«حمل المصاحف ورفعها عالياً بالمسيرات، انتفاضة الشباب المسلم، معركة الهوية».. كلمات ترددت فى الآونة الأخيرة من جانب ما يسمي بالجبهة السلفية ودعوتها للخروج يوم 28 من نوفمبر الحالي في مسيرات للمطالبة بتطبيق الشريعة والعودة للهوية الإسلامية – بحسب ادعاءاتهم. بالتدقيق فى الدعوة المزعومة، نلاحظ تشابه الفكر الخداعي مع الحيلة التي لجأ إليها معاوية بن أبي سفيان خلال حربه ضد علي بن أبي طالب في واقعة "صفين" لنزاعهم علي الخلافة الإسلامية عقب مقتل عثمان بن عفان، فبعد أن شعر "معاوية" بقرب انتصار "علي"، انتهز الوازع الديني للمسلمين، وطالب جيشه بوضع المصاحف علي أسنة الرماح والخروج بها للمطالبة بتحكيم القرآن في خلافه مع "علي" فى محاولة لإحداث وقيعة مع جيشه، وهو ما تم عندما وافق ابن ابي طالب علي التحكيم ورفض غالبية جنوده. تتشابه حالياً دعوة الجبهة السلفية مع دعوات "معاوية" قديما، في كونها تطالب بحمل المصاحف، حتي إذا وقعت مصادمات وسقط مصابون، يتم الحديث عن حرب ضد الدين والإسلام، ومن جانب آخر تسعي لاستثارة الوازع الديني داخل بعض المصريين لتحفيزهم على الخروج والمشاركة. يقول الدكتور عباس شومان، وكيل مشيخة الأزهر، إن دعوة ما يسمي بالجبهة السلفية للنزول، أمر لا داعي له، ولن يحقق أية نتيجة، مشيراً إلى أن المطالب برفع المصاحف عالياً، أمر ضد الإسلام لأن القرآن الكريم، مهمته تعريف المسلمين بأصول دينهم، وليس الاستخدام فى التظاهرات، متابعا: «وارد في حال التزاحم أو لأي أمر ما، أن يسقط المصحف من يد حامله، مما يتسبب في إهانة للقرآن». وأضاف "شومان" ل"البديل" اليوم، أن ما يحدث هو استدعاء للفتنة التي وقعت في العصور الأولي للإسلام بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، ومحاولة إشعال خلافات بين المسلمين قد تؤدي بالبلاد إلي ما لا يحمد عقباه، مؤكدا رفض الأزهر المشاركة فى تلك الدعوة المزعومة. من جانبه، أكد أحمد بهاء الدين شعبان، أمين عام الحزب الاشتراكي المصري، رفضه التام لتلك الدعوة، واصفاً إياها بالمؤامرة الإرهابية من جانب بعض الدول الخارجية التي تسعي لإثارة الفتنة ودفع الشعب المصري للاقتتال الطائفي والحرب الأهلية، مطالبا الدولة بضرورة اتخاذ موقف حاسم وسريع بحق تلك الدعوة وعدم الانتظار ليوم 28 نوفمبر. وأوضح "بهاء الدين" أن الدعوة ستلاقي فشلاّ ذريعاً، ولن يشارك فيها المصريون، لافتاً إلى أن المواطن أصبح لديه من الوعي لمعرفة المؤامرات التي تحالك ضد البلاد وأمنها، ومشدداً في الوقت ذاته علي ضرورة محاكمة من يشارك بها لمحاولته إسقاط الدولة. وفى نفس السياق، قال اللواء طلعت مسلم، الخبير العسكري والأمني، إن دعوات الجبهة السلفية، ستذهب أدراج الرياح، ولن تجد استجابة سوي من مؤيدي التيار أنفسهم، منوهاً إلى أن الدعوة ستوضح فقط مدي ضعف الجبهة وعدم تأثيرها علي الشارع المصري. وألمح "مسلم" إلي أن الداخلية ستتعامل مع تلك الدعوة وفقاً لقانون التظاهر، الذي ينص صراحة علي ضرورة الحصول علي ترخيص لتنظيم أية مسيرة، مشيراً إلى أنه يحق لرجال الشرطة القبض علي المحرضين للتظاهرة لمخالفتهم القانون، فيما أوضح أنه يجوز فى حالة استخدام العنف من جانب المشاركين بتلك الدعوة، الرد بالمثل من جانب الشرطة باستخدام الرصاص الحي.