إهدار 107 مليون جنيه في الصفقة.. والنيابة: الوزير ارتكب جريمة تسهيل استيلاء على المال العام فصل 600 عامل.. وحرمان من الراتب وتهديدات بالنقل منذ انطلق قطار الخصخصة وقصص الفساد الحكومي في بيع شركات القطاع العام لا تنتهي، وها هي شركة الغازات الصناعية التي كانت رائدة في مجالها وقلعة من قلاع الصناعة المصرية منذ تأسيسها عام 1928، وبعد تأميمها عام 1957، تتحول في ظل نظام الخصخصة إلى أرض فضاء وملاعب تنس خاصة ومخازن، ويفصل معظم عمالها ويحرم الباقون من رواتبهم ويهددون بالنقل، بعد أن تم تفتيتها وبيعها، وبعد أن أنهكها الإهمال والفساد وطالتها يد الخصخصة عام 2001. أنشئت شركة الغازات الصناعية بصورتها الحالية بعد تأميمها كشركة مساهمة مصرية، وافتتحها الزعيم جمال عبد الناصر، ثم توسعت في إنشاء مصانع أخرى بالحوامدية عام 1973 ثم إنشاء وحدة لفصل مكونات الهواء عام 1985، وطوال تلك الفترة والشركة رائدة في إنتاج الغازات الصناعية (أكسجين ونيتروجين وأرجون وأسيتلين وأكسيد نيتروز وثانى أكسيد الكربون) إضافة إلى إنتاجها من الأزوت السائل ومستلزمات اللحام، إلى أن تمت خصخصتها عام 2001 في عهد عاطف عبيد، رئيس الوزراء وقتها. "البديل" دخلت الشركة التي تغيرت معالمها منذ الخصخصة، ورصدت الانهيار الذي حل بها بعد انتقال ملكيتها بقيمة تقل عن قيمتها الحقيقية بفارق كبير، وبعقد تمت مخالفة شروطه التي تضمنت التزام المشتري بالحفاظ على العمالة الموجودة بالشركة، واستمرار نشاط الشركة وتطويرها طبقا لخطة تطوير وتحديث موضحة بالعقد، فضلا عن الشرط الخاص بعدم استغلال أراضي الشركة إلا في الأغراض الصناعية. وطبقا لعقد البيع الذي حصلت "البديل" على نسخة منه، فقد خالف الملاك الجدد هذه الشروط، حيث تغير نشاطها من صناعة الأكسجين الطبي وتحولت إلي مخازن، وتم تقطيع ماكينات مصانع ثاني أكسيد الكربون والاستلين بمسطرد، وماكينات مصنع البودرة، وتحولت أرضها إلى ملاعب خاصة، وكانت الطامة الكبرى فصل أكثر من 600 عامل من الشركة، ولم يتبق سوى 29 عاملا عرض عليهم المالك الجديد نقلهم لمصانعه بالإسكندرية إلا أنهم رفضوا. وقد تقدم عدد من العاملين بالشركة ببلاغات إلى النيابة تمت مباشرتها، وتوصلت تحرياتها إلي أنه تم بيع الشركة بالفعل بأقل من قيمتها الحقيقية بفارق سعر يقدر ب107 ملايين جنيه، وأن المشتري لم يلتزم ببنود عقد البيع المؤرخ في 1999/12/12، دون أن يحرك وزير قطاع الأعمال ساكنا. واعتبرت النيابة الإدارية عدم التفاته لتقرير لجنة تقييم أصول الشركة الذي أكد بيعها بأقل من قيمتها الحقيقية بمثابة جريمة تسهيل الاستيلاء علي المال العام. الأدهى والأمر، ووفقا لأوراق القضية، هو تضمين العقد نصا يقضي بعدم خضوعه للمحاكم المصرية، واللجوء للتحكيم الدولي في حالة وجود نزاع، رغم أن الطرفين مصريان. ومن جانبه، أكد علي رمضان، عضو اللجنة النقابية أنهم تقدموا بمذكرة للجهات المعنية لعرض حالة الغضب التي تسيطر على عمال مصنع أسياخ اللحام بشركة الغازات الصناعية بعد أن استدعتهم الشؤون القانونية بالشركة وأكدت لهم عدم صرف رواتبهم حتى يوافقوا على النقل أو الندب. قال إبراهيم أحمد، أحد العمال: "أصغر عامل فينا يبلغ من العمر 45 سنة، مين هيسيب بيته ويروح اسكندرية وكمان يبقى قطاع خاص"؟ ووصلنا لمرحلة المطالبة بالمعاش المبكر الذي يرفضونه أيضا لأنهم يحتاجون لتشغيل المصنع أحيانا عند موعد تجديد التراخيص ليس أكثر. واستكمل يحيى ابراهيم، عامل بالمصنع: "بقالي 32 سنة في المصنع ده وعلى آخر أيامي عاوز يوديني اسكندرية، أفهم إية أنا في اسكندرية ولا في الصناعة والتجارة بتاعته؟.