يعتبر الرمان من أقدم الثمار التي عرفها و استخدمها الإنسان, نظرا لقوتها و لخصائصها الطبية كمادة غذائية و علاجية منذ القدم . كما اعتبرت هذه الفاكهة من بين الفواكه المقدسة في الكثير من الأديان و لدى العديد من شعوب العالم , فاستخدمت كرمز للصحة و الحياة و التناسل و الزواج … والرمان هو فاكهة الجنة المباركة, قد خصها المولى عز و جل بالذكر في كتابه العزيز , مما يؤكد قوتها و يزيد من قيمة فوائدها الغذائية و الصحية العظيمة. و هو فاكهة خريفية بل يعتبر أولى فواكه الخريف, زراعته سهلة حيث يتأقلم مع العديد من أنواع الأتربة ,و لا يتطلب مناخا معينا, لذلك فهو يزرع على نطاق واسع في مجموعة كبيرة من المدن المغربية, و يتميز المنتوج المغربي بجودته العالية ,غير أن ما يحز في النفس هو عدم إقبال المغاربة بشكل كبير على هذه الفاكهة العظيمة . و الجدير ذكره, أن العالم بأسره صار يهتم بقيمة الغذاء وفوائده الصحية ,و يسعى لتحسين نظامه المعيشي من خلال الإقبال على الأغذية القوية الغنية بالمواد المضادة للتأكسد, و تشجيع الغذاء البيولوجي, و التحسيس بأضرار المواد الكيماوية ثم الابتعاد عن الأغذية المصنعة و الضارة. لذلك فنحن بدورنا نشجع على الإقبال على المنتوج الوطني , مع التركيز على الخضروات و الفواكه الموسمية . يتباين الرمان في لون الثمرة الداخلية, فمنها الأحمر القاني الشديد الاحمرار و الأحمر المائل للصفرة, كما يختلف طعم بذورها فمنها الحلو و منها الحامض و منها ما يجمع بين الحموضة و الحلاوة معا , و لا يمكن معرفة مدى جودة البذور ,فهي الفاكهة التي شاع عنها المثل المغربي القديم " رمانة مغمضة" و المرتبط بصعوبة معرفة خبايا وأسرار شخص معين, و لكننا لا ننصح برمي البذور حتى و إن كانت ا حامضة أو مرة(يرتبط الطعم المرة خاصة بمكون حمض التانيك الذي يلعب دورا هاما في الحفاظ على صحة المعدة) , بل يجب الاستفادة من خصائصها خاصة لصحة الجهاز الهضمي. 2 الرمان فاكهة غنية بالفيتامينات و المعادن يعتبر الرمان من الفواكه الخريفية الجميلة المميزة بلونها الأحمر و طعمها الحلو الحامض, و هو فاكهة ذات قيمة غذائية و طبية عالية جدا ,إذ تتنوع مكوناته بين السكر و القليل من البروتين و الدهن , ويتميز بنسبة جيدة من الأملاح و الفيتامينات , كما يعتبر منجما للعديد من مضادات الأكسدة القوية. يحتوي الرمان على كمية جيدة من معدن البوتاسيوم , و هو العنصر الضروري لسلامة القلب و عمل عضلته, و الأساسي لطرد الصوديوم الزائد المسؤول عن ارتفاع الضغط الدموي, كما يحتوي على معادن أخرى خاصة المنغنيز و المغنزيوم و الكالسيوم و الفوسفور , و يضم نسبة قليلة من الحديد ,كما يعتبر مصدرا هاما لفيتامين C و A و لمجموعة الفيتامينات "ب" التي تحظى بأهمية بالغة في علم التغذية. يعتبر الرمان كذلك مصدرا هاما للطاقة لاحتوائه على السكريات كالغليكوز و الفريكتوز و السكروز, أما نسبة البروتين و الدهنيات فهي جد ضئيلة ,و هو غير ضار لمرضى السكري إن تم استهلاكه بشحمه (المادة البيضاء التي تحيط بالبذور), لاحتواء شحم الرمان على مادة تعمل على ضبط إفراز الأنسولين, غير أننا نحيطكم علما أعزاءنا القراء أنه لا يعتبر علاجا لمرض السكري ,و يشترط أن يكون استهلاكه لديهم مقننا مع الابتعاد عن المواد السكرية و الحلوة . و الرمان من الفواكه المنعشة نظرا لارتفاع نسبة الماء به, فضلا عن احتوائه على الألياف التي تلعب دورا هاما في الحفاظ على سلامة و صحة الأمعاء , و تساهم في التقليل من خطر الإصابة بسرطان القولون.كما يحتوي على مركبات أخرى ذات قدرة على منع التأكسد , و هي المواد القيمة التي تعطيه قيمته الطبية العالية ,و تحمي الجسم من العديد من الأمراض. 