الحجر الصحي بجنوب سيناء يتابع حالة الحجاج المصريين العائدين عبر ميناء نويبع    وزير العمل: 600 منحة مجانية لتدريب الشباب في مركز تدريب شركة الحفر المصرية    المشاط: 15.6 مليار دولار تمويلات ميسرة من شركاء التنمية للقطاع الخاص منذ 2020 وحتى مايو 2025    هذه القافلة خنجر فى قلب القضية الفلسطينية    محمد يوسف يعاتب تريزيجيه بسبب إصراره على تسديد ركلة الجزاء أمام إنتر ميامي    في عيد ميلاده ال33.. محمد صلاح يخلد اسمه في سجلات المجد    كشف ملابسات تعدي أشخاص بالضرب على آخر في البحيرة    محافظ القاهرة يتفقد أعمال تطوير شارع أحمد زكى بدار السلام.. صور    حزب العدل والمساواة يعقد اجتماعًا لاستطلاع الآراء بشأن الترشح الفردي لمجلس الشيوخ    "لا للملوك": شعار الاحتجاجات الرافضة لترامب بالتزامن مع احتفال ذكرى تأسيس الجيش الأمريكي    الرئيس السيسي يؤكد لنظيره القبرصي رفض مصر توسيع دائرة الصراع بالشرق الأوسط    كاف يهنئ محمد صلاح: عيد ميلاد سعيد للملك المصري    وزير التموين يتابع مخزون السلع الأساسية ويوجه بضمان التوريد والانضباط في التوزيع    تنفيذ 25 قرار إزالة لتعديات على أراض بمنشأة القناطر وكرداسة    سعادة بين طلاب الثانوية العامة في أول أيام مارثون الامتحانات بالقليوبية    محافظ بورسعيد يتفقد غرفة عمليات الثانوية العامة لمتابعة انتظام الامتحانات في يومها الأول    وزيرة التنمية المحلية تتفقد أعمال تنفيذ المرحلة الأولى من تطوير سوق العتبة بتكلفة 38 مليون جنيه    قرار قضائي عاجل بشأن عزل وزير التربية والتعليم في أول أيام امتحانات الثانوية العامة    وصول جثمان نجل الموسيقار صلاح الشرنوبي لمسجد عمر مكرم    عضو حزب المحافظين البريطاني: إسرائيل تقترب من تحقيق أهدافها    شكوك حول مشاركة محمد فضل شاكر بحفل ختام مهرجان موازين.. أواخر يونيو    100 ألف جنيه مكافأة.. إطلاق موعد جوائز "للمبدعين الشباب" بمكتبة الإسكندرية    نظام غذائي متكامل لطلبة الثانوية العامة لتحسين التركيز.. فطار وغدا وعشاء    الداخلية تضبط 6 ملايين جنيه من تجار العملة    حسين لبيب يعود إلى نادي الزمالك لأول مرة بعد الوعكة الصحية    جامعة القاهرة تنظم أول ورشة عمل لمنسقي الذكاء الاصطناعي بكلياتها أكتوبر المقبل    رئيس النواب يفتتح الجلسة العامة لمناقشة مشروع الموازنة العامة للدولة    فوز طلاب فنون جميلة حلوان بالمركز الأول في مسابقة دولية مع جامعة ممفيس الأمريكية    يسري جبر يوضح تفسير الرؤيا في تعذيب العصاة    "برغوث بلا أنياب".. ميسي يفشل في فك عقدة الأهلي.. ما القصة؟    المؤتمر السنوي لمعهد البحوث الطبية يناقش الحد من تزايد الولادة القيصرية    لأول مرة عالميًا.. استخدام تقنية جديدة للكشف عن فقر الدم المنجلي بطب القاهرة    ضبط 59.8 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    وائل كفوري يشعل أجواء الصيف بحفل غنائي في عمّان 15 أغسطس    «الزناتي» يفتتح أول دورة تدريبية في الأمن السيبراني للمعلمين    تحرير 146 مخالفة للمحلات لعدم الالتزام بقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    البابا