منذ إعلان الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس "باراك أوباما" عن السعي لتشكيل تحالف دولي لمواجهة تنظيم "داعش" الإرهابي في العراق، أثيرت العديد من التخوفات حول تورط واشنطن مجددًا في العراق على غرار ما حدث عام 2003 الماضي، وبالفعل بدأت القوات الأمريكية في العودة إلى قواعدها بالعراق بعد ثمان سنوات من مغادرتها، حيث أخلت القوات العراقية ومتطوعي الحشد الشعبي القواعد الموجودة في غربي العراق، تمهيدا لوصول القوات الأمريكية، لتبدأ أمريكا بزرع نفسها مجدداً في الأراضي العراقية، في محاولة لتنفيذ المخططات التي فشلت فيها من قبل. وكأن التاريخ يعيد نفسه، حيث بدأت بريطانيا بشن أول غارة جوية لها أمس بواسطة طائرة بدون طيار ضد تنظيم "داعش"، وأفاد بيان لوزارة الدفاع البريطاني أن طائرة من دون طيار من طراز "ريبير" تابعة لسلاح الجو الملكي، دعمت للمرة الأولى الجيش العراقي، حيث أطلقت صاروخا من طراز "هيل فاير" على عناصر للتنظيم خلال زرعهم متفجرات يدوية الصنع شمالي العاصمة بغداد. مثلما بدأ غزو العراق في مارس 2003، بتحالف أمريكي- بريطاني، تحت مزاعم وجود أسلحة دمار شامل لإسقاط نظام "صدام حسين"، وشردت أهالي العراق واعتقلت الكثيرين، بجانب نهب ثروات البلاد وكسر عزيمة الجيش العراقي، فيما لم يكن لهذا السلاح أي وجود، والآن فمن نافذة "مكافحة تنظيم داعش الإرهابي" وتدريب القوات العراقية على القتال حملت أمريكا نفسها لتجوب بلدان العالم بحثاً عن تشكيل تحالف يغطي أهدافها من ضرب العراقوسوريا، رغم اعتراف الإدارة الأمريكية بأن تنظيم "داعش" نشأ مباشرة بعد احتلال القوات الأمريكية للعراق، لكنه لم يعلن عن نفسه إلا في وقت متأخر، بعد أن اكتسب شعبية داخل العراقوسوريا وقام بتنظيم نفسه. حاولت الإدارة الأمريكية مراراً اختلاق الأسباب والمبررات للتدخل في سوريا على غرار العراق، إلا أنها في كل مرة تتراجع حتى لا تتورط وحيدة في حرب جديدة، لكن هذه المرة وبعد أن وجدت أن مشروعها الذي كلفته مليارات الدولارات لدعم المعارضة والمجموعات المسلحة التي تطلق عليهم "المعارضة المعتدلة" بدأ في الانهيار، وأخذت صرخات المعارضة السورية تتعالى أمام تقدم الجيش السوري، ولكي لا تتهم أمريكا بازدواجية المعايير، قررت أمريكا ضرب التنظيم الإرهابي في سوريا بشكل حذر. بدأت الإدارة الأمريكية التخطيط من جديد لغزو العراق بريًا، ومحاولة التدخل في سوريا، من خلال ادعاء فشل القصف الجوي في القضاء على تنظيم "داعش" الإرهابي، ويعتبر الترويج لفشل الإستراتيجية الأمريكية في وقف تقدم "داعش" بالعراق هو الهدف الحالي لواشنطن، لدرجة أنها قد تسمح لداعش بفرض سيطرتها على المدن المتنازع عليها لإثبات ضعف تأثير الغارات الجوية التي تشنها غارات التحالف، وتمهيداً للتدخل الأمريكي بدأت أعداد القوات الأمريكية تتضاعف يوما بعد يوم، حتى وصلت إلى 3100 خبير عسكري وجندي، هي قوات احتلال وليست قوات تدريب، فوجود هذه القوات الأمريكية على أرض العراق سيكون عامل توتر، وتكريس للطائفية في العراق، وسيصب في مصلحة "داعش". تجند أمريكا كبار مسئوليها بإطلاق تصريحات تفيد بفشلهم في وقف داعش، حيث قال "جون ألين" مبعوث الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" للتحالف الدولي لمكافحة داعش، "إن الضربات الجوية الأمريكية فشلت في وقف تقدم داعش نحو العاصمة العراقيةبغداد"، وأضاف أن إعلان حالة الطوارئ في العراق يسيطر على تفكير واشنطن حاليًا، موضحًا أن استعادة الجيش العراقي لقوته أمر شديد الصعوبة كما أن تدريب العراقيين وإعادة تنظيم وحداتهم سيستغرق وقتا طويلا. ومن ناحية أخرى، خرج وزير الخارجية الأمريكي السابق "جيمس روبن" بتصريحات مشابهة، أكد فيها أن الغارات الجوية التي تشنها قوات التحالف بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية ضد تنظيم "داعش" غير كافية للقضاء على التنظيم، ودعا الولاياتالمتحدة للتحرك لحسم الحرب وعدم انتظار تدريب "المعارضة السورية المعتدلة في سوريا" والجيش العراقي لمواجهة تنظم داعش الذي يتقدم بشكل كبير للغاية على الرغم من الضربات الجوية. القوات الأمريكية تعرضت لهزيمة مذله في العراق، وها هي تعود للمصيدة نفسها، وستواجه المصير نفسه، فهل تنجح هذه المرة في مخططها أم تفشل مثلما فشلت المرات السابقة مخلفة ورائها خراب البلاد؟