جاءت موافقة لجنة الثقافة والإعلام بمجلس الشورى على زيادة موازنة المركز مليون جنيه؛ لتحديث المعدات السينمائية ودعم مهرجان الإسماعيلية فى دورته المقبلة فى وقتها، نظرا لما تمر به حاليا صناعة الفليم التسجيلى المصرى من خطر الانقراض حيث تضمنت الموافقة دعم المركز بمبلغ خمسة ملايين جنيه للانتهاء من أعمال ترميم قاعة "الوزير"، لتصبح ملتقى ثقافيا لأبناء الثورة من السينمائيين والباحثين والدارسين، وكذلك ترميم بلاتوه واستوديو النحاس، كى يدر عائدا من تأجيره للمسلسلات والبرامج يضاف إلى دخل الدولة، وأيضا المساعدة فى إتمام مشروع ترميم الأفلام التسجيلية التى أنتجها المركز منذ عام 1954 وحتى الآن، لتكون نواة لقناة تليفزيونية تدعمها وزارة المالية قريبا. ولقد شهدت دورات المهرجان القومى للسينما المصرية فى السنوات الأخيرة علاوة على ظاهرة نقص الكم الإنتاجى للأفلام الروائية الطويلة، ملمحا آخر أكثر تأثيرا يوضح بجلاء أن هناك أزمة واضحة فى السينما التسجيلية المصرية، والتى كان لها دائما شرف التمثيل الثقافى والحضارى للفيلم المصرى فى المحافل الخارجية، بل إن ما حصدته تلك النوعية من الأفلام من جوائز فى المهرجانات الدولية فى الحقب الماضية ما وضع صانعيها فى مرتبة فنانى السينما الخالصة، والتى تعبر عن سينما قومية تعالج مشاكل مجتمعها بلغة سينمائية راقية. وربما كانت بيانات بعض لجان التحكيم والتى طالبت بضرورة معالجة النقص الكمى فى إنتاج هذه الأفلام من ناحية ووصف بعض البيانات الأخرى للأفلام التسجيلية المقدمة للمسابقة بالمستوى الفنى المتدنى من ناحية أخرى، ثم الحجب شبه الكامل لجوائز فروع الأفلام التسجيلية قصيرها وطويلها فى عدة دورات للمهرجان ما أكد على وجود أزمة واضحة فى هذه النوعية من الأفلام بسبب تناقص إنتاج هذة الأعمال التسجيلية بشكل كبير عاما بعد آخر، لعدة أسباب أبرزها ابتعاد عدة هيئات مختلفة عن إنتاج الشريط السينمائى التسجيلى مثل التليفزيون وهيئة الاستعلامات وهيئة الآثار وغيرها واكتفت الهيئات السابقة بإنتاج أفلامها على أشرطة فيديو، رغم قلتها أيضا، توفيرا للنفقات من ناحية، ولأن أغلب من يقومون بعمل هذه الأفلام لديهم من الحذر الذى يخشون معه من خسائر مالية فى حالة إنتاج خطة أفلامهم على أشرطة سيللويد من ناحية أخرى. وبذلك فلم يبق فى الساحة إلا المركز القومى للسينما الذى وقع عليه وحده عبء إنتاج هذه النوعية المهمة من السينما الراقية، وبميزانيته المحدودة نسبيا فضلا عن زيادة تكلفة المواد الخام وأسعار الخدمات السينمائية، تناقص الإنتاج بشكل مرعب عاما بعد آخر. وقد لوحظ أيضا أن مشروعات التخرج لطلبة معهد السينما سواء ما يخص البكالوريوس أو السنة الثالثة تتناول معظمها أفلاما روائية قصيرة ويكتفى الطلبة بأن يتناولوا موضوعا تسجيليا بالفيديو، ويبدو أن هناك اعتقادا راسخا لدى الطلبة بأن المشروع على شريط السيللويد السينمائى يجب أن يتناول موضوعا دراميا تمثيليا وهذا يعنى ضرورة قيام ورش المشروعات الإبداعية داخل المعهد بدورها الحقيقى فى توجيه الطلبة نحو موضوعات تسجيلية إبداعية، إلى جانب الروائية بالطبع، يستطيعون من خلالها خلق لغة سينمائية معاصرة، فلقد حفل ميدان السينما التسجيلية المصرية طوال عصور مؤسساتها الحكومية بدءا من استوديو مصر ومرورا بالمؤسسة المصرية العامة للسينما وهيئة السينما والمسرح والموسيقى والمركز القومى للأفلام التسجيلية وانتهاء بالمركز القومى للسينما، بالرواد الحقيقيين الذين قادوا حركة تسجيلية مصرية اختلفت أساليبها ولكنها اتفقت جميعها على نبل الرسالة وعلى تبنى جيل جديد يدفع بالأمل فى تقديم لغة سينمائية جديدة على الدوام. ومنذ خمسة عشر عاما أو يزيد وللآن يبدو أن المسئولين الجدد عن وحدات إنتاج الأفلام التسجيلية بالمركز قد شغلتهم أمور الحياة المتراكمة عن متابعة المسيرة السينمائية للدرجة التى قل معها الكيف، ولذا حتى نعيد للسينما التسجيلية ذاكرة مصر المرئية والرصيد التاريخى لمستقبلها، وجهها المشرق الجميل نتمنى عدة خطوات منها زيادة الدعم المالى لإنتاج الفيلم التسجيلى بالمركز القومى للسينما، وإعادة اختيار قيادات سينمائية لوحدات الإنتاج تملك الوقت والتفرغ لعمل ورش إنتاجية تساهم فى اختيار الأفلام الصالحة للإنتاج والمعاونة فى زيادة القدرات الإبداعية لصانعيها وتبنى المواهب الجديدة من خريجى معهد السينما ومساعدتهم بأقصى درجة لاستكمال مسيرة السينما التسجيلية المصرية الأصيلة فى الطريق الصحيح، ويتبع هذا بالطبع البعد عن المجاملات فى اختيار موضوعات لا طائل من إنتاجها غير إهدار الوقت والمال، وعدم إسناد صنع الأفلام لغير المتخصصين فى هذا المجال دون داع. مع مساهمة قنوات التليفزيون المتخصصة، وكذلك هيئة الاستعلامات فى زيادة الكم الإنتاجى لهذه النوعية من الأفلام من خلال العودة مرة أخرى لإنتاج الشريط السينمائى التسجيلى، ويمكن بالقطع اعتبار المركز القومى للسينما المسئول الاستشارى عن إنتاج الأفلام التسجيلية، والذى يمكن أن يزود تلك الجهات سواء بالرأى من جانب خبرائه أو بالعون من خلال أرشيفه التسجيلى مع تحديث وحدة الرسوم المتحركة بالمركز القومى للسينما بأجهزة الكمبيوتر، جرافيك، لمتابعة تقنيات العصر الحديث فى هذا المجال، وحتى يصبح الحقل التطبيقى لهذا الفن مواكبا لتكنولوجيا القرن الحادى والعشرين.