غريب هذا التنبيه الذي أشار فيه الرئيس السيسي في لقائه مع الصحفيين الي شركة اسمها (ميديا ليمتد) ذراع قطروتركيا، تستهدف الهجوم علي مصر وتدمير الشعب المصري، وأمر الغرابة هنا ليس في أن قطروتركيا والتنظيم الدولي للإخوان يعدون العدة لضرب النظام الجديد الذي يتأسس في مصر بعد 6/30، ولا أمر الغرابة هنا أن الدولتان رصدتا الملايين الطائلة من أجل إنشاء قناة فضائية ولا صحف ولا مواقع إلكترونية ولا أن هذا الإعلام الذي تنشئه الشركة يستخدم أعلي مستويات التكنولوجيا، ولا أمر الغرابة حتي في القطريين والأتراك والمصريين العاملين ضد مصر لدي الدولتين، فهذه كلها أمور معروفة تعرفها أجهزة المخابرات المصرية كما لا يندهش لها المواطن المصري الآن، فلا الأجهزة تفاجأ ولا المواطن ينتظر من قطروتركيا والإخوان ان يكونوا أصحاب مبادئ ولا شرفاء ولا لديهم قيم، بل العكس هو الصحيح فقد رأي المصريون كل ما من شأنه أن يحدث نقلة نوعية في وعي المصريين بحجم ومدي المعركة التي تدار ضد مصر بالتمويل، والسلاح والإعلام. كل الأمور فيها قدر من الوضوح الذي يمكن لمن يريد ان يعرف البناء علي عدد من البديهيات الآن ومنها بديهيات دور قطروتركيا والإخوان وإخوان الإخوان، ولكن وجه الغرابة ان لا أحد، لا الرئيس ولا الصحفيين الجالسين مع الرئيس ولا الجالسين بعيدا عن الرئيس طرح الحل، الحل ليس التنبيه ولا إضاءة أنوار الخطر، علامات الخطر تحيط بنا الآن من الجهات الأربع، الخطر يسكن داخل بيوتنا وداخل مقرات حكوماتنا، والأقسي والأمر أنه يسكن داخل عقولنا وعقول أولادنا، فماذا يستطيع الإعلام أن يفعل في العقول؟، هل يظل الإعلام يغرقنا طويلا في ثورة يناير التي اكتشف أنها مؤامرة، هل يظل الإعلام ينهب عقولنا بحكايات عبد الرحيم علي ونجيب ساويرس، هل تتم إدارة إعلام مصر علي انه أعلام تابع وظيفته ان يغسل العقول وينمطها ويقضي علي ملكات النقد والإبداع لديها؟ السيسي في معركة بناء دولة ومعركة اجتثاث جذور تنظيم دولي لا ينتمي الي هذه الدولة إلا بالاسم والميلاد والممات، تنظيم دولي له في كل بيت وكل شارع وكل حي وكل مدرسة وكل مستشفي وكل وزارة أعضاء وحواريون وأبناء وأحفاد، تنظيم دولي ارتبط منذ زمن بأجهزة استخبارات دولية ومازال ويسعي في معركته الحالية الي تدمير دولة وشق صفوف المصريين رغم ان قادته في السجون، وبقاياه مشردون في العالم كله، المعركة التي يديرها التنظيم أيضاً تأتي كجزء من صراع إقليمي يعيد تقسيم المنطقة العربية بعد أضعاف دولها. السيسي في قلب المعركة واستطاع ان ينال ثقة ربما لم ينلها حاكم غيره منذ جمال عبد الناصر، وشركاء السيسي في معركته الآن ليس الإعلاميين وحدهم ولا المثقفين ولا العمال ولا الفلاحين وحدهم وإنما المعركة معركة المصريين جميعا، المصريون الذين لن يهزمهم إعلام الإخوان وإعلام قطر وإعلام تركيا، الرسالة التي علي السيسي أن يديرها لا ان ينبه بشأنها هي رسالة إدماج شعب في معركة بناء، وليس معركة تنبيه من شركة تنشئ محطة أو صحيفة، معركة تترامى أطرافها من البدايات، بدايات التنشئة والتوعية وبناء الفرد القادر علي التعلم والعمل والعطاء، معركة يتحدث فيها الرئيس للمصريين كل أسبوع بجديد، مشروع جديد، عمل جديد، قرارات جديدة وآمل جديد، ساعتها لن يجد الرئيس أهمية لعمل حساب لقناة أو شركة أو صحفي باع نفسه هنا أو هناك، كل هذا سيسقط وحده ويسجد الإعلام دوره الحقيقي في قلب معركة بناء وليس في حالة غسيل أدمغة لمتلقي لا يفكر إلا بالطريقة التي أرادها له الإعلام.