كتبت : نيرمين قطب: بالرغم من أن اسعار توريد المحاصيل من أهم عوامل جذب الفلاح لزراعتها فإنها دائما ما تعلن بعد موسم الزراعة, فلا يستطيع المزارع ان يقدر حساب التكلفة والربح التي تشمل إيجار الأرض وتكاليف المبيدات والأسمدة والتقاوي. التي تشهد ارتفاعا دائما في أسعارها ويحدد هامش ربح مناسب له وبالتالي يتجه الفلاح لزراعة المحصول المضمون في تسويقه مثل الأرز وهذا علي حساب محاصيل استراتيجية نحن في أمس الحاجة اليها مثل القمح والقطن الذي يعزف المزارعون ايضا عن زراعتهما بسبب انخفاض أسعار التوريد! ويري الخبراء أن ربط المزارع المصري علي الأسعار العالمية فيه ظلم كبير له خاصة أن الأسعار العالمية هي أسعار مدعومة. الدكتور عبد العظيم الطنطاوي رئيس مركز البحوث الزراعية الأسبق ونائب رئيس اللجنة الدولية للأرز يري أن الأسعار المطروحة للمزارعين لاتتماشي مطلقا مع تكاليف الانتاج لارتفاع أسعار مستلزمات الانتاج وإيجار الأرض, ومقارنتها بالأسعار العالمية مجحف للمزارع المصري, حيث إن الأسعار العالمية مدعمة, بما سبب خسائر فادحة للمزارعين وذلك بالإضافة لعدم الإعلان عن أسعار هذه المحاصيل قبل زراعتها فلا يوجد ضمان لدي المزارع لتسويق المنتج. ويري أن الأسعار العالمية التي يربط عليها الفلاح المصري هي أسعار مدعومة من الدول فعلي سبيل المثال تدعم الولاياتالمتحدةالأمريكية هكتار القطن ب1000 دولار وكذلك الاتحاد الأوروبي ودول الشمال تدعم منتجات الحبوب بمبلغ يتراوح بين300 الي600 يورو, هذا الدعم الذي يقدم للمزارعين يساعد في تكلفة الانتاج, وبالتالي ينخفض سعره العالمي, أما المزارع المصري الذي لايلقي أي دعم أو خدمات فيكون هذا السعر بالنسبة له مجحفا ولايحقق له هامش ربح. ويتساءل الدكتور طنطاوي, هل من العدل أن نتعامل مع المنتج المصري المحلي عالي الجودة بنفس أسعار المنتج الأجنبي المدعوم مثل مقارنة القمح المصري بالمستورد؟ ويضيف أن السلع الاستراتيجية مثل القمح تمثل جزءا مهما من الأمن الغذائي الذي يرتبط بالأمن القومي, ولذلك لابد من تحقيق تنمية زراعية مستدامة لهذه المحاصيل وهذا لايتأتي إلا بالاشراف الحكومي والرقابة والدعم الذي يقترح أن يقدم بشكل غير مباشر من خلال علاوة جودة تقابل الدعم الذي يحصل عليه المنتج الأجنبي وخدمات ارشادية وزراعية مثل خدمة التربة والتسوية بالليزر لتفعيل محطات الزراعة الآلية بالوزارة. ويقول طنطاوي إن هناك سياسة عالمية لتحويل الدول النامية الي أسواق الاستهلاك فقط ولاتنتج شيئا وذلك من خلال إغراق المنتج المحلي لتتجه الدول للاستيراد من الخارج وتصبح سوقا لمنتجات دول الشمال التي تستخدم المحاصيل في انتاج الوقود, وهذا ماحدث بالفعل في محصول السكر حيث خفضت البرازيل والهند المعروض من انتاجهما في السوق العالمية بما يعادل11 مليون طن سكر بسبب استخدامه في انتاج الوقود فارتفعت الأسعار وأصبح لدي الدول أموال لشراء السكر ولكنها لاتجده في السوق العالمية, وهذا ما يتوقع حدوثه في محاصيل الزيوت والحبوب خلال الأعوام القادمة. ويضيف: يجب علي الوزارات المعنية وضع خطط مستقبلية لخفض الفجوة الغذائية التي تعاني منها البلاد خاصة في المحاصيل الاستراتيجية الخاصة بالغذاء ومراقبة الأسواق في تداول وبيع مستلزمات الانتاج مثل الأسمدة والمبيدات, والتقاوي حتي لايقع المزارعون فريسة للتجار. ويري أن تقديم حوافز لمزارعي الذرة هو اتجاه حميد يحدث توازنا في المسحات المنزرعة من المحاصيل الصيفية وزيادة مساحات الذرة الشامية علي حساب الأرز مما يعمل علي توفير المياه.ويتفق معه في الرأي الدكتور طارق القيعي عميد كلية زراعة الإسكندرية سابقا ورئيس المجلس الشعبي المحلي بمحافظة الإسكندرية, ويشدد علي ضرورة تأمين المحاصيل الاستراتيجية من خلال رفع أسعار التوريد حتي لو وصلت لضعف السعر العالمي, ولذلك يري أنه لابد من قيام المسئولين عن الزراعة بدراسات سوقية لمصروفات الانتاج والتكاليف وتحقيق هامش ربح للفلاح حتي يتحقق له دخل مناسب ينتفع به بالاضافة الي ضرورة تنفيذ توصيات الرئيس مبارك بالإعلان عن أسعار توريد المحاصيل قبل زراعتها. ويشير الي ضرورة دعم وتنشيط دور التعاونيات الزراعية في الأرياف والتي تستطيع تقديم مستلزمات الانتاج بسعر التكلفة للمزارع وتلغي خطوة الوسطاء المتسببين في رفع الأسعار علي المزارع. ومن جهتها قامت الجمعية العامة للاصلاح الزراعي بتحديد مبلغ100 جنيه زيادة في سعر إردب الذرة لتشجيع المزارعين علي استبدال الأرز بالذرة. وهذا ما أكده محمود أبوغريب رئيس الجمعية موضحا أن هذا القرار يسري علي تعاونيات الاصلاح الزراعي حتي يطمئن المزارع العضو بها الي السعر الذي سوف يحصل عليه بما يشجعه علي ترك محصول الأرز الذي يستهلك كمية ضخمة من المياه ويزرع الذرة الشامية والتي من المتوقع ايضا ان ترفع الحكومة سعر توريدها هذا العام. ويضيف ان مساحة الأراضي التابعة للجمعيات هي مليون فدان, ولكن لايمكن تحديد المساحة التي ستزرع بالذرة منها. ويري أبوغريب ان هناك اهتماما كبيرا من الحكومة بالمزارع لتحسين وضعه, وشدد علي ضرورة اعلان أسعار المحاصيل قبل موسم زراعتها حتي يطمئن الفلاح ولايترك التجار لاستغلال المزارع.