وضع خطة «المصاحف» لايقاف انتصارات على بن أبى طالب.. وعودته لولاية مصر مكافأة نجاح المخطط تظاهر بالغيرة على دماء الخليفة.. وساند معاوية في قتاله ضد على دعا جيوش الشام لرفع المصاحف.. ودبر لوصول الأمويين للخلافة معاملته السيئة ل«المصريين» أطاحت به من «كرسى الولاية» 592ميلادى.. ولد عمرو بن العاص السهمى القرشى الكنانى، وهو القائد العربى وأحد صحابة الرسول المصادر: كتاب تاريخ عمرو بن العاص د.حسن إبراهيم حسن الحديث عن العلاقة بين الصحابيين معاوية بن أبى سفيان وعمرو بن العاص - ووفقا لما أوردته كتب التاريخ - قد يخلو بعض الشىء من مفاهيم الولاء والتضحية المتعارف عليها لدى شخصيات القيادات ورجالهم، إذ تكمن الرغبة في السلطة والمصالح الشخصية وراء هذه العلاقة التي بدأت تقريبا مع خلافة عثمان بن عفان رضى الله عنه، والمعروف أن معاوية كان من مؤيدى عثمان بن عفان منذ البداية وذلك وفقا لما يحتمه عرف القبائل حيث إنه من بنى أمية مثله، وكان معاوية طامعا في الخلافة من بعده لذا حرص على الوقوف لجواره، أما عمرو بن العاص كان هدفه ولاية مصر لا أكثر، لذا ألح على عمر بن الخطاب أثناء خلافته ليسمح له بفتح مصر، وفى عهد عثمان اضطربت العلاقة بينهم بشكل كبير ما أثار عمرو ضد عثمان، وبعد أن ثارت الأمة على خلافته للمسلمين قتل عام 35 ه، ورجع عمرو بن العاص مجددا ليتظاهر بحبه لعثمان وضرورة القصاص لدمائه وكل هذا في سبيل كسب رضاء معاوية حتى لا تضطرب الأمور مجددا ويفقد ولايته على مصر. التفاصيل وراء هذه الملابسات كثيرة وأوردتها كتب التاريخ بشكل مفصل، فالبداية كانت مع تولى عثمان بن عفان الخلافة بعد مقتل الخليفة عمر بن الخطاب، حيث عزل عمرو بن العاص، وولى عبد الله بن سعد بن أبى السرح على مصر سنة 24ه. ويقال إن سبب العزل هو تشدد عمرو بن العاص في جمع الضرائب بعد أن قهر المصريين وعاملهم بقسوة مفرطة، لذا بعث المصريون إلى الخليفة عثمان بن عفان يطالبونه بعزله وأن يولى عليهم من هو ألين منه، وبالفعل عزل عمرو بن العاص وتولى ولاية مصر عبد الله بن أبى السرح، وكانت هذه الواقعة سببا في كراهية عمرو بن العاص للخليفة عثمان بن عفان. وبعد مقتل عثمان، بايع ولاة الشام والعراق على بن أبى طالب - كرم الله وجه- لتولى خلافة المسلمين، فرفض في البداية كثيرا ولكنه قبل الخلافة بسبب ما كانت عليه الأمة من فرقة بعد مقتل عثمان، ولكن سرعان ما انقلب عليه معاوية بن أبى سفيان مطالبا بالقصاص ل عثمان بن عفان قبل أن يبايعه خليفة للمسلمين، حيث كان يأمل هو في الخلافة من بعد عثمان بن عفان وكثيرا ما رتب لها وانتظرها، وانضم له آنذاك عمرو بن العاص في سبيل التمهيد لتعود له ولاية مصر مجددا، والغريب أن عمرو بن العاص رغم ما كان بينه وبين عثمان إلا أنه أظهر لمعاوية غيرته على دماء خليفة المسلمين وأصر على القصاص والثورة ضد على بن أبى طالب. وعندما تسلم على بن أبى طالب الحكم، امتنع معاوية بن أبى سفيان وأهل الشام عن مبايعته خليفة للمسلمين، فأصدر على بن أبى طالب أمرا بعزل معاوية بن أبى سفيان عن إمارة الشام، لكن معاوية رفض، فانطلق خليفة المسلمين الإمام على بن أبى طالب من الكوفة في العراق يريد قتال أهل الشام الذين امتنعوا عن مبايعته، ودارت معارك هائلة بين فريق على وفريق معاوية راح ضحيتها 70 ألف مسلم تقريبا، حيث قاد عمرو بن العاص جيوش الشام مرتين لقتال جيوش على بن أبى طالب، ما جعل معاوية يرضى عن أدائه، خاصة لما رأى معاوية بن أبى سفيان انتصارات جيش على بن أبى طالب، فطلب من عمرو بن العاص خطة للوقوف أمام هذه الانتصارات. فدبر عمرو خدعته الشهيرة حيث دعا جيش معاوية إلى رفع المصاحف على أسنة الرماح، ومعنى ذلك أن القرآن حكم بينهم، ليدعو جيش الخليفة إلى التوقف عن القتال والاحتكام إلى القرآن، وكانت هذه الخدعة سر وصول معاوية للخلافة وبها أيضا عاد عمرو بن العاص لولاية مصر مجددا، مكافأة له على وقوفه بجانب معاوية بن أبى سفيان في قتاله ضد على بن أبى طالب، الذي لقي ربه عام 40 ه على يد عبد الرحمن بن ملجم.. عمرو بن العاص أو قل «أرطبون الدهاة العرب» كان واحدا من بين ثلاثة مكروا بالدعوة الإسلامية، واجتهدوا بشتى الطرق والوسائل للمكيدة للرسول والدين الجديد، وجاهدوا الرسول بالمكر والدهاء والحنكة السياسية البارعة قبل إسلامهم، وفاق الرجل دهاء رفاقه الثلاثة معاوية بن أبى سفيان والمغيرة بن شعبة. بعد إسلامه فاق قادة الرومان المشهورين بالدهاء والخديعة والمكر في الشام أيام الفتوحات الإسلامية في خلافة عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - كما جاء في البداية والنهاية لابن كثير، الأمر الذي جعل عمر يقول كلمته الشهيرة عندما أرسل به إلى أحد قادة الروم: « قد رمينا أرطبون الروم بأرطبون العرب، فانظروا عما تنفرج»، ولما سأل ابن الخطاب عن سر وصفه لعمرو بن العاص، أثنى على الأخير باعتباره أدهى الرجال في قومه ولديه قدرات خاصة على الدهاء وسرعة البديهة وحسن التصرف، الأمر الذي جعله يتغلب على دهاء قائد الروم حين أرسله عمر بن الخطاب على جيش من المسلمين إلى فلسطين لمواجهة قائدها الذي كان يعد من أدهى قادات الروم ويقال له الأرطبون، وهنا قال عمر كلمته في حق عمرو بن العاص « والله لأرمين أرطبون الروم بأرطبون العرب.