في طريقك إلي مكتب المخرج مجدي أحمد علي, رئيس المركز القومي للسينما, تسيرفي عدة طرقات, وتمر بعشرات الغرف ومئات المكاتب والموظفين. وتتساءل: كيف يمكن لمبدع ان يتعامل مع كل هذه الإدارات ويستوعب كل هذه البيروقراطية.. وعندما تقضي معه مثلي اكثر من أربع ساعات في مكتبه, وتشهد كمية المقابلات التي يجريها, والمناقشات التي يخوضها, والأوراق التي يوقعها, تزداد حيرتك, وتعرف انه يضحي بالفعل من أجل أداء منصبه الوظيفي علي أكمل وجه, ليس فقط بوقته وصحته ولكن ايضا بعمله الأصلي كمخرج.. أما النتيجة في رأيي فمرضية حي الآن, وتستحق التضحية, فقد انطلق المركز في مسيرة التطور, وبدأ يؤدي دوره في دعم السينما المصرية والحفاظ علي تراثها. * ماذا تفعل وسط هذه الغابة من الموظفين؟ ** أجاهد لتسكين العمالة الزائدة التي أعاني منها, حيث أرسل لي الجهاز الإداري مئات الموظفين, أنا المثقل بالعمالة التي لا أجد لها عملا ولا حتي مكانا تجلس فيه المركز فيه500 موظف, ورأيي الشخصي انه يمكن ان يعمل بكفاءة بخمسين موظفا فقط أي أن لدي عشرة أضعاف العمالة التي احتاجها فعلا وفي ظل هذه الظروف, هناك مشكلات بالجملة في ستوديو الاهرام, وستوديو نحاس به شروخ ورشح مياه ومهدد بالانهيار, مما دفع موظفي المركز إلي مغادرته.. وأحاول بالتنسيق مع الدكتور خالد عبدالجليل, رئيس قطاع الإنتاج الثقافي استرداد بعض المواقع لترميمها والعمل علي تطويرها, في ظل صراع مرير عليها مع شركة مصر للصوت والضوء والسينما شمل حتي بعض الغرف التي احتاجها لكي تعمل فيها إدارة الإنتاج السينمائي ووحدة افلام التحريك. * كيف تسير مشروعات التطوير؟ ** هناك مشروع لتطوير ما يسمي بقاعة الوزير, التي كان وزير الثقافة يشاهد فيها العروض الخاصة للأفلام, علما بأن مشروعا سابقا لتطويرها فشل تماما لتتحول للأسف إلي مخزن للمهملات.. وقد تم تنظيفها تمهيدا لتنفيذ المشروع الجديد الذي يشارك فيه مهندس الديكور فوزي العوامري, الموظف بالمركز, والذي يستهدف تحويل القاعة إلي مركز عالمي للمهرجانات يضم قاعات عرض للسينما والفيديو وصالة عرض مفتوحة ومركزا صحفيا حديثا وكافيتيريا وكل ما يلزم المهرجانات الدولية.. واستخدام المركز المقرر إنشاؤه لن يكون مقصورا علي أنشطة القومي للسينما وسيكون متاحا لمن يريد استئجاره لإقامة مختلف المهرجانات وبالتالي تحقيق دخل مادي للمركز.استحدثت أيضا وحدة جديدة للأفلام النيجاتيف غير المستخدمة من قبل المخرجين طوال تاريخ السينما المصرية, يجري العاملون فيها جهودا كبيرة لحصر هذه الأفلام, خاصة ان ما لم يستخدم منها أكثر مما استخدم بالفعل, ومنها كنوز تاريخية حقيقية تتعلق بحضارتنا وتاريخنا.. ويجري عمل تصنيف وترميم لهذه النيجاتيفات لتصبح جاهزة لتسويقها وبيعها لمن يريد من المهتمين. وضمن خططنا إطلاق قناة فضائية تابعة لوزارة الثقافة, وللمركز القومي للسينما تحديدا, لعرض إنتاجه وإبراز انشطته وجهود مبدعيه.. وكذلك العمل علي تسويق افلام المركز التي قدمها عبر تاريخه كبار مخرجي السينما المصرية, في محطات التليفزيون العالمية, مع ما يتطلبه ذلك من ترميمها وترجمتها. * ماذا عن حلم كل سينمائي بوجود سينماتيك مصري علي غرار السينماتيك الفرنسي الشهير يحفظ تاريخ السينما المصرية ويكون مرجعا للباحثين والمهتمين؟ ** المشروع قائم, والدكتور خالد عبدالجليل, الرئيس السابق للمركز, سار فيه خطوات تم خلالها الاتفاق مع الجانب الفرنسي علي بروتوكول التنفيذ, وتم اختيار قصر الأمير طوسون لإقامة السينماتيك, وزاره الجانبان بالفعل لتفقده وورفع مقاساته.. وسيتولي عبدالجليل استكمال المشروع, وسيشارك فيه من المركز خبراء ترميم الوثائق والأفلام.. هناك ايضا رغبة في عمل متحف للسينما المصرية, وأحب ان أوضح ان هناك فرقا بين المتحف والسينماتيك, وأن هناك حاجة لهما معا, سواء في موقع واحد أو في موقعين منفصلين, بشرط الالتزام بالقواعد العلمية المعروفة لحفظ الأفلام, مثل الابتعاد عن الرطوبة وتوفير درجة حرارة معينة ويمكن عمل أكثر من سينماتيك في أكثر من مكان, ويمكن ايضا التنسيق مع هيئة الآثار لاختيار مواقع أثرية لإقامة مثل هذه المشروعات. * وهل الأفلام نفسها موجودة وفي حالة جيدة لحفظها في السينماتيك في حالة إقامته؟ ** الأفلام بالطبع في حالة سيئة للغاية, هناك افلام مفقودة بالكامل وأجزاء تائهة من أفلام أخري, وهناك بشكل عام فوضي عارمة فيما يخص حفظ وأرشفة الأفلام لأنه لا يوجد حاليا أب للسينما.. لكن عندما يوجد مشروع خاص بتوثق السينما المصرية ويعين مدير متفرع له, سيتولي عمليات البحث والترميم وغيرها لأنه سيكون شغله الشاغل, وهذا المدير يجب ان يكون خبيرا كبيرا متخصصا, علي أن يتقاضي راتبا عاليا مقابل تفرغه.. أما الآن فليس هناك من يمكن سؤاله ومحاسبته. * أين نحتفظ بنيجاتيف الأفلام؟ ** المركز يحتفظ بأشرطة النيجاتيف الخاصة بالأفلام التي أنتجها, ونيجاتيف الأفلام الأخري من المفروض أنه موجود في ثلاجات شركة السينما.. * هل يلزم القانون المنتجين بتسليم نسخة من أفلامهم للدولة؟ ** لايلزمهم سوي بتسليم نسخة بوزيتيف, وهي قصيرة العمر جدا بالمقارنة مع النيجاتيف, علما بأن المنتجين عادة مايختارون أسوأ النسخ لتسليمها..وأدعو مجلس الشعب الي إصدار قانون يلزم المنتجين بتسليم ما يسمي بنسخة ديوب نيجاتيف والعقود التي سيبرمها المركز مع صناع الأفلام الفائزة أخيرا بدعم الدولة المادي ستلزمهم بتسليم هذه النسخة..نحن إذن لانضمن حتي في حالة إنشاء السينماتيك أن تتوفر النسخ الأصلية لجميع الأفلام المصرية, فضلا عن أن المشروع سيستغرق وقتا طويلا جدا لإيجاد وترميم وحفظ النسخ وسيكون مكلفا للغاية فنسخة الديوب نيجاتيف تتكلف70 ألف جنيه في المتوسط, وهناك حوالي4 آلاف فيلم مصري, لذلك أقترح تنفيذ المشروع علي مراحل قد تستغرق سنوات طويلة. * ماذا عن حركة الإنتاج في المركز, وهل يمكن أن ينتج الأفلام الروائية الطويلة؟ ** مازال إنتاج المركز مقصورا علي الأفلام التسجيلية والروائية القصيرة وأفلام التحريك, ولم يصل بعد الي الأفلام الروائية الطويلة نظرا للميزانية المحدودة, لكن لا أستبعد حدوث ذلك في المستقبل, فلو قدر لي الاستمرار في رئاسة المركز بعد الموعد المقرر لإحالتي الي المعاش خلال شهور قليلة, فسيكون من بين طموحاتي إنتاج الأفلام الروائية الطويلة. * هل من حق أي سينمائي التقدم الي المركز لإنتاج فيلمه التسجيلي أو القصير؟ ** طبعا طالما كان مشروعه جيدا وجادا, وإن كانت الأولوية بالطبع لأبناء المركز من المبدعين في حالة التساوي في معايير الجودة, التي تأتي في المقام الأول بطبيعة الحال, لأن الميزانية لاتكفي لإنتاج كل الأفلام المتقدمة. * كم تبلغ هذه الميزانية؟ ** لا أريد أن أصدمك لكن ميزانية المركز كله12,5 مليون جنيه,منها نصف مليون فقط للإنتاج,لأن لدينا كما ضخما من الموظفين والكوادر كما أوضحت من قبل.. * ماهي فرص استمرار مشروع دعم الأفلام الذي أعلنت أخيرا عن أسماء الفائزين به؟ ** كل الأمور في الدولة الآن علي كف عفريت, ولا أحد يضمن استمرار نفس السياسة, وإن كنت سأسعي للحفاظ علي حقوق السينمائيين المكتسبة, وسأعمل ليس فقط علي استمرار المشروع, ولكن أيضا علي زيادة ميزانيته.. فقد تحقق الكثير, ولأول مرة تقرر دعم12 فيلما روائيا و15 روائيا قصيرا, وستة أفلام تسجيلية, وثلاثة أفلام تحريك وأتمني أن تلتحم الدورة المقبلة من مشروع الدعم بالدورة الحالية لتشكلا معا موجة جديدة من الأفلام المصرية الجادة والمتميزة التي من شأنها إحداث التوازن في السوق السينمائية مع الأفلام السائدة * ماهي بالضبط علاقة المركز بمهرجانات السينما في مصر؟ ** هذه فوضي عارمة أخري, ولإنهائها قرر مجلس إدارة المركز, عندما كنت عضوا فيه, أن تدعم الدولة المهرجانات السينمائية ولا تقيمها, علي أن تتولي هذه المهمة منظمات المجتمع المدني, وتطلب دعم الدولة في حدود إن كانت في حاجة له, مع احتفاظ المركز بمهرجانين فقط من المعروف أنه يقيمهما: الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والروائية القصيرة, والقومي للسينما المصرية الذي سيقتصر في دوراته المقبلة علي المسابقة فقط علي غرار الأوسكار الأمريكي مع إلغاء العروض لأن الأفلام تشارك فيه بعد عرضها تجاريا,لكن من الضروري إقامته لأنه الشكل الوحيد لمكافأة المبدعين السينمائيين من قبل الدولة, وهناك اتجاه لإقامة دورته الجديدة في أغسطس المقبل.. ومن المهرجانات التي تقرر دعمها, الأقصر للسينما الأفريقية الذي أقيم أخيرا, ومهرجان الأفلام الأوروبية الذي سيقام في الأقصر أيضا, بالإضافة لمهرجان القاهرة بإدارته الجديدة..وأؤكد أن الدعم لن يمنح لأي مهرجان إلا بعد دراسة مدي حاجته اليه وأوجه صرفه, وأن المركز سيراقب جودة المهرجانات التي يدعمها للتأكد من التزامها بالشروط والمعايير المطلوبة واستغلالها الدعم بالشكل الأمثل. * هل ترشحون الأفلام المصرية للمشاركة في المهرجانات الدولية ؟ ** المركز منذ فترة طويلة ليس له علاقة بذلك فالمهرجانات لم تعد تقريبا تطلب من الجهات الرسمية المصرية ترشيح أفلام للمشاركة, بل تخاطب صناع الأفلام التي ترغب في مشاركتها بشكل مباشر, كما تم الغاء مايسمي باللجنة العليا للمهرجانات, التي كانت ميزانيتها كبيرة بلا مبرر, وأصبح لأصحاب الأفلام حرية التقدم للمهرجانات العالمية, وينحصر دور المركز في تقديم الدعم للأفلام التي يتم اختيارها, كأن يقدم لها خدمات الترجمة أو الشجن للخارج..المركز يختار فقط الأفلام المشاركة في أسابيع الأفلام المصرية بالخارج وفقا للمناسبة وللمتطلبات التي يحددها الملحقون الثقافيون المصريون بناء علي معرفتهم بأمزجة وثقافات المجتمعات التي يتواجدون فيها..كما أن هناك لجنة اختيار الفيلم المصري المشارك سنويا في مسابقة أوسكار أفضل فيلم أجنبي, وإن كنت عرفت أخيرا أن من حق اي فيلم التقدم للمسابقة من دون لجان.