تواضروس يترأس قداس الأحد في العلمين    الأنبا إيلاريون أسقفا لإيبارشية البحيرة وتوابعها    أسعار الخضراوات اليوم الأحد 15-6-2025 بمحافظة مطروح    «أمي منعتني من الشارع وجابتلي أول جيتار».. هاني عادل يستعيد ذكريات الطفولة    الأردن يعلن إعادة فتح مجاله الجوي بعد إجراء تقييم للمخاطر    «فين بن شرقي؟».. شوبير يثير الجدل بشأن غياب نجم الأهلي أمام إنتر ميامي    أخر موعد للتقديم لرياض الأطفال بمحافظة القاهرة.. تفاصيل    تداول امتحان التربية الدينية بجروبات الغش بعد توزيعه في لجان الثانوية العامة    فيلم سيكو سيكو يحقق أكثر من ربع مليون جنيه إيرادات ليلة أمس    محافظ أسيوط يفتتح وحدتي فصل مشتقات الدم والأشعة المقطعية بمستشفى الإيمان العام    توافد طلاب الدقهلية لدخول اللجان وانطلاق ماراثون الثانوية العامة.. فيديو    حظك اليوم الأحد 15 يونيو وتوقعات الأبراج    مجدي الجلاد: الدولة المصرية واجهت كل الاختبارات والتحديات الكبيرة بحكمة شديدة    مقتل ثلاثة على الأقل في هجمات إيرانية على إسرائيل    متى تبدأ السنة الهجرية؟ هذا موعد أول أيام شهر محرم 1447 هجريًا    الغارات الإسرائيلية على طهران تستهدف مستودعا للنفط    اليوم.. الأزهر الشريف يفتح باب التقديم "لمسابقة السنة النبوية"    أصل التقويم الهجري.. لماذا بدأ من الهجرة النبوية؟    لافتة أبو تريكة تظهر في مدرجات ملعب مباراة الأهلي وإنتر ميامي (صورة)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 15-6-2025 في محافظة قنا    هاني رمزي: خبرات لاعبي الأهلي كلمة السر أمام إنتر ميامي    موعد مباراة الأهلي وإنتر ميامي والقنوات الناقلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنشأها "محمد علي" وحكومة "محلب" تتجاهل تطهيرها
الترع والمصارف منابع للأوبئة والأمراض انتشار الكبد الوبائي وشلل الأطراف بسبب التلوث المائي
نشر في الوفد يوم 09 - 01 - 2015

في إطار استكمال «الوفد» ما بدأته الأسبوع الماضي في العدد الصادر بتاريخ 29 ديسمبر الماضي حول «مصر تنتظر الغرق» بسبب انسداد مخرات السيول التي تملؤها أكوام القمامة والمخلفات والحيوانات النافقة، ويضاف إلي ذلك المخاطر الصحية والبيئية، والتي تهدد حياة قاطني المناطق السكنية حولها.
واليوم نتحدث عن كارثة مماثلة تضاف إلي ما سبق وهي الترع والمصارف التي أصبحت خارج الخدمة، وتهدد بكوارث مفاجئة بعد أن تحولت لمنبع للأوبئة والفيروسات.
الترع والمصارف .. تمثل كوارث صحية وقنابل بيئية وبؤر تلوث ومصادر للأوبئة والأمراض، تخترق الكتل السكنية بمحافظات القاهرة الكبرى وتحول حياة السكان المقيمين بجوارها إلى جحيم. وتزداد خطورة هذه الترع والمصارف مع إلقاء المصانع والمسابك لمخلفاتها بها، والتى تحولها إلى منابع للمواد الضارة والسامة، نتيجة وجود المواد الكيميائية والمركبات القاتلة، التى تمتلئ بها الكثير من المجارى المائية، وتتفاعل معها تلال القمامة وجثث الحيوانات النافقة والتي تطفو على مياهها، ويزداد الأمر خطورة مع عدم تطهير تلك الترع دورياً، ومن ثم أصبحت مصدراً للتلوث، وبيئة خصبة لنمو كل ما هو خطر على الصحة.
