تشهد العلاقات الأمريكية الإسرائيلية منذ بدء الولاية الثانية للرئيس باراك أوباما، بعض التوترات بين الحين والآخر، ويرجع السبب في هذه التوترات إلى الفترة الأخيرة من ولاية أوباما الأولى، تحديدا مع بدء فترة الدعاية الانتخابية للولاية الثانية. في هذه الفترة اختار رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتنياهو، دعم المرشح الجمهوري ميت رومني، ضد الرئيس الأمريكي الحالي، ودفع رجال الأعمال اليهود في واشنطن لتقديم تبرعات مالية ضخمة لصالح حملة رومني، الانتخابية. مع ظهور نتائج الانتخابات الرئاسية في واشنطن وفوز أوباما، بفترة ولاية ثانية، بدأ التوتر والخلاف يتسلل شيئا فشيئا إلى العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، حتى وصل مؤخرا إلى سعي بعض القيادات الأمريكية والإسرائيلية لفتح قنوات اتصال بعيدا عن رئيس الحكومة الصهيونية. منذ بدء الفترة الثانية للرئيس الأمريكي باراك أوباما، ظهرت الضغائن بