبدية والتهابات الكلى، بسبب ارتفاع معدلات تلوث المياه بمادة الرصاص لتأثيرها الكبير على الجهاز العصبى، حيث تروى بها الزراعات.
وأضاف الدكتور «الشخيبى» أن طرق الوقاية من مخلفات المصانع تتضمن نقل كل المصانع والمسابك خارج الكتل السكنية، كما يستلزم الأمر ضرورة المعالجة الصحيحة، ومن لا يلتزم بذلك يتم إغلاقه طبقاً لقانون البيئة لعام 1994، وللتأكد من تطبيق قواعد السلامة المهنية.
بالكشف الدورى المنظم علي جميع العاملين والموظفين بالمصانع والمسابك وعمل الفحوصات اللازمة للتأكد من عدم الإضرار بالدولة، وذلك بتحليل عينات التربة والهواء لضمان خلوها من التلوث، مشيراً الى أن أخطر المناطق المعرضة للتلوث بسبب الصرف الصناعي هي مناطق حلوان وشبرا الخيمة وأيضا منطقة جنوب القاهرة، حيث يوجد الكثير من المصانع التي تصب مخلفاتها في نهر النيل، بدءاً من رشيد ودمياط وصولاً إلى أسوان.
ووجه الدكتور «الشخيبى» رسالة لأصحاب المصانع المخالفة بضرورة احترام حياة الإنسان المصري.
وتابع: انه عندما يشعر المواطن المقيم بجانب المصانع الانتاجية بأي أعراض مرضية لابد أن يلجأ للطبيب لإجراء الكشف الطبى عليه، لكي يتم علاجه بشكل سريع وعاجل.
ووافقه الرأي محمد ناجى، خبير الحقوق البيئية. مؤكداً أن دستور 2014 أقر حق المواطنين فى بيئة نظيفة ومسكن صحى، وحق المزارعين فى الحصول على مياه للرى، وجرم الاعتداء على نهر النيل وموارد المياه واعتبرها جريمة لا تسقط بالتقادم.
أما الدكتور أنور الديب، أستاذ تلوث المياه بالمركز القومي للبحوث، فيحذر من خطورة وجود مخلفات المصانع ومياه الصرف عند استخدامها في رى الأراضى الزراعية، وقال إنها تحوي مواد كيميائية غاية في الضرر حيث تضم مركبات عضوية مثل المبيدات والأدوية ومركبات غير عضوية مثل مخلفات المصانع والمعادن الثقيلة كالرصاص والحديد والكروم والنيكل، هذا بخلاف المخلفات الآدمية وما بها من ملايين الميكروبات والبكتيريا والطفيليات المعدية مثل الأميبا والدوسنتاريا والفيروسات السامة والقاتلة، وكل هذا يتسلل من خلال مياه الصرف الصحي إلى النبات سواء خضراوات أو فاكهة ومنه إلى الإنسان ويتسبب فى انتشار الأمراض الخطيرة كالفشل الكلوي وتليف الكبد والفيروسات الكبدية والأورام السرطانية المختلفة، والنزلات المعوية للأطفال والجفاف للأطفال والكبار، وأيضاً يؤدي للإصابة بشلل الأطفال والحمى الصفراء والجرب والملاريا.
وأضاف الدكتور «الديب» أن ما يحدث بشأن الترع والمصارف يعبر عن غياب دور الرقابة من وزارة البيئة، لذلك يجب تفعيل القوانين التي تمنع ري الأراضي الزراعية بمياه الصرف، مع ضرورة وجود تشريعات تعاقب المخالفين، وأن يقتصر استخدام مياه الصرف المعالج علي زراعة الأشجار الخشبية ومزارع الزينة فقط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.