البحرُ مغروس في إسكندرية وإسكندرية تنزفُ ملحا الملح الذي أكل وجهها الفيروزي وصقل تماثيلها القديمة هو نفسه الآمرُ على محبّتها المحيط بكتفيها العاريين وموجها أوتارٌ مشدودة على صدرها الغريق في آخر تحولاتها المدنية الملونة الباذخة الفوضوية المالحة اللغة على ألسنة ناسها المختَصِرون كلّ شيءٍ كيف يسمّون البَحْر باخرةٌ تترجرج في حجر الأرض بلدةٌ وحيدة، بثٌّ عامرٌ بينُ غدٍ راجع إلى الجَزْر وأمسٍ مقبلٍ على المدّ وحاضر معه برقيّةٌ تقولُ : زن ذاكرتك وذاكرتي وامش حافيا وماذا إن كان البحرُ بحرُ إسكندريّة تلك البسطةٌ المعلّقةُ من النجوم وألويةُ التواريخِ رفرافة على خيام الموج الموجُ يغمس إسكندريّةَ في البحر كل ليلةٍ لتخرجَ في الصباح نقيّة من تواريخها العامرة بالحب والسطوة والسماء والسفر أليس للبحر حوذي هو القمر أليست رباه عاليةً على الحُزْنْ وإسكندريّة ولهانةٌ تجرّ زيها الروماني من تحت عجل الترام تركض ناحية البحر مُسلّمةً بأنه طريقُها الوحيد هرمس كان هناك يلف الأرض على فرجاره يقطّر النجوم تآويلا فوق تآويل لغيبة المد في الجزر يلقي أقصابه وينظر للسماء ويتركني لأمسح الغبار ووجوه الساسة عن المحطة المؤدية إلى مِصر تحتَ كل ذرة ملح نحتت وجهها كيروبيّ حامٍ سيّاف يترصّدُ عبدة التماثيل المرفوعة على الشوارع الشوارع تفرد خرائط المقدوني العظيم الذي أخذ الفنار وغرق في زلزلة الشرق وترك إسكندرية للبحر والنّاس الذين يختصرون جمالها ولوعتها ونقودها وسمعتها في قواقع جميلة وصغيرة متراصة على ولع السائحين الناس القراصنة الناس البحرية التي لا تحب إلا البحرية وتحب بحرّية على البحر مواضيع ذات صلة 1. محمد مجدي يكتب: سأكون صاحيا يا بحر .. سأكون صاحيا وسعيدا 2. هبة مجدي أول حب في حياة مصطفى مشرفة في “رجل من هذا الزمان “ 3. مجدي حسين يعلن إضرابا عن الطعام من الغد احتجاجا على نقله إلى عنبر الجنائيين 4. محمد عبد النبي: حكاية الموز والقهوة فصل من رواية : رجوع الشيخ 5. محمد صلاح العزب :ليسانس حقوق