خلاص.. راحت السكرة.. وجاءت الفكرة. أقصد أن انتخابات الرئاسة «كانت» المعركة الصغرى، أما المعركة الكبرى فهى التى تبدأ بمجرد إعلان نتيجة هذه الانتخابات وبالتالى إذا كان الشعب قد «بذل» كثيرًا فى معركة الانتخابات، فإنها لا تساوى شيئًا بجانب المعركة المقبلة. من هنا فإن الشعب مطالب بأن يستعد للمعركة المقبلة، وهى الأهم، بشرط ألا يهدأ، أو يعود إلى الكنبة، وإلى المقهى والشيشة.. وينتظر أن يعطيه الرئيس الجديد شيئًا.. هنا على الشعب أن يعرف: من أين يعطيه هذا الرئيس.. بل ما هو المتاح تحت يد الرئيس لكى يقدمه الآن وفورًا للناس.. تلك هى المعضلة الكبرى. وللأسف، الشعوب دائمًا تتعجل النتائج. وحسنًا قالها المشير السيسى: لا أملك عصا موسى.. وأنا أضيف إليها «ولا مال قارون» ولكن أنتم كل الشعب هم عصا موسى التى سنعمل بها - معًا.. الرئيس والشعب.. بل الشعب قبل الرئيس.. وهذا يجعلنى أتساءل: إلى أى مدى يتحمل الشعب.. وكم يصبر هذا الشعب.. أى ما هى قدرة الشعب على الانتظار. وهل يصمد الشعب إلى أن تتحقق الأحلام.. وكم سنة يستطيع الناس أن تنتظر.. والناس - وهذا حقهم - فى شوق إلى تعويض ما فات.. وهو كثير. ولقد حاول الدكتور مرسى بسذاجة شديدة الغرابة أن يدغدغ حواس الجماهير.. فتحدث عن مشروع النهضة.. وللأسف قالها بكل سذاجة إنها سوف تحدث خلال 100 يوم. وبل وجدنا إعلام الإخوان يتسرع ويصدر كتابًا للناس.. عما حدث من انجازات نفذها مرسى، خلال 100 يوم!! وتحول الأمر إلى نكتة.. بل نكتة شديدة السذاجة. وهنا يأتى السؤال الأصعب «وهل تكفى السنوات الأربع» وهى مدة رئيس الجمهورية. هنا يأتى السؤال الأهم: وهل يتحمل الشعب الصبر.. لسنوات؟! نقول ذلك حتى لا تنتكس أحلام الجماهير.. وتكون النتيجة الثورة من جديد، وهى ثورة لو حدثت سوف تدمر كل شىء. وهذا ما يخطط له الإخوان وأعوانهم بل: هل يتركنا العالم الخارجى المعادى لنا.. هل تتركنا قطر وتركيا وإيران وأمريكا وألمانيا.. وحتى الذيل المسمى: حماس. وهل يبدأ المشير «الرئيس» السيسى بأسلوب المسكنات شوية اسبرين على نوفالجين على فولتارين. يعنى ما يمكن أن نطلق عليه: شوية رشاوى لإرضاء المتعجلين، الحالمين بشوية علاوات وحد أدنى وحوافز وشوية تعيينات، وكام حاجة براقة تجذب العيون المتلهفة للإصلاح.. على كام شوية قرارات فورية لتأديب المفسدين ومطاردة اللصوص آكلى المال الحرام؟ إن كان الأمر كذلك.. فما أسهل مثل هذه القرارات، وربما ترضى قطاعًا كبيرًا من الناس. ولكن ذلك ليس ما تحتاجه البلاد فعلاً وعملاً.. رغم جاذبيته. ولكن هل البديل هو «الإعلان» عن حزمة كبيرة.. وواسعة من الإجراءات والمشروعات ليس فقط لإنقاذ ما سبق أن تحقق للمصريين وهو الآن على وشك الانهيار.. بل بعضه بدأ فى الانهيار، وفى المقدمة البنية الأساسية الكبيرة التى لا ينكرها إلا جاحد والتى شهدتها البلاد فى السنوات الثلاثين ما قبل ثورة يناير.. وبالذات البنية الأساسية من طرق ومحطات مياه وكهرباء ومطارات ومشروعات زراعية وأنفاق ومدن جديدة ومرافق وغيرها. ولكننى لا أرى الإعلان عن هذه «الحزمة الإصلاحية» من طرف واحد بل أرى ضرورة أن تشترك كل العقول المصرية والشعبية فى وضعها.. حتى تأتى هذه «الحزمة» معبرة عن أحلام كل الجماهير. أرى بالفعل الدعوة إلى مؤتمر عام «اقتصادى. اجتماعى. سياسى» نتحاور فيه جميعًا.. ونتفق جميعًا.. ثم ننفذه جميعًا.. أى نخرج بخطة عمل كبرى يعنى: مانيفستو للعمل الثورى برنامج نتفق عليه جميعًا، ونعرف أعباء تنفيذه.. والمدة اللازمة.. ونحدد الأولويات، بل وأولى الأولويات ونحدد أيضا مدة انجاز كل جزء فيه.. حتى لا نتعجل التفكير.. ونتعجل العمل.. ثم نبطئ فى التنفيذ.. فتقع الواقعة. يعنى: نعرف «جميعًا» ما نريد، وما هو دور الشعب, لكى نبنى معًا بالعقلية الجديدة التى يملكها الرئيس الجديد، الذى جاء لإنقاذ البلاد, وأن نحدد لكل مشروع - مدة تنفيذه - والمطلوب من الناس.. قبل المطلوب من الرئيس وقبل المطلوب من الحكومة.. المهم أن تتواجد الروح الجديدة. وهنا نستعيد تلك الروح الهائلة التى صاحبت محمد على باشا.. فى مصر.. تمامًا كما صاحبت الروح الألمانية أفكار وإرادة مستشار ألمانيا الرائع بسمارك من عام 1870 وقبلها.. وما أعظم أفكار وأعمال بناة الدول العظام. بهذا المقال أبدأ اليوم سلسلة مقالات وأفكار.. أقدمها كمحرر اقتصادى تجاوزت خبرتى فيه نصف القرن. لكى أضعها - ومعها - أفكار غيرى.. أمام القيادة الرشيدة للرئيس المنقذ عبدالفتاح السيسى. فإلى الغد، إن شاء الله