نعيش في بلد العجائب، يخرج الفلاحين، والعمال، والطلاب في ثورة من أجل الحرية والعدل الاجتماعي، والاستقلال الوطني، فيسقط النظام، ليحل محله، نظام جديد في الشكل، قديم في السياسات، فيسجن الباحثين عن الحرية، ويستمر رجال الأعمال في السيطرة على الاقتصاد، ويعود أحمد عز ليحصل على قروض من البنوك، ويحتكر سوق الحديد، وتتحول الجامعة إلى سجن كبير، ويرفع الباشا ثمن الأسمدة إرضاءً لأصحاب المصانع. يثور المصريون، ضد استبداد مبارك، وينجحوا في خلعه، فيحل محله، نظام الإخوان الذي لا يختلف في جوهر سياساته عن "مبارك" ويسجنون من ثاروا على "مبارك"، ثم يخرج المصريون مرة أخري للثورة على فاشية الإخوان، وينجحوا في عزل محمد مرسي، فيحل محله، نظام يبدو جديد، يسجن من خرجوا على الإخوان. فمئات الشباب، يقبعون في السجون، بموجب قانون تظاهر، وكأن السلطة أرادات أن تنهي، هذا الحراك الثوري، فقررت غلق كل الأبواب أمام الاحتجاجات الشعبية. من بين هولاء، محمد إبراهيم عِراقى، أمين شباب حزب الكرامة الشعبي الناصري في الشرقية، الطالب بكلية آداب جامعة الزقازيق، الذي يقضي حكماً بالسجن المشدد 3 سنوات بتهمة التظاهر أمام محل إقامة محمد مرسي الرئيس المعزول في مدينة الزقازيق. وتبدأ قصة العراقي، بعد القبض عليه فى إحدى الاحتجاجات ضد الإخوان في 2 مارس 2013، من أمام منزل مرسى فى الزقازيق، بعد أن اقتحمت قوات الأمن صفوف المتظاهرين، واعتقلت «عراقى» باعتباره أحد قادة الاحتجاجات في الشرقية ضد حكم الإخوان، ووجهت إليه اتهامات بالاعتداء على قوات الأمن، وحيازة ومولوتوف، وأحالته النيابة إلى محكمة الجنايات المختصة بدائرة محكمة استئناف المنصورة، التى حكمت غيابيا بالسجن المشدد لمدة 5 سنوات. وبعد عزل "مرسي"، كان من المفترض أن يكرم "عراقي" باعتباره، أحد قادة الاحتجاجات الذين ساهموا في إسقاط نظام، انحاز لجماعته على حساب الوطن، فسلم نفسه، واثقا في برأته مما نسب إليه بعد تغير الأوضاع السياسية، ليصدر عليه حكماً بالسجن 3 سنوات في " 22 يناير 2014 "، وخد بالك من التاريخ يعني بعد سقوط نظام الإخوان، فهل يعقل أن يسجن من نجح في إزاحة الإخوان، وإذا كان القانون يقضي فعلاً بذلك، فإن 30 مليون مصري شاركوا في 30يونيو، هم متهمين مثل العراقي بالخروج على "مرسي"، بينهم كل من وقع على استمارة "تمرد" التي طالبت بتنظيم انتخابات رئاسية مبكرة وكل أعضاء الأحزاب التي أعلنت ضرورة انتهاء حكم الإخوان، وكل من ظهر في المشهد الذي أعلن فيه المشير عبد الفتاح السيسي في ذلك الوقت، عزل مرسي، إضافة إلى الرئيس السابق عادلي منصور الذي قبل أن يتولي الحكم بعد "مرسي" الذي عزل بالتظاهر. لا نعلق على حكما قضائياً، بل نناقش القوانين التي دفعت بالقاضي لإصدار مثل هذا الحكم، الذي يمثل إدانة للشعب وخروجه في محاولة تصحيح مسار ثورته، وإدانة لمرحلة من النضال شعبي بدءت من مرور 100 يوم من حكم مرسى، وتواصلت حتى كانت ذروتها في 30 يونيو، الأمر يتعلق بشرعية حاكم يعتبر نفسه استمدها من من "30يونيو".