لم تعد هناك جهة بعينها هي المسئولة عن توفير غذاء آمن وصحي للمصريين، فكل الأطراف المعنية شريكة في ذلك، بداية من الفلاح، ووصولاً لرئيس الجمهورية. ففي ظل قوانين الزراعة والتي مر على صدورها ما يقارب النصف القرن لم تعد العقوبات التي تنص عليها رادعة، فأصبح من غير المقبول أن يتم معاقبة تجار المبيدات المهربة والمغشوشة بغرامة مالية قدرها 10 جنيهات فقط! تزامنًا مع تزايد إقبال الفلاحين على استخدامها؛ للتغلب على انخفاض أسعار محاصيلهم بزيادة كمياتها؛ نتيجة تقاعس الدولة عن إلغاء الحلقة الوسيطة في تسويق محاصيلهم (التجار)، أو اللحاق ببداية الموسم؛ للحصول على عائد أكبر؛ للتغلب على ارتفاع تكاليف الزراعة، بعد رفع الدعم عن مستلزمات الإنتاج. من جانبه قال الدكتور سيد الماحي أستاذ المبيدات بزراعة القاهرة إن تداول المبيدات في مصر يخضع للعرض والطلب، بعيدًا عن قانونية المنتج من عدمه؛ لأن كل ما يهم الفلاح هو سعر المبيد، لذلك نجد أن الإقبال شديد على المنتجات الصينية المهربة؛ لأنها تباع بربع الثمن، في الوقت الذي يواجه تسجيل المبيدات العديد من العوائق، مما يضطر التجار إلى التعامل في المبيدات المغشوشة والمهربة؛ لارتفاع هامش الربح بها، ولذلك يجب وضع قوانين رادعة وحلول جذرية للحد من تداولها في ظل غياب الجهات الرقابية. وشدد أستاذ المبيدات على أنه في ظل الممارسات الخاطئة من الفلاحين في كيفية استخدام المبيدات والقوانين البالية لن يتم السيطرة على سوق المبيدات المغشوشة في مصر؛ مما يعرض صحة المصريين للخطر، محذرًا من أن كل المواد الكيميائية والمبيدات وحتى الأدوية إذا لم يتم تطبيق شروط تداولها كما هو مدون عليها، تصبح خطرًا على الصحة العامة، لافتًا إلى أن الموضوع ليس قاصرًا على المبيدات الزراعية، فكل مبيد له فترة عمر تتراوح ما بين ثلاثة إلى خمسة عشر يومًا، بعدها ينكسر ويتحلل إلى مركبات أخرى، إلا أن الفلاحين يتسرعون في عملية الجنى قبل مرور تلك الفترة وطرح محصولهم في الأسواق؛ رغبة في المكسب السريع. وأشار الماحي إلى أن كمية المبيدات التي تستخدم في الولاياتالمتحدةالأمريكية تمثل عشرة أضعاف ما نستخدمه في مصر، إلا أن المزارعين بها يلتزمون بتطبيق الإرشادات المدونة على كل عبوة؛ ولذلك لا نسمع أن هناك حالات تسمم ظهرت في أمريكا نتيجة تناول خضراوات عليها متبقيات مبيدات، محذرًا من تناول الخضراوات في غير موسمها، والتي يتم زراعتها في الصوب التي يتم استخدام المبيدات بها أكثر من مرة في اليوم الواحد؛ لكونها بيئة مناسبة لنمو الفطريات التي تهدد الزراعات بها، مشددًا على أنه يجب أن تراعى نسبة متبقيات المبيدات على المحاصيل التي يتناولها المصريون، كما تراعى مع المحاصيل التي يتم تصديرها إلى الخارج. وأكد الدكتور محمد عبد المجيد، رئيس لجنة المبيدات بوزارة الزراعة، أن هناك تقصيرًا في الجانب الرقابي بأسواق المبيدات، مشددًا على ضرورة وضع منظومة رقابية، إلا أنها ستستغرق وقتًا طويلاً؛ لوجوب شمولها تغييرًا في قوانين تداول المبيدات والتي ما زالت تعاقب التاجر المخالف بعشرة جنيهات فقط، وهي غرامة مالية غير رادعة في مقابل الجرم الذي يرتكب ضد صحة المصريين. وأشار عبد المجيد إلى حتمية زيادة عدد المفتشين إلى 25 مفتشًا بكل محافظة، بإجمالي 600 مفتش على مستوى محافظات الجمهورية؛ لإحكام السيطرة على أسواق المبيدات المغشوشة، مشيرًا إلى أنه يجرى تنفيذ آلية للتعاون بين مفتشي المبيدات وشرطة البيئة والمسطحات؛ لمتابعة المخالفات والسيطرة على أسواق البيع؛ لضمان تداول المبيدات المسموح بها من اللجنة طبقًا للمعايير الدولية لمنظمة حماية البيئة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، مع التزام الدولة بتحسين الدخل المادي للمفتشين لضمان فاعلية الرقابة.