إنها كارثة حقيقية تزيد من معاناة المواطنين، خاصة مع وجود 8000 ترعة على مساحة 35 ألف كيلو متر، على مستوى محافظات مصر، والمشكلة الكبرى أن مسئولية تلك الترع متفرقة علي جهات عدة وكل جهة تتنصل من مسئوليتها.. وتتبادل وزارة الري والموارد المائية والمحافظات الاتهامات بإهمال تطهير الترع والمصارف، وأخطر مشاكل هذه الترع، هي استخدام البعض مياهها لري الفواكه والخضراوات بمياه الصرف الملوثة، وهو ما يتطلب البدء فوراً فى مشروعات معالجة الصرف الصحى والصناعى، حتى نشعر بتحسن ملموس فى نوعية مياه الرى والحد من تدهور التربة.
دق مهتمون بالبيئة «أجراس الخطر» بسبب انتشار التلوث داخل الترع والمصارف التى وصفوها ب«القنابل الموقوتة». مؤكدين أن عدم التزام الجهات المسئولة بالمرور علي المنازل، ونقل القمامة إلي المقالب العمومية بصفة مستمرة، بالإضافة إلي تأخر تنفيذ شبكات الصرف الصحي بالقرى، ما أدي إلي قيام الأهالى بتأجير جرارات أو عربات الكسح التي تقوم بدورها بإلقاء حمولتها في المصارف والترع في ظل غفلة من المسئولين لتتحول الترع والمصارف إلي مرتع للحشرات والزواحف، كما أنها تعج بالسموم، ولأنها بعيدة عن الاهتمام تستخدم أيضاً للتخلص من الجثث في جرائم القتل .. وكم من حادث وقع بدأ بالعثور علي جثة في ترعة أو مصرف.
فى هذا الملف، نكشف بالتفاصيل الدقيقة أخطار مخلفات الترع والمصارف على الصحة والبيئة، ونسجيل معاناة وآلام المواطنين المجاورين لها، وخلال جولتنا بمحافظات الجيزة والقليوبية، حيث وجدنا العديد من الترع والمصارف بدون تغطية أو تطهير وأكوام القمامة والمخلفات تكاد تسد المجري المائي لكل منها.
بدأنا الجولة بمحافظة الجيزة، ففي طريق لعبة وبشتيل وجدنا ترعة بشتيل التابعة لمركز إمبابة تفوح منها الروائح الكريهة التي لا يمكن تحملها تملؤها القمامة والقاذورات وتعج بالحيوانات النافقة، كما انتشرت المياه الملوثة بالصرف الصحي، وأصبحت الترعة مرتعاً خصباً للقوارض والحشرات والثعابين والميكروبات والأمراض.
وبسؤال أحد أهالى القرية، ويدعى ماهر عطا الله، 57 عاماً، لديه 3 أبناء، عن مشاكل قرية بشتيل، قال: إن أكبر مشكلة تواجهنا هي ترعة بشتيل التي تستغل كمصرف، فالقرية تستقبل عربات «النزح» التي تملأ المنطقة بمياه الصرف الصحي، وبعد ذلك تقوم بإلقاء حمولتها في الترعة، ما يتسبب في أضرار بالغة الخطورة على صحة المواطنين، وتعد بؤرة للتلوث، لذا أطالب المسئولين بردمها في الحال لأنها بلا فائدة، بل تسبب الأوبئة والأمراض.
