تزامنا مع الشكوك التي تزايدت مؤخرا لدى الدول العربية المشاركة في "التحالف الدولي لمواجهة داعش" وسعيها لتشكيل تحالف عربي للتصدي للإرهاب، تبدو معالم التفكك واضحة على "التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب" بقيادة واشنطن، انطلاقًا مما يجري من خلاف في وجهات النظر وراء كواليس الإدارة الأمريكية وفشل التحالف في كبح تقدم "داعش" بالعراق وسوريا، وإقرار العديد من المسئولين بعدم فعالية ضربات التحالف. تحرص القيادة السياسية المسئولة عن "التحالف الدولي" في بث العديد من الرسائل بعد كل حادثة اخفاق يمر بها التحالف، كان اقربها تحطم الطائرة العسكرية الأردنية ووقوع قائدها الطيار "معاذ الكساسبة" في الأسر على يد تنظيم "داعش" فهرعت أمريكا في التأكيد على صلابة التحالف خوفًا من تهديدات الأردن آنذاك بالانسحاب. ظهر في فيديو مؤخرًا، رجل يحمل السكين يقف بين رجلين آسيويين جالسين أرضا بملابس برتقالية وقال موجها رسالته إلى اليابانيين "لديكم 72 ساعة للضغط على حكومتكم لدفع 200 مليون دولار وانقاذ حياة مواطنيكما، وأضاف أنه إذا لم تدفع الفدية فإن "هذه السكين ستكون كابوسكم"، وقدمت الجماعة الرهينتين على أنهما "كينجي غوتو جوغو" و"هارونا يوكاوا"، من دون أن تحدد مكان تواجدهما، وقال المتحدث في فيديو جماعة "داعش" الارهابية إن مبلغ ال200 مليون دولار يوازي ما تعهدت حكومة اليابان بتقديمه في إطار مساعدات غير عسكرية في الحرب التي يشنها تحالف دولي عربي على هذه الجماعة. هذا الشريط جاء بعد أيام قليلة على جولة شرق أوسطية قام بها رئيس الوزراء الياباني "شينزو آبي وآبي"، حيث زار القاهرةوالأردن، ووعد بتقديم 2,5 مليار دولار كمساعدة إنسانية غير عسكرية ولدعم التنمية في دول متضررة من توسع "داعش" الذي سيطر على مناطق واسعة في العراق وسوريا. أعلنت الحكومة اليابانية وقتها أنها لن ترضخ "للإرهاب"، وقال الناطق باسم الحكومة اليابانية "يوشيهيدي سوغا"، "إن موقف بلدنا وهو المساهمة في المعركة ضد الارهاب بدون الاستسلام، يبقى ثابتا"، وأضاف أن "شريط الفيديو يتضمن تهديدات بقتل شخصين يبدو أنهما يابانيان، ونحن نتحقق من صحته"، وتابع "الحكومة اليابانية مصممة على بذل أقصى جهودها من أجل الافراج عن اليابانيين في أسرع وقت ممكن". سارع الائتلاف الدولي لمكافحة "داعش" في إعلان اهتمامه بالموضوع حيث عقد ممثلو الائتلاف جلسه في العاصمة البريطانية لندن، وعلى رأسهم وزير الخارجية الأمريكي "جون كيري"، ونظيره البريطاني "فيليب هاموند"، لمناقشة مستجدات الأمور المتعلقة بتنظيم داعش. على ما يبدو فإن الخطوة السريعة التي اتخذها الائتلاف في إعلان دعمه واهتمامه بقضية خطف الرهينتين اليابانيين هي محاولة لجر اليابان إلى الانضمام إلى التحالف أو على الأقل تقديم الدعم العسكري والمالي له، خاصة بعد بث التنظيم مقطعا صوتيا ل"كينجي كوتو" أحد المحتجزين اليابانيين يقول فيه إن التنظيم قطع رأس زميله "هارونا يوكاوا". ادانات واسعة طالت قضية قتل الرهينة الياباني، ودعوا إلى الإفراج "الفوري" عن الرهينة الياباني الثاني، حيث أعلن البيت الأبيض أن الرئيس "أوباما" اتصل برئيس الوزراء الياباني "شنزو آبي" لتقديم التعازي في مقتل الرهينة الياباني، كما قالت الرئاسة الفرنسية إن "رئيس الجمهورية يدين بشدة الاغتيال الوحشي لهارونا يوكاوا المواطن الياباني الذي خطفه إرهابيو داعش"، وأكد رئيس الوزراء البريطاني "ديفيد كاميرون" أن "القتل الوحشي المفترض لهارونا يوكاوا والتهديدات الاخرى التي أطلقها التنظيم تذكر من جديد بوحشية هؤلاء الإرهابيين"، كما أعربت مصر، عن إدانتها بأقسى وأشد العبارات واستهجانها الكامل لما تردد عن جريمة القتل التي وصفتها بالوحشية لأحد الرهينتين اليابانيين المحتجزين لدى "داعش". يطالب تنظيم "داعش" باطلاق سراح المسجونة في الأردن "ساجدة الريشاوي" مقابل إطلاق سراح الرهينة الياباني الثاني، ليعود بذلك اسم "الريشاوي" يتردد بعد غياب لسنوات. "ساجدة" هي امرأة حاولت تفجير نفسها عام 2005 خلال موجة الهجمات الإرهابية التي ضربت آنذاك الفنادق الأردنية، غير أنها فشلت في مهمتها، وقد وصفها تنظيم داعش في بيانه ب"الأخت الأسيرة"، عارضًا مبادلتها بالرهينة اليابانية، ولم تظهر "الريشاوي" إلى العلن منذ تسعة أعوام، إذ أنها مسجونة في الأردن منذ اعتقالها عام 2005، وقد ظهرت في نوفمبر 2005 على شاشة التلفزيون الأردني لتقدم إفادتها عن محاولتها الفاشلة للمشاركة في الهجمات على الفنادق التي أدت آنذاك إلى مقتل 57 شخصا، وقالت "الريشاوي" "زوجي فجّر قنبلته، وأنا حاولت تفجير قنبلتي، ولكنني فشلت فر الناس من المكان، وأنا ركضت معهم". رفضت الأردن إظهار أي استجابة لطلب التنظيم، وقالت انها تدرس صحة الفيديو، فيما لم تجيب عن ما إذا كان الفيديو صحيح فهل سيقبل الأردن بإطلاق سراح المسجونة "ساجدة الريشاوي" مقابل إطلاق سراح الرهينة الياباني؟.