لم يتوقف الرئيس عبد الفتاح السيسي، منذ توليه الحكم، عن إصدار قوانين تغطي شتى مجالات حياة المصريين، بدءًا من قانون تنظيم التظاهر وانتهاءً بقوانين المرور وتنظيمها، مما يعد كارثة حقيقية، خاصًة فى ظل غياب مجلس نواب منتخب. أصدر الرئيسان «عدلي منصور وعبد الفتاح السيسي» ما يزيد على 110 قوانين على مدى عامين ونصف، ليجد مجلس النواب المنتظر نفسه أمام مهمة مستحيلة لمناقشة هذه القوانين وإقرارها أو إلغائها خلال 15 يوما فقط من تاريخ انعقاده، وإلا تصبح هذه القوانين لاغية وتزول أى قوة قانونية لها بأثر رجعى. وبحسبة بسيطة، سيكون على مجلس النواب مناقشة وإقرار أكثر من 6 قوانين فى اليوم الواحد بطاقة إنتاجية تزيد على قانون كل 4 ساعات، إذا افترضنا أن المجلس سيعمل لمدة 24 ساعة يوميا ولمدة 15 يوما متصلة. تنص المادة 156 من الدستور المصرى الجديد على «إذا كان مجلس النواب غير قائم، يجوز لرئيس الجمهورية إصدار قرارات بقوانين، على أن يتم عرضها ومناقشتها والموافقة عليها خلال خمسة عشر يوما من انعقاد المجلس الجديد، فإذا لم تعرض وتناقش أو إذا عرضت ولم يقرها المجلس، زال بأثر رجعى ما كان لها من قوة القانون، دون حاجة إلى إصدار قرار بذلك، إلا إذا رأى المجلس اعتماد نفاذها فى الفترة السابقة، أو تسوية ما ترتب عليها من آثار». معنى هذا أن التحايل على الاستحقاق الدستورى الذى كان يفرض البدء الجدى فى إجراءات الانتخابات البرلمانية يوم 18 يوليو الماضى، بحيث لا ينتهى العام الحالى إلا ويكون لدينا برلمان، قد صنع لغما تشريعيا يهدد استقرار مصر بمخاطر غير مسبوقة. «السيسي» مهدد بالعزل إذا اختلف البرلمان حول قانون الرئاسة وعلى الرغم من اختلاف بعض الفقهاء القانونين حول تلك المادة، إلا أن الجميع أكد ان البرلمان المقبل لابد أن يراجع كافة القرارات والتشريعات التى اتخذها «منصور والسيسي»، وعلى رأسها الخاص بالانتخابات الرئاسية، ففي حالة عدم موافقة البرلمان المقبل عليه، يتم إلغاء ما ترتب علي كافة القرارات التى أصدرتها السلطة، وهذا يعني أن «السيسي» مهدد حتى وصول البرلمان ومناقشة كافة التشريعات التى أصدرها وسابقه. الأمر الذى ينذر بكارثة تشريعية حقيقة لا أحد يعلم مداها؛ وهل سيأتي البرلمان المقبل وفقًا لرؤية من السلطة حتى لا يحدث هذا التخبط، أم أن السلطة الحالية تدرك ذلك جيدًا، وسوف تجعل سلطة الدستور والبرلمان تفوقها. قانونيون: البرلمان المقبل سيكون مثيرًا للسخرية يقول الدكتور شوقي السيد، الفقيه الدستوري، إن كافة القوانين والقرارات التي لها قوة القانون وأصدرت بعد إعلان الدستور الجديد وقبل إنشاء البرلمان بقرار من الرئيس السابق عدلي منصور أو الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، سيكون هناك إلزام لعرضها على البرلمان المقبل. وأضاف "شوقي" أن المادة 156 من الدستور تشير إلى أن البرلمان قادر على إلغاء كافة القوانين، على أن يكون ذلك بأثر رجعي، وهو ما يعنى أن كثيرًا من الأمور قد يتم تغييرها، مثل الإفراج عن المعتقلين بناء على خرق قانون التظاهر وقوانين المرور وسلامتها، وكافة القوانين السياسية وغيرها. وتابع الفقية الدستوري، أن البرلمان ربما يرى قانون الانتخابات الرئاسية نفسه غير ملائم أو غير مقبول، ويترتب على رفض قانون الانتخابات الرئاسية، إلغاء نتائجها، وبقاء الدولة بلا رئيس جمهورية. من جانبه، أكد الدكتور محمد عبد الفتاح، الفقيه الدستوري بجامعة القاهرة، إن المادة 156 من الدستور الجديد، توضح آلية التشريع بين كل من الرئيس والبرلمان، في ظل غياب البرلمان بمختلف صوره، لافتا إلى أنه حال وجود عطلة برلمانية أو عدم وجود البرلمان من الأساس – الحالة التي تنطبق على وضع البلاد حاليا- فقد ألزمت المادة بضرورة عرض التشريعات التي يصدرها رئيس البلاد على البرلمان عقب تشكيله وضرورة الحصول على موافقة البرلمان على تلك القوانين. وأوضح "عبد الفتاح": «لو أن رئاسة الجمهورية رشدت من استخدام سلطتها الاستثنائية فى التشريع، وقصرت استخدامها على حالات الضرورة القصوى، لما وجدنا أنفسنا أمام هذا المأزق الذى لن يكون له حل سوى تحايل جديد على الدستور أو تحويل البرلمان الجديد إلى كيان مثير للسخرية، يناقش القانون ويراجعه، ويقره فى أقل من ساعة، رغم أن الكثير من هذه القوانين أثارت جدلا واسعا عند صدورها». خبير سياسي: البرلمان المقبل سيبارك قرارات السلطة ومن الناحية السياسية، قال الدكتور محمود سلمان، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن المؤشرات الحالية تؤكد أن البرلمان المقبل، لن يكون معبرا عن الثورة مثلما يتمنى البعض، ولن يراجع كافة القرارات التى اتخذها "السيسي ومنصور" ويعترض عليها، مشيرًا إلى أن السلطة الحالية تحاول "تسبيك" البرلمان المقبل؛ ليبارك أفعالهم وقراراتهم سواء كانت صوابا أو خطأ. وأكد "سلمان" أن الجميع يطالب أن يأتي البرلمان المقبل معبرا عن الثورة وعن أهدافها، وأن يراجع كافة قرارات السلطة، بداية من قانون التظاهر وحتى القوانين التى اتخذت في الجامعات، علاوة على قوانين الاستثمارات والإرهاب وغيرها.