وهذا الوضع موجود أيضاً في قرية باسوس أسفل الطريق الدائرى وجدنا تحول ترعة الشلاقانى إلي مقلب للقمامة والحيوانات النافقة، وأدي هذا إلي تلوث الترعة، على الرغم من استخدام مياهها الملوثة فى تغذية العديد من الأسماك بها، كما يساعد علي انتشار الأمراض والأوبئة في أنحاء المنطقة بالكامل.
وبالتحدث إلى أحد أهالى القرية، ويدعى مسعود عبد العاطى، «مزارع»، كان يقف أمام أرضه والحسرة تملأ نظراته، يتذكر كيف كانت تطرح هذه الأرض من المحاصيل التي كان يعيش هو وأسرته عليها، والتى تعانى الآن من نقص المياه.
ويحكى «عبد العاطى»: حاولنا كثيراً مخاطبة الجهات المسئولة بوزارة الرى، إلا أن أحداً لم يتحرك من هذه الجهات، ومازالت المشكلة قائمة، أضافة إلى تكبدنا أعباء إضافية نظير دفع مائتي جنيه عن كل ساعة بحفار وزارة الري، مقابل تنظيف الترعة من الهيش والقمامة المحتجزة عند فتحات الهاويس، ومع هذا لم تفلح تلك المحاولات المستمرة، كما أن شراء ماكينة أو عمل آبار المياه يحتاج إلى ملايين الجنيهات، والنتيجة أن الأراضى الزراعية مازالت تعانى من نقص المياه، بالإضافة إلى مخلفات الهدم على جانبى الترعة، ناهيك عن مشكلة الباعوض التي تؤرق مضاجع المواطنين وتفسد عليهم معيشتهم، ويطالب بضرورة معاقبة المخالفين حتى يكون ذلك رادعاً قوياً للجميع.
وعن أسباب الاعتماد علي هذه المياه رغم عدم صلاحيتها قال عاطف مرزوق «مزارع»: نعتمد عليها لعدم توافر مياه الرى في هذه القري، منذ سنوات طويلة، ونعلم أن خطورة الرى بالصرف الصحى ستقضى على الأرض الزراعية، لارتفاع نسبة ملوحة التربة، مما يهدد الأرض بالبوار، ولكن ما باليد حيلة.
وعندما اقتربنا من ترعة الزمر التابعة لمركز أوسيم بمحافظة الجيزة، وجدناها مليئة بالمياه الملوثة من صرف صحي وصرف زراعي، وبالرغم من اعتماد الكثير من القري علي الري منها مثل أرض اللواء والبراجيل وبشتيل، ورغم خطورة مياه الصرف الصحي، إلا أن هذا الوضع الخاطئ مازال مستمراً.
وكذلك الحال فى مصرف أرض اللواء التابع لمركز إمبابة ومصرف بولاق الدكرور ومصرف صفط اللبن، هذا بخلاف مصرف ناهيا التابع لمركز أوسيم بمحافظة الجيزة، الذى يمتلئ عن آخره بأكوام القمامة والنفايات ومخلفات المصانع، بخلاف مياه الصرف الصحي . كما تروي مياه مصرف ناهيا أراضي كرداسة ونكلا وكفر حكيم ومنشية البكاري والصليبة بمحافظة الجيزة .
نفس المأساة تتكرر في محافظة القليوبية، فخلال جولتنا بقرية «بنامول» التابعة للوحدة المحلية بنامول فى طريق طوخ وجدنا مصرفاً عمومياً يروى مئات الأراضى الزراعية داخل القرية، وهو عبارة عن مقلب للقمامة والحيوانات النافقة، ينتشر به الحشرات والميكروبات والأوبئة، مما يتسبب في كارثة صحية للمواطنين، خاصة أن هناك « معدية « يعبر المارة من خلالها إلي الجانب الآخر من الطريق.
أما ترعة الإسماعيلية - من ناحية الطريق الزراعى قليوبية، فشاهدنا العديد من التعديات والاشغالات فى وضح النهار بسبب المقاهي التي تلقي بمخلفاتها في الترعة التي تحولت ضفافها لمقالب للقمامة التي غطت أيضاً أجزاء من المجري المائي، بخلاف انتشار المواقف العشوائية لسيارات الميكروباص من الجانبين.
