ينظم المركز القومي للسينما العديد من الأنشطة المتعلقة بالسينما وصناعتها كإنتاج الأفلام التسجيلية والروائية القصيرة وأفلام التحريك "الرسوم المتحركة، خيال الظل، العرائس" وذلك بشكل مباشر من مخرجي المركز، إضافة إلي إقامة المهرجانات السينمائية وخاصة مهرجان الاسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة، والمشاركة في المهرجانات السينمائية الدولية سواء بالأفلام الروائية الطويلة أو القصيرة والأفلام التسجيلية والوثائقية أو أفلام الرسوم المتحركة، المشاركة في أسابيع الأفلام بالخارج أو داخل مصر، تنظيم عروض سينمائية خاصة وإعادة الأفلام لجهات أخرى لعرضها، إقامة الندوات والمؤتمرات السينمائية، تنظيم مسابقة سنوية لما أصبح يعرف بأفلام الدعم، بجانب تقديم الدعم اللوجيستي للشباب العاملين في السينما عن طريق إتاحة وتوفير المعدات اللازمة لهم بشكل مجاني. وينقسم المركز إلى عدد من الإدارات منها: إدارة "المهرجانات السينمائية" وهي مسؤولة عن المهرجانات السينمائية في الداخل واشتراك مصر في المهرجانات في الخارج، إدارة "الأرشيف السينمائي القومي" وهي من أهم الإدارات المتخصصة بالإنتاج وتشمل إدارات الأفلام التسجيلية والأفلام القصيرة وأفلام الأطفال وأفلام العرائس والكرتون، وإدارة الثقافة السينمائية وهي التي تقدم الدعم للجمعيات السينمائية ولاتحاد النقاد السينمائيين ولنادي السينما بالقاهرة من حيث توفير أماكن العرض وآلات العرض وهناك أيضا إدارة الاستيراد والتصدير، وقد تم استحداث إدارة وظيفتها الملاحقة الوثائقية حيث يتعرض المركز لنقص شديد في الوثائق، كما توجد إدارة لتسجيل الأحداث والوقائع الهامة وحفظها وتوثيقها، وحديثا تم إنشاء وحدة دراسات وأبحاث السينما المصرية من خلال استخدام المنهج العلمي في رصد الظواهر وإيجاد الحلول العلمية للمشاكل التي تعترضها. المركز الذي يتولي رئاسته حاليا الناقد د. وليد سيف، أستاذ النقد السينمائي بأكاديمية الفنون، أنتج خلال السنوات السابقة العديد من الأفلام سواء الروائية الطويلة أو القصيرة والتسجيلية وأفلام التحريك تصل إلى حوالي 600 فيلم على مدى تاريخه فعلى سبيل المثال في العام الأخير أنتج أكثر من 32 فيلما جيدا منها فيلم "لا مؤاخذة" كما حصل البعض على جوائز كفيلم "فيللا 69″ من مهرجان أبو ظبي وفيلم "هرج ومرج" من مهرجان دبي وفيلم "فتاة المصنع" من الاتحاد العالمي للمنتجين ومهرجان دبي، وقد ازدهر إنتاج الأفلام التسجيلية خاصة في عامي الثورة وأخيرا أنتج المركز في العام الأخير 25 فيلما تسجيليا منها فيلم "الرصاص لا يفرق"، "شادي عبد السلام" ، و"رغيف العيش"، و"أنا إخوان"، و"مشوار إسماعيل عبد الحافظ" و فيلم "أنا سعيد لأني ألعب الجولف" للمخرج سامح إسطفانوس والذي عرض على المركز مؤخرا شراء حق عرضه كسابقة أولى من نوعها لإنتاج المركز وذلك في إطار الاتجاه نحو تسويق أفلام المركز التسجيلية والروائية والتوسع في عرضها ثقافيا وتجاريا، كما برزت السينما المستقلة مؤخرا والتي يدعمها المركز لوجستيا، كما شارك المركز في 42 مهرجانا سينمائيا إلى جانب المشاركة في 45 أسبوع وعروض ثقافية في الخارج. ولكننا لا نستطيع حين نستعرض إنتاج وخطط المركز القومي للسينما ونتاجه في السنوات الماضية إلا أن نتوقف مع الأزمة الشهيرة مع فيلم "المسافر" الذي كتبه وأخرجه أحمد ماهر، وكان بطولة خالد النبوي وعمر الشريف، وذلك كتجربة سابقة للمركز في تمويل الأفلام في عهد فاروق حسني وزير الثقافة الأسبق، عندما قررت الدولة ممثلة في وزارة ثقافتها المشاركة في الإنتاج السينمائي فتم رصد 22 مليون جنيه لإنتاجه بأفضل الفنانين في المجالات المختلفة وأعلن عن عرضه في مهرجان فينيسيا الدولي عام 2008 وكسابقة أولى يشترك الفيلم في المسابقة الرسمية ليصاب أكثر المشاهدين عند عرضه بالإحباط لضعف مستواه الفني بما لا يتفق مع إنتاجه فتعرض لكثير من النقد ولم ينل أي جائزة وحين بدأ عرضه التجاري لم يحقق سوى حوالي 170 ألف جنيه بما لا يغطي أكثر من 17 % من ميزانيته كخسارة مدوية ما زالت تثير علامات الاستفهام. المؤكد أن السينما المصرية دفعت فاتورة أخطاء الحكومات وسياساتها وخاصة عندما آلت أصول السينما إلى قطاع الاستثمار فلم تتقدم الصناعة ولم ترتق في السنوات العشر الأخيرة لذا فإن السينمائيين يطالبون بعودتها إلى وزارة الثقافة على أن يديرها السينمائيون ولا بأس من التعاون مع وزارة الاستثمار، وهذه العودة من وجهة نظرهم ستوفر الكثير للعملية السينمائية. ويظل تمويل الأفلام المستقلة من خلال المركز هو المشكلة الدائمة التي يواجهها رؤساء المركز، بخلاف مشروع توثيق وأرشفة جميع الأفلام الروائية "السينما تك" الذي ينفذ بالتعاون مع الجانب الفرنسي وتم اختيار قصر الأمير طوسون مقرا له، وتمت خطوات فعلية إلا أنها توقفت بسبب الثورة مما قطع تمويله وأدى إلى استرداد وزارة الآثار للقصر، ومازال المشروع يحتاج إلى 120 مليون جنيه لاستكماله، يذكر أن ميزانية وزارة الثقافة تشكل حوالي 35 ,0 % من ميزانية الدولة يذهب منها 80 % لأجور العاملين بها. وقد كانت ميزانية الدولة لدعم السينما منذ عدة أعوام تقدر بمبلغ 20 مليون جنيه تقلصت بعد الثورة لتصبح 12.5 مليون جنيه مع العلم بوجود ما يقرب من خمسمائة موظف في المركز، إلا أن مجلس الشورى وافق في العام الماضي على زيادة ميزانية المركز بقيمة مليون جنيه لتحديث المعدات السينمائية ودعم مهرجان الإسماعيلية، وهو أهم مهرجانات المركز، والذي تعرض في العام الماضي في دورته السابعة عشر إلى بعض الأزمات تتلخص في انسحاب الرعاة من جهة بعد أحداث ثورة يونيو وضبابية الوضع قبل الانتخابات. أما بالنسبة لميزانية المهرجان الفعلية فهي مليون و10 آلاف جنيه فقط لم تتغير منذ 10 سنوات، ولا تكفي مجرد الإقامة والانتقالات، مما يستدعي البحث عن رعاة لدعمه كأحد حلول نقص الميزانية. وبشكل عام فإن المركز يفتح الباب لدعم المهرجانات السينمائية كأحد الحلول وفق شروط للدعم كتوافر الإعلانات والمطبوعات وفنادق الدرجة الأولى والطيران وانتظام العروض والندوات وتواجد نجوم الصف الأول فذلك من ضمن شروط الاتحاد الدولي. أما بالنسبة للسينما التسجيلية والروائية القصيرة وأفلام التحريك فتحتاج جهدا للعمل على عرضها جماهيريا، وهذا يستدعي دور عرض وتوزيع مع ترميم نيجاتيف الأفلام التي أصبحت قديمة. وفي الوقت الذي يسعي رؤساء المركز القومي للسينما للفوز بممارسة كامل صلاحيتهم خاصة فيما يرتبط بمشروعات دعم السينما، يواجهون أزمة لا تنتهي مع صندوق التنمية الثقافية، المضخة الأولى لميزانية كافة القطاعات الثقافية، والذي يسيطر علي كافة أنشطة الوزارة متخطيا صلاحياته ومتداخلا مع مهام كافة رؤساء القطاعات الأخرى في الوزارة، إضافة إلي انشغاله بمتابعة عدد من المهرجانات هي المهرجان القومي للسينما وسيمبوزيوم أسوان لفن النحت وملتقى الأقصر الدولي والمهرجان الدولي للمسرح التجريبي والمهرجان القومي للمسرح المصري ومهرجان القاهرة الدولي لسينما الأطفال ، وتتبع له عدة مراكز للإبداع مثل بيت الهراوي والسحيمي وقبة ووكالة الغوري وقصر الأمير طاز ومركز طلعت حرب ومتحف أم كلثوم وغيرها ، ومن هنا نرى تداخلا واشتباكا أحيانا بين دوره وملكيته وبين الأعمال والمهام المتعلقة بالمركز القومي للسينما مما يتسبب كثيرا في عوائق روتينية وتداخل في التصاريح لا بد من حسمه إداريا وفك التشابك لتذليل العقبات الروتينية .