تلقت مصر عددا من الملاحظات والتوصيات بشأن قانوني تنظيم التظاهر والجمعيات الأهلية، والإفراج عن المعتقلين على ذمة قانون التظاهر، واستخدام العنف في أماكن الاحتجاز، وتقليص الحريات العامة في البلاد، والتضيق على المجتمع المدنى والحقوقي، وأحكام الإعدام، وغيرها من الملاحظات عقب عرض مصر لملف حقوق الإنسان أمام الأممالمتحدة خلال استعراض تقرير المراجعة الدورية لحقوق الإنسان "UPR". يقول عبد الغفار شكر، نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، إن رد الحكومة على هذه التوصيات سيكون فى مارس المقبل فى الجلسة التى ستعقد للأمم المتحدة، مضيفا أنه ليست بالضرورة أن تعمل الحكومة بكل هذه التوصيات، ومن الممكن أن يتم قبول بعضها والتحفظ على البعض الآخر ورفض غيرهم، مؤكداً أن مستقبل ملف الحريات ومصر عموماً متوقف على البرلمان المقبل والتيار السياسي الذى سيغلب عليه. وتابع أن التوصيات التى تلقتها مصر بخصوص ملفها فيما يخص حقوق الإنسان، أغلبها كان قد أوصى به المجلس القومى لحقوق الإنسان قبل انعقاد الجلسة، ولابد من مراجعة حقيقية على موقف الحكومة من قانون التظاهر والتضييق على المجتمع المدنى. من جانبه، قال مصطفى الحسنى، المدير التنفيذى للمركز الحقوقى هشام مبارك، إن بعض الدول أعلنت رفضها لما يحدث فى مصر وخصوصاً بشأن التضييق على المجتمع المدنى والحقوقي فى مصر وقانون التظاهر، ولكن هناك تعنت من الحكومة واتجاه حقيقى لتقييد الحريات فى مصر. وأضاف "الحسنى" أنه من الممكن أن ترفض مصر كلها هذه التوصيات، وفى هذه الحالة سيصبح موقفها محرج وصعب للغاية أمام الدول وهذا سنعلمه فى مارس المقبل من العام الجديد، مؤكداً أن فوجئ بالثقة وإصرار وزير العدالة الانتقالية على أن مصر تشهد عصرا ديمقراطيا، وأن هناك مراعاة لحقوق الإنسان فى ظل عدد الاعتقالات المفجع، وقانون التظاهر، وأحكام الإعدام، والمحاكمات العسكرية وغيرها من الأحدث بجانب التعذيب والضرب والانتهاكات بالسجون والأقسام. وفى نفس السياق، قال مينا ثابت، الباحث الحقوقى، أن مصر ناقشت ملف الحريات بمجلس حقوق الإنسان بالأممالمتحدة، ولم تكن فقط السنة الأخيرة، بل كان يفترض أن تناقش أوضاع حقوق الإنسان منذ الاستعراض الأخير لها عام 2010، لذا فكانت التركة ثقيلة إلى حدٍ كبير ومليئة بالانتهاكات فى نظام مبارك ومرسي والسيسي وفى الفترات الانتقالية أيضاً. وأوضح "ثابت" أن التوصيات التى صدرت من قبل الدول إلى مصر تركزت أغلبها فى 7 حقوق رئيسية، هى «الحق فى إنشاء الجمعيات، وقف العنف والتمييز ضد المرأة، الحق فى التحرر من التعذيب وصلاحية أماكن الاحتجاز، الاعتقال التعسفي، الحق فى حرية الفكر والتعبير، الحق فى حرية التجمع السلمي، الحق فى الخضوع لمحاكمة عادلة»، مضيفا أن الحق فى إنشاء الجمعيات حظى بالنصيب الأكبر من التوصيات؛ كنتيجة للهجمة الشرسة التى يتعرض لها المجتمع المدني مؤخراً بمصر، كما احتلت التوصيات الخاصة بالتجمع السلمي "التظاهر" نصيبا مهما من التوصيات؛ نتيجة لاستمرار السلطات المتعاقبة فى انتهاك حقوق المواطنين فى حرية التجمع السلمي والإفراط فى استخدام القوة ضد المظاهرات السلمية. واستطرد: شددت أغلب الدول على ضرورة وقف العنف والتمييز ضد المرأة؛ نتيجة للانتهاكات المختلفة التى تعرضت لها فى السنوات الماضية، وطالبت غالبية الدول بإعادة النظر بشأن قانونى التظاهر والجمعيات، وكانت ردود ممثلى الوفد الرسمي المصري أغلبها مستنداً إلى التحسينات الطفيفة لضمانات الحقوق الواردة بالدستور، لكنه تجاهل جزئية تطبيق الدستور وإعمال الحقوق الواردة فيه. وأردف "ثابت": يؤخذ على الجلسة أنها لم تتطرق للوضع المتردي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، بجانب الحقوق الثقافية أيضاً، وتجاهل تام لحقوق الأقليات، وقضايا العنف الطائفي، ومناهضة التمييز، بجانب الفشل فى مناقشة انتهاكات الحق فى حرية الاعتقاد، بجانب إخفاق الدولة فى تحقيق ما قبلته فى الاستعراض الدورى الأول لملفها الحقوقي عام 2010، حيث وجهت إليها توصيتان من هولندا وأمريكا فيما يتعلق بالأحكام القانونية والسياسات التى تميز بين الأفراد المعتنقين لغير الإسلام، وقانون لبناء دور العبادة لغير المسلمين، لافتا إلى أن مصر قبلتهم، لكن كان يتوجب مراجعة التطورات بشأن ذلك وهو ما لم يحدث.