ونفس المشهد تكرر فى المصرف الموجود فى قرية أم بيومى، وكذلك مصرف القليوبية الرئيسي الموجود أمام مزلقان زكي، ومصرف أبوشنب بعزبة أبوشنب بالقليوبية، حيث تتكدس أكوام القمامة وتختلط مياه الصرف وبالمخالفات مما تشكل كوارث بيئية.
أما ترعة الخصوص التابعة لمركز الخانكة، فقد تحولت إلي مقلب لإلقاء القمامة والفضلات والمخلفات بها التي تنتشر علي سطح المياه، مما أدي إلي انتشار الروائح الكريهة، ويعد مرتعاً للأوبئة والأمراض والميكروبات، وللأسف يستخدم السكان هذه المياه في أمورهم الحياتية في غياب تام للأجهزة المعنية. وكذلك الحال فى ترعة بهتيم التي تعاني الإهمال مما يجعلها مظهراً من مظاهر التخلف.
وفي طريق قرية سرياقوس وجدنا مصرفاً بجواره مجزر يتبع مركز الخانكة بالقليوبية، ويتم إلقاء مخلفات ونفايات المجزر في المصرف، فالمياه علي طول المصرف تأخذ لون الدماء، ويتكدس المصرف بتلال القمامة التي تنشر الرائحة الكريهة .
ويقول عوض الله، أحد أهالى قرية سرياقوس: مصرف سرياقوس الذى يخترق الكتلة السكنية ويتبع مدينة الخانكة وقراها، يعتبر بؤرة تلوث تهدد حياة آلاف المواطنين الذين يتعرضون يومياً لسموم المصرف وحشراته، التى تهاجمهم بمنازلهم .
ويتكرر الحال في قرية ميت حلفا التابعة للقليوبية، حيث وجدنا ترعة كبيرة مليئة بمياه الصرف والحيوانات النافقة والقمامة ويستخدمها أيضاً بعض المواطنين المقيمين بالقرية في التخلص من الأحصنة والحمير النافقة. ونفس الشيء يتكرر بمصرف عزبة العمري ومصرف ميت السباع ومصرف شبلنجة التابع للوحدة المحلية لشبلنجة ومصرف عبدالملك بالقليوبية.
وبالقرب من قرية رضوان، وجدنا ترعة مليئة بمخلفات الصرف الصحى والزراعى والصناعى، بخلاف أسراب الناموس والحشرات والقوارض والأوبئة والميكروبات والروائح الكريهة، وبالرغم من ذلك تستخدمها نساء القرية لغسل أطباقهن وملابسهن مما يجعل الأهالي عرضة للأمراض وتستخدم مياه الترعة في أمور الحياة اليومية.
أما رشاح «البليسى» فهو يستقبل الصرف الصحي من محافظتى القاهرة والقليوبية، على امتداد الطريق الدائرى، بداية من المرج والقلج مروراً بمناطق عرب العيايدة وسرياقوس، ليصب فى الخانكة وأبو زعبل، ويتدفق منه ما يقرب من 10 آلاف متر مكعب من مياه الصرف الصحي، الناتجة عن مخلفات مجزر للدواجن المتواجد بمنطقة المرج، وصرف صناعي من أكثر من مصنع علي طول مجراه، وهو الأمر الذى تسبب فى انسداد دائم نتيجة ارتفاع منسوب المياه بالمصرف، مما أدى إلى غرق المنازل ومعظم الأراضى الزراعية، فى مناطق بركة الحاج ونوى وعزبة عنانى ومؤسسة الزكاة، وكلها تتبع حى المرج بالقاهرة، ناهيك عن الأضرار الصحية البالغة الخطورة على الأهالى المقيمين بتلك المناطق.
واعترف أهالى القرية ل «الوفد» بمعاناتهم اليومية قائلين: «لقد طفح بنا الكيل، ولم نجد مسئولا يهتم بأحوالنا السيئة، فنحن مهددون بالأمراض بسبب طفح مياه الصرف على منازلنا، وتلوث الأراضى الزراعية، وما نريده هو وضع حلول جذرية على أرض الواقع لمشاكل مصرف البليسى وطرق تطهيره ومعالجة الآثار المترتبة على رفع منسوب مياه الصرف ورفع كافة المخلفات به، وان يتم التسليك بعقد صيانة مستمر، وان يتم إغلاق المجزر المتواجد بمنطقة المرج.
وفي قرية ميت نما بحوض الورد طريق المدارس وجدنا ترعة تابعة لحي غرب شبرا الخيمة، وقد تكدست علي جانبيها أكياس القمامة ومخلفات الصرف الصحي والحيوانات النافقة، مما يساعد علي انتشار الأوبئة والأمراض.
فى البداية قال الدكتور جمال الصعيدى، رئيس قطاع الفروع الاقليمية بوزارة البيئة: إن الوزارة تقوم حالياً بإجراء مسح شامل لكل المنشآت الصناعية المتوسطة والصغرى فى المدن والقرى، التى تصب فى المجارى المائية، للتأكد من وجود محطات معالجة بها أم لا، ذلك وفق برنامج متكامل يهدف إلى حماية مصادر المياه والحد من التلوث.
وأشار «الصعيدى» إلى أنه يتم تنفيذ واتخاذ الإجراءات القانونية حيال المنشآت الملوثة، والتى ليس لديها خطة توفيق أوضاعها البيئية، لآثارها الخطيرة على الصحة والبيئة، وكذلك متابعة خطط توفيق الأوضاع للمنشآت الجادة. كما أننا نسعى جاهدين لتوفير خدمات مياه الشرب بالتعاون والتنسيق مع وزارة الإسكان.
مشيراً إلى أن النفقات السنوية المطلوبة لعملية تطهير الترع والمصارف - حسبما رصدتها وزارة الرى - تبلغ 150 مليون جنيه .
ولخص «الصعيدى» مشكلات التلوث فى كافة المحافظات فيما يتعلق بإدارة المخلفات الصلبة، حيث يقدر المعدل السنوى لتوليد النفايات الصلبة فى مصر بحوالى 70 مليون طن بالمدن، وحجم مياه الصرف الصحى المستخدمة فى الرى تبلغ 6 مليارات متر مكعب سنوياً، لذلك نسعى جاهدين لتحسين نوعية مياه الرى والحد من تدهور التربة، خاصة أنها تشكل خطراً جسيماً علي البيئة بوجه عام، وتهدد حياة المواطنين المقيمين في المناطق السكنية بجوارها، وهو ما يستلزم إجبار الشركات الصناعية بمعالجة النفايات السائلة قبل صرفها على المجارى المائية، ودعم تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار وإدارة وتشغيل مشروعات الخدمات بالمدن والقرى.
كما شدد «الصعيدى» بأنه سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية حيال غير الملتزم منها بخطط توفيق الأوضاع والاشتراطات والمعايير البيئية والتى ينظمها قانون البيئة رقم 4 لسنة 1994 والمعدل بقانون رقم 9 لسنة 2009. مطالباً أجهزة وزارة الرى والموارد المائية، وشرطة المسطحات المائية، إلى جانب أجهزة المحليات باعتبار هذه الجهات تقع عليها المسئولية كاملة، بضرورة التعاون من أجل إيجاد حلول سريعة للقضاء علي مشكلة التلوث التي تتفاقم يوماً بعد يوم.
فيما أوضح الدكتور هشام عطية الشخيبى، مدير المركز القومى للسموم بكلية طب قصر العينى، أن ارتفاع معدلات التلوث بالعناصر الثقيلة الناتجة عن مخلفات المنشآت الصناعية والمسابك الخطرة، تؤدى إلى إصابة المواطنين بأمراض عديدة أهمها ضمور العضلات وهشاشة العظام وشلل الأطراف والغيبوبة الكبدية والتهابات الكلى، بسبب ارتفاع معدلات تلوث المياه بمادة الرصاص لتأثيرها الكبير على الجهاز العصبى، حيث تروى بها الزراعات.
وأضاف الدكتور «الشخيبى» أن طرق الوقاية من مخلفات المصانع تتضمن نقل كل المصانع والمسابك خارج الكتل السكنية، كما يستلزم الأمر ضرورة المعالجة الصحيحة، ومن لا يلتزم بذلك يتم إغلاقه طبقاً لقانون البيئة لعام 1994، وللتأكد من تطبيق قواعد السلامة المهنية.
بالكشف الدورى المنظم علي جميع العاملين والموظفين بالمصانع والمسابك وعمل الفحوصات اللازمة للتأكد من عدم الإضرار بالدولة، وذلك بتحليل عينات التربة والهواء لضمان خلوها من التلوث، مشيراً الى أن أخطر المناطق المعرضة للتلوث بسبب الصرف الصناعي هي مناطق حلوان وشبرا الخيمة وأيضا منطقة جنوب القاهرة، حيث يوجد الكثير من المصانع التي تصب مخلفاتها في نهر النيل، بدءاً من رشيد ودمياط وصولاً إلى أسوان.
ووجه الدكتور «الشخيبى» رسالة لأصحاب المصانع المخالفة بضرورة احترام حياة الإنسان المصري.
وتابع: انه عندما يشعر المواطن المقيم بجانب المصانع الانتاجية بأي أعراض مرضية لابد أن يلجأ للطبيب لإجراء الكشف الطبى عليه، لكي يتم علاجه بشكل سريع وعاجل.
ووافقه الرأي محمد ناجى، خبير الحقوق البيئية. مؤكداً أن دستور 2014 أقر حق المواطنين فى بيئة نظيفة ومسكن صحى، وحق المزارعين فى الحصول على مياه للرى، وجرم الاعتداء على نهر النيل وموارد المياه واعتبرها جريمة لا تسقط بالتقادم.
أما الدكتور أنور الديب، أستاذ تلوث المياه بالمركز القومي للبحوث، فيحذر من خطورة وجود مخلفات المصانع ومياه الصرف عند استخدامها في رى الأراضى الزراعية، وقال إنها تحوي مواد كيميائية غاية في الضرر حيث تضم مركبات عضوية مثل المبيدات والأدوية ومركبات غير عضوية مثل مخلفات المصانع والمعادن الثقيلة كالرصاص والحديد والكروم والنيكل، هذا بخلاف المخلفات الآدمية وما بها من ملايين الميكروبات والبكتيريا والطفيليات المعدية مثل الأميبا والدوسنتاريا والفيروسات السامة والقاتلة، وكل هذا يتسلل من خلال مياه الصرف الصحي إلى النبات سواء خضراوات أو فاكهة ومنه إلى الإنسان ويتسبب فى انتشار الأمراض الخطيرة كالفشل الكلوي وتليف الكبد والفيروسات الكبدية والأورام السرطانية المختلفة، والنزلات المعوية للأطفال والجفاف للأطفال والكبار، وأيضاً يؤدي للإصابة بشلل الأطفال والحمى الصفراء والجرب والملاريا.
وأضاف الدكتور «الديب» أن ما يحدث بشأن الترع والمصارف يعبر عن غياب دور الرقابة من وزارة البيئة، لذلك يجب تفعيل القوانين التي تمنع ري الأراضي الزراعية بمياه الصرف، مع ضرورة وجود تشريعات تعاقب المخالفين، وأن يقتصر استخدام مياه الصرف المعالج علي زراعة الأشجار الخشبية ومزارع الزينة فقط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.