أصبحت الأسعار الاسترشادية التي تعلنها وزارة الزراعة للمحاصيل الزراعية من أهم العوامل المؤثرة على المساحات المنزرعة بالمحاصيل الاستراتيجية، ولذلك لا بد من تحري الدقة عند الإعلان عن هذه الأسعار؛ لانها من الممكن أن تعصف بمحصول ما وتتسبب في تراجع الزراعات المستهدفة منه، فتصاب الأسواق بعجز في المطروح منه، وبالتالي ترتفع أسعاره أو يمكن أن تزيد من مساحاته، فيزيد المعروض منه، فتنخفض أسعاره في الأسواق، ويحدث اضطراب في سوق المحاصيل الزراعية. فعندما أعلن الدكتور عادل البلتاجي وزير الزراعة أن الوزارة تنتج القمح ولا تحدد سعره، لكنها تطرح سعرًا استرشاديًّا أمام الحكومة، بحيث يراعي مصلحة الفلاح، مع مراعاة الأسعار العالمية وتكلفة مدخلات الإنتاج، فهذا دليل على أن الاسعار المعلنة ليست نهائية، ولكنها تضع مؤشرًا مساعدًا لأخذ الفلاح قراره في زراعة القمح من عدمه. فيما أكد المهندس فريد واصل نقيب الفلاحين والمنتجين الزراعيين أنه لا قيمة للإعلان عن الأسعار الاسترشادية التي تضعها وزارة الزراعة للمحاصيل الاستراتيجية دون استلامها لهذه المحاصيل، متسائلاً "ما فائدة أن يكون السعر الاسترشادي للقمح 420 أو حتى 450 جنيهًا للإردب وكل ما يورد لشون الوزارة 3 ملايين طن قمح فقط من إجمالي الكمية المنتجة والتي تتعدى ال 8 ملايين طن؟". وأكد واصل أن الأسعار الاسترشادية ليست المقياس الحقيقي لزراعة محصول ما، ولكن قدرة الفلاح على تسويقه هي الفيصل، فلا تستطيع الدولة بكل أجهزتها أن تلزم التاجر أن يقوم بشراء تلك المحاصيل بالأسعار المعلن عنها؛ لأن تاجر السوق السوداء يستغل تراكم المحاصيل لدى الفلاحين ويفرض عليهم الأسعار وفقًا لهواه. وأوضح الدكتور أشرف كمال عباس أستاذ الاقتصاد الزراعي بمركز البحوث الزراعية أن الأسعار الاسترشادية هي أحد الأساليب التي تعطي إشارات تقديرية للمزارع عن الأسعار المتوقعة للمحصول بعد حصاده، وليست أسعارًا نهائية؛ لأن الأسعار العالمية لها تأثير على الأسعار المحلية مع الأخذ في الاعتبار بتكلفة إنتاج المحصول. مؤكدًا أن الأسعارالاسترشادية تعد أحد المحفزات غير المباشرة للمزارع في حالة عدم تحديد سعر قطعي للمحاصيل، مشيرًا إلى أن ذلك الأسلوب يتطلب تحديد سعر ضمان نهائي لبعض المحاصيل الاستراتيجية التي تهتم الدولة بأن يقوم المنتجون بزراعتها كما يحدث في حالة محصول القمح، حيث إنه في هذه الحالة تقوم الدولة بتحديد سعر ضمان قبل موسم الضمان؛ لأن هذا السعر كان له أثر بالغ خلال الأعوام الماضية في زيادة المساحة المزروعة بالقمح. وشدد عباس على حتمية أن يكون هناك دور رئيسي للدولة في تسويق المحاصيل وليس تحديد الأسعار فقط، وأن أفضل أسلوب لذلك هو تكوين تنظيمات تعاونية حقيقية تعبر عن مصالح المنتجين الزراعيين وتحقق لهم العديد من الوظائف والمهام بدءًا من توفير مستلزمات الإنتاج وأهمها الأسمدة وانتهاء بتسويق منتجاتهم والتي تمثل عنق الزجاجة بالنسبة لهم.