3 الرمان يحمي القلب و يقي من السرطان لقد خص الله النبات دونا عن الحيوان بالعديد من المركبات الحيوية الفعالة ذات قدرة على مقاومة الشوارد الحرة و القضاء عليها , و التي تعمل كمضادات للأكسدة , بحيث تؤدي دورا هاما في التقليل من مخاطر الإصابة بالعديد من الأمراض الخطيرة و منع تطورها , كالسرطان و أمراض القلب والشرايين و أمراض الجهاز العصبي و غيرها… و تشمل البوليفينولات و منها الأنثوسيانات و التانينات و الفلافونويدات , إضافة إلى الأحماض العضوية كحمض الأستيك و التارتاريك و الماليك … غير أن أقوى هذه الأحماض و أكثرها أهمية من الناحية الطبية هو حمض الإيلاجيك, الذي يلعب دورا هاما في تنشيط الأنزيمات المحطمة للسموم و للمواد المسرطنة خاصة في الكبد و الرئتين, مما يجعل الرمان غذاء نافعا للمدخنين باعتبارهم أكثر الأشخاص عرضة للسموم و أشدهم احتمالا للإصابة بسرطان الرئة . كما يعمل هذا الحمض على تقوية البكتيريا الصديقة في القولون , و يساعد في المقابل على القضاء على البكتيريا و الطفيليات الممرضة , مما يساهم في تطهير الأمعاء و يزيد من قوة امتصاصها للمغذيات كالكالسيوم و الحديد مثلا, و نحن نعلم جيدا أن أغلب الأمراض لا تنتج عن نقص العناصر الغذائية في الجسم بقدر ما يكون سببها سوء امتصاصه لها. و يساعد حمض الإيلاجيك على ضبط التوازن الهرموني , و لا يخفى عليكم أن مشكل الاضطرابات الهرمونية لمن أهم المشاكل التي تواجه نساء القرن الواحد و العشرين, نظرا لضغوط الحياة المتعددة و وثيرتها السريعة, و يعزز هذا الحمض مناعة الجسم, و يخفض الكولسترول الخبيث بالدم, ويقلل من تكدس الليبوبروتينات و يمنع أكسدتها و يقي من انسداد الشرايين , كما يحسن صحة القلب و الأوعية الدموية لدرجة أنه يعتبر من الفواكه الصديقة لمرضى القلب و الشرايين بامتياز. 4- فوائد فاكهة الرمان المتعددة فاكهة الرمان من أهم الفواكه الغنية بالعناصر الغذائية المفيدة لصحة الجسم و الضرورية لعمل مختلف أجهزته, فهي تزوده بالطاقة التي يحتاجها , و تقوي جهازه الهضمي من خلال منع الإمساك , و تسهيل مرور الفضلات, و حمايته من الالتهابات, و تقوية فلورا القولون و تعزيز نموها و تكاثرها ,في حين يقضي على الأحياء المجهرية الممرضة ,و يساعد على تسكين ألام المعدة والقضاء على بكتيريا الإيليكوباكتيريوم بيلوري المسؤولة عن قرحة المعدة, و عموما فلهذه الفاكهة خصائص مضادة للأحياء المجهرية سواء تعلق الأمر بالطفيليات ,أو البكتيريا كالبكتيريا العنقودية (الستافيلوكوك) بمختلف أنواعها, و الباسليس و غيرها… و يعمل الرمان من خلال ما يحتويه من مكونات قيمة ,على الحفاظ على سلامة الجهاز العصبي , و الحد من تراكم المواد المرتبطة بمرض الألزهايمر, كما يساعد على تدفق الدم إلى جميع الجسم, و يساعد الأوعية على العمل بشكل جيد ,و يمنع تصلبها ,و يحافظ على صحة القلب ,و يقي من الأمراض السرطانية ,و يخفض الضغط و الكولسترول, و يعزز مناعة الجسم ,فضلا عن دوره في تحقيق التوازن الهرموني في الجسم. و للرمان كذلك دور كبير في الحفاظ صحة الجلد و تغذية خلاياه و منح النضارة للبشرة, إضافة إلى مساهمته في إنتاج مادتي الكولاجين و الإلاستين , و تأخير شيخوخته ,ومنع ظهور التجاعيد عليه… يدخل الرمان في لائحة الأغذية المطهرة للجسم, و يمكن اتباعه في نظام الديتوكس شرط الابتعاد أتناء اعتماد هذا النظام عن اللحوم -عدا الأسماك- و المواد المصنعة . و لا خوف من تناول كمية كبيرة من هذه الفاكهة أو عصيرها فهي لا تضر الجسم أبدا. *اخصائية التحاليل الطبية والتغذية بالمملكة المغربية