فعاليات الدورة الثالثة والعشرون من مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية ،التي إنطلقت في إحتفالية بالمسرح الكبير بدار الأوبرامساء السبت الماضي،والتي تغيب عنها وزير الثقافة الحالي ،وهي ليست المرة الأولى التي يتغيب فيها أحد وزراء الثقافة عن إفتتاح المهرجان عبر تاريخه. وأبرز مايلفت النظر في هذه الدورة هو إستحداث لجنة جديدة تحت مسمى اللجنة العلمية للمؤتمر وذلك بعد ما أثرناه العام الماضي ،في مقال باحدي الصحف من قبل ،حول ضعف الكثير من ورقات العمل المقدمة والتي لا ترقي لتقديمها في مؤتمر علمي مصري ، وسوف نتعرض لأوراق العمل التي تقدمت في جلسات المؤتمر في مقال آخر. الجزء الأول من الحفل خصص لتكريم رموز الموسيقى والخط العربي وهم" المؤلف الموسيقي وعازف الكمان عطية شرارة ، الإعلامي وجدي الحكيم ، الملحن فاروق الشرنوبي ، هاني شنودة ، الباحثة السورية إلهام أبو السعود ، عازفة القانون المصرية د.مايسة عبد الغني ، صانع الآلات الموسيقية نصر محمد توفيق ، عازف الأورج الفنان مجدي الحسيني ، الإعلامي مصطفى الطوانسي مدير إعلام دار الأوبرا الأسبق ، المؤلف والعازف العراقي حسين قدوري ، الشاعر عمر بطيشة رئيس الإذاعة المصرية السابق ، محمد سالم مدير خشبة المسرح الصغير الأسبق ، فنان الخط العربي مصطفى خضير ، وأخيرا المطرب السوري الكبير صباح فخري، ولأول مرة في تاريخ متابعتي للمهرجان أستشعر أن نسبة المجاملة في تكريمات هذه الدورة كانت في أدنى مستوياتها مقارنة بالدورات السابقة. والجدير بالذكر أنه من الأشياء الإيجابية في حفلات هذه الدورة من المهرجان هو تقديم وجوه جديدة من المطربين والمطربات سواءً من مصر أو الدول العربية أذكر منهم أحمد جمال ، كارمن سليمان ، داليا عبد الوهاب ، هالة القصير، كرار صلاح وغيرهم. الجزء الثاني من حفل الإفتتاح قدم فيه فيلم تسجيلي قصير عن المؤلف الموسيقي وعازف الكمان عطية شرارة ، والإعلامي توفيق الحكيم اللذان أهديت إليهما هذه الدورة ، وكان الفيلم ضعيف الصناعة غير مبهر. الجزء الثالث خصص للحفل الغنائي الذي جاء تحت عنوان"الفن وطن" وكانت أغنيات حفل الإفتتاح جميعها من كلمات الشاعر الصديق إبراهيم عبد الفتاح الذي لم يقدم لنا أفضل ماعنده في هذه الأغنيات. الألحان لعازف العود الشهير نصير شمة ، أما إخراج الحفل فكان لمهدي السيد – إن جاز أن نسمي ماشاهدناه إخراج – وهذا التغيير الذي تم بعد إثنين وعشرين دورة للمهرجان إستجابة لما بدأنا في كتابته بجريدة القاهرة منذُ عام 2008 وحتى عام 2013 حول إحتكار جيهان مرسي لإخراج جميع حفلات مهرجاني الموسيقى العربية بالإسكندرية والقاهرة ، والتي أصبحت الآن مديرة المهرجان. أما ماسمعناه في الحفل فكان مفاجأة ولكن من النوع السيئ ، فبخلاف أن الكلمات ضعيفة كانت الألحان غاية في الضعف للأسباب التالية: أولا، كان واضحا وضوح الشمس أن هناك قصور في البروفات فظهر أغلب المطربين والمطربات يقرأون الكلمات من أوراق وضعت أمامهم ، وهذا باتأكيد يشتت جهد المؤدي بين القراءة والغناء ولذلك كان من الطبيعي أن نسمع الكثير من النشازات ممن يغنون. ثانيا، أين هي الألحان؟، فما سمعناه لم يكن أكثر من جملتين لحنيتين في كل لحن من الألحان يتكرران ويتغير عليهما الكلمات ، ثم يترك الجزء الأكبر من الأغنية لغناء المؤدي موال مرتجل حسب تساهيل الرب، ثالثا جميع الأغنيات بدأت بإيقاع يدل على البلد العربي سواء خليجي أو مغاربي أو شامي أو مصري وهذا فقط مايدل على البلد لأن الألحان بدت متشابهة. رابعا، جميع القفلات اللحنية بما فيها قفلة خاتمة الأغنيات غير تامة فضاع إحساس المتلقي بالراحة السمعية خاصة هذه النوعية من الجمهور (جمهور الموسيقى العربية التراثية والحديثة) المعتاد على القفلات الغنائية التقليدية. ومن الأشياء التي أثارت إستياء جميع من شاهدوا حفل إفتتاح مهرجان الموسيقى العربية في دورته الثالثة والعشرين أن مواهب برنامج The Voiceهم نجوم الحفل ، فهذا البرنامج تجاري بحت تنتجه أحد القنوات العربية الكبيرة ، وهناك العديد من البرامج الأخرى المشابهة له في قنوات أخرى مثل The X Factor، Arab Idol، وغيرهم ، والتساؤلات التي تطرح نفسها هنا هي: لماذا وقع الإختيار على مواهب برنامج ذا فويس دونا عن غيره من البرامج المشابهة له؟. ولماذا إستعانت دار الأوبرا المصرية بجميع الأصوات التي خرجت من السباق ولم يكن من بينهم الصوت الفائز في آخر دورات هذا البرنامج؟!. مايجعلنا نطرح سؤال على المسؤولين عن الثقافة في هذا البلد: هل هانت مصر الى هذا الحد الذي يجعل أحد مؤسساتها تنصاع لشروط ومعايير أحد القنوات الفضائية العربية بعد أن كانت مصر رائدة في صناعة النجوم والفن؟!.