لم يمض على تشكيل ما يسمى ب"التحالف الدولي" لمواجهة تنظيم داعش الإرهابي في العراقوسوريا أكثر من 4 شهور، ثبت خلالها فشل هذا التحالف في القضاء على التنظيم الإرهابي ووقف تقدمه، الأمر الذي أثار مخاوف العديد من الدول العربية التي تشارك في هذا التحالف، وتأكدت أنه جاء إرضاء للمطامع المادية الأمريكية، فضلا عن أنه يجلب عدد من الامتيازات لواشنطن عبر إطالة أمد الحرب في منطقة الشرق الأوسط. أصبح من الطبيعي خلال الفترة الراهنة تركيز الأردن على تشكيل «تحالف عربي» للاشتباك ميدانيًا مع تنظيم داعش في العراقوسوريا، خاصة بعد حادث سقوط الطائرة الأردنية واحتجاز الطائر معاذ الكساسبة لدى التنظيم، وذلك على خلفية ضغوط شعبية وسياسية تطالب المملكة الهاشمية بتحمل مسئوليتها إزاء الحادث وخروجها من التحالف الدولي الذي تم تشكيله لمواجهة داعش. وفي هذا السياق ثمة أدلة ظهرت في الاجتماعات الفنية عند تقييم كل معطيات حادثة سقوط الطائرة الأردنية المقاتلة فوق أراضي الرقة السورية تطرح عدة تساؤلات حول امتناع غرفة عمليات التحالف عن تنفيذ بروتوكول متفق عليه لإنقاذ الطيار قبل أسره، وحول عدم قيام طائرة إنقاذ مساندة بواجبها ضمن السرب المقاتل. الأردن ليست وحدها التي تتملكها الشكوك خلال الأيام الجارية من جدوى التحالف الدولي، بل هناك الإمارات أيضا بعدما ظهرت معلومات أخرى عن «إحداثيات مضللة وغير مفيدة» تمنح للمشاركين من الطيارين العرب في التحالف وعن «أحداثيات» حقيقية تقدمها الغرف العربية ولا يتم التعامل معها بجدية. لدى السعودية أيضا ملاحظات مماثلة في ما يخص العمليات الأمريكية ضد داعش خاصة عمليات الطيران، وهناك شعور يتنامي بأن الولاياتالمتحدة غير جادة في تنفيذ عمليات جذرية تقلل من قوة التنظيم أو تضعفه على الأرض، وهو أمر بدأ بعض السفراء الخليجيين في أوروبا والمنطقة يعيدونه لاحتمالات التركيز على الابتزاز المالي على أمل أن لا تنتهي المعركة ضد «داعش» في وقت قريب ويتم الالتزام بالبرنامج المعد سلفا وقوامه ثلاث إلى خمس سنوات. وبعيدًا عن التراخي الأمريكي في العمليات التي يقودها التحالف ضد داعش، نشرت تقارير تتحدث عن تقديم واشنطن مساعدات عسكرية للتنظيم لاستمراره في الصمود، بعدما تم تداول فيديوهات تثبت القاء طائرات أمريكية شحنات عسكرية وأسلحة في مناطق تخضع لسيطرة التنظيم بمنطقة كوباني ومناطق أخرى، الأمر الذي أكده داعش على حساباته في كل مناسبة بأن عناصره استولوا على ذخيرة أمريكية متقدمة. من هنا بدأ الحديث في أكثر من مناسبة علنا عن الاستعداد لتشكيل تحالف عربي لمواجهة مخاطر التنظيم حيث دعا ملك الأردن عبدالله الثاني الدول الإسلامية إلى تشكيل ما أسماه تحالف عربي إسلامي لمحاربة الإرهاب في المنطقة، فيما أشارت الغرف المغلقة للدول العربية وخاصة الخليجية إلى التفكير في عدم التعويل على أمريكا في حربها على داعش والاعتماد على تكوين تحالف عربي لمواجهة التطرف بالمنطقة خاصة في سورياوالعراق وليبيا. الأمر الآخر والذي بدا واضحًا فور ظهور الرئيس الفرنسي «فرانسوا هولاند» على حاملة شارل ديجول لإلقاء خطابه حول حادثة شارلي ايبدو الأخيرة وإشاراته بأنه قد يرسل السفينة العسكرية إلى الشرق الأوسط للمشاركة ضد تنظيم داعش، الأمر الذي يعيد إلى الأذهان السيناريو «المالي» بمعنى أن تعود فرنسا للمنطقة عسكريا بصورة منفردة وبعيدا عن الحسابات الأمريكية وبدعم أوروبي للمنطقة. تساؤلات تطرح وتحليلات تكتب حول المرحلة المقبلة بعد كل هذه الشكوك والتخوفات العربية، إلا أن خسارة الجولة الأولى في الحرب على التطرف والإرهاب باتت أكيدة، بعدما تناست الدول العربية بتعويلها على أمريكا أن واشنطن هي سبب تدمير العراق و أنها من زرعت الإرهاب ومولته لجني ثروات المنطقة.