بيت الخبز، مسقط رأس نبي الله «عيسى».. تجهزت «بيت لحم» للعيد وأضاءت شجرة الميلاد، ارتدت شوارعها وأزقتها وكنائسها حلة الفرح، والتقط الحجاج -بمختلف ألوانهم وأجناسهم- الصور التذكارية أمام الشجرة العتيقة، زينت النجوم المضيئة شوارع المدينة القديمة، وعرضت الأسواق القطع الخشبية التذكارية والتراثية وحلوى العيد.. لم لا وهي مدينة الحرف اليدوية، إذ تتعدى فيها ورش المنتجات التراثية ال300 ورشة. قبل أن يتجهز بابا نويل الفلسطيني لتوزيع هدايا الميلاد، احتفلت أرض البرتقال والليمون بإطلاق «دليل لمدينة بيت لحم والأرض المقدسة»، ذلك الكتاب الموسوعي الذي ألفه الأكاديمي الدكتور قسطندي الشوملي، وساهمت فيه المحاضرة في جامعة بيت لحم، سوسن الشوملي، عن بيت لحم التي اعتادت أن تملأ العالم ببهجة العيد، في كنيسة المهد ومسجد الفاروق عمر بن الخطاب. الكتاب ذو أهمية بالغة، إذ يتناول الأماكن التاريخية والدينية في الأراضي المقدسة، وصاحبه سبق وأصدر العديد من الكتب التي ساهم من خلالها في توضيح العديد من المعلومات التاريخية والدينية التي تخدم الرواية الفلسطينية، لذا فالكتاب يضيف جذبًا إضافيًا إلى هذه الأماكن، كما يثبت هويتها الفلسطينية. مؤسسة الكاريتاس بالقدس، كان لها الدور الكبير في دعم هذا الكتاب ماديًا، من أجل إصداره باللغة الإنجليزية، ويقول رئيسها الأب رائد أبو ساحلية: لابد من دعم هذا النوع من الكتب من أجل نقل رسالتنا وروايتنا الفلسطينية، ودحض روايات الكيان الصهيوني، التي يحاول من خلالها تشويه الحقائق التاريخية والدينية في الأراضي المقدسة، و«كاريتاس القدس» تسعى لإيجاد التمويل اللازم من أجل ترجمة الكتاب إلى اللغات الأخرى، فالكتاب يأتي كمحاولة رائدة من أجل تقديم بيت لحم وضواحيها لكل زائر بالنص والصورة، وعرض الأماكن التاريخية والدينية، وإعطاء التفاصيل الوافية في إطار ثقافي. يحتوي الكتاب على فصل يروي تاريخ المدينة منذ نشأتها حتى اليوم، وآخر يصف معالم المدينة التاريخية، الدينية، والثقافية المختلفة، بالإضافة إلى فصل يصف كنيسة المهد ومغارة المهد والأديرة المحيطة بها، وشمل أيضًا على معلومات وافية عن المواقع التاريخية والأثرية الأخرى في "القدس، أريحا، رام الله، نابلس، الخليل، جنين، وغزة". ساهم «الشوملي» في الحراك الأدبي الفلسطيني بعدد كبير من الأبحاث حول الصحافة الفلسطينية، واستطاع أن يضع سلسلة من الفهارس الخاصة بالصحف القديمة، وتهدف الدراسات التي قدمها إلى دراسة الحياة الأدبية في فلسطين خلال النصف الأول من القرن الماضي، من خلال الصحافة الأدبية، كرمته مؤخرًا جامعة بيت لحم، في حفل افتتاح مؤتمر الأدب الفلسطيني الدولي الثامن «لسان العرب»، فأكد عقب التكريم: أدب المقاومة بدأ من فلسطين. بيت لحم، أحد أهم المراكز الثقافية والسياحية بالضفة الغربية، تبعد 10 كم إلى الجنوب من القدس، وتضم عددًا من القرى والبلدات، على رأسها بلدة بيت ساحور، التي تسمى أيضًا ببلدة الرعاة الذين بشروا بميلاد المسيح عليه السلام، تعتمد القاعدة الاقتصادية لها على الزراعة بشكل رئيسي، وتشتهر بالزيتون والعنب واللوز، وأهم الصناعات اليدوية التي تعمل عليها صناعة الصوف والحفر على خشب الزيتون وصناعة البلاستيك. تأتي بعدها قرية العبيدية،التي يعتمد سكانها على تربية الماشية والزراعة في معيشتهم بالإضافة إلى بعض المهن الحرة، تعتمد الزراعة على مياه الأمطار كمصدر أساسي للري والشرب، وتتميز بالتجمعات السكنية المتناثرة، وقرية الخضر وفيها دير القديس "مار جريس" الذي شيد في ظل الانتداب البريطاني، وتشتهر بزراعة الكروم والتين والخوخ، والتفاح والسفرجل، وعرفت بجودة خضارها لكثرة ما فيها من المياه والينابيع، وقرية تقوع القديمة، التي كانت أحد حصون الفرنج ولا زالت بقاياها ماثلة للعيان. أما قرية بيت فجار، فقد ابتعد سكانها عن الزراعة، واعتمدوا اقتصاديًا على قطع الحجارة، إذ يوجد فيها 52 منشار حجر،على عكس قرية نحالينالتي سميت بهذا الاسم بسبب اشتهارها قديمًا بتربية النحل، ولا زال يعتمد السكان في معيشتهم على الزراعة ورعاية الماشية بالرغم من عدم توفر المراعي، كما تشتهر بزراعة الزيتون واللوزيات والعنب والخضراوات، وتورّد إنتاجها إلى مدينة بيت لحم والقدس. هناك أيضًا قرية حوسان، وقرية بتير وتعني "بيت الطير"، وكانت في عهد الرومان قلعة حصينة، كما أنها موقع أثري يحتوي على أساسات أبنية، برك، أرضيات، مرصوفة بالفسيفساء، كما هو حال قرية إرطاس وتعني باللاتينية الحدائق والبساتين، وتشتهر أيضًا بالمعالم الأثرية، ففيها معبد أقيم على أنقاض المسجد القديم الذي بني كمقام لسيدنا عمر بن الخطاب عندما زار القدس ومر بمدينة بيت لحم، وفيها دير إرطاس، وبرك سليمان القريبة من القرية التي أقامها السلطان العثماني سليم القانوني. نهايةً بقرية بيت صفافا وهي تحريف لكلمة "صفيفا" السريانية، بمعنى العطشان، فيكون المعنى "بيت العطشان"، التي بنى الفرنج فيها قلعة حصينة، قاومت اليهود الغزاة عام 1948م، ولم ينزح السكان عن قريتهم، وكان على رأس المقاتلين المجاهد الكبير "عبد الله العمري"، كما تعاون سكانها مع الجيش المصري، وبنوا معه خطوط دفاع عن القرية وحفروا الخنادق، ولما أبرمت اتفاقية الهدنة قسم خط الهدنة قرية بيت صفافا إلى قسمين، وأعطي نصفها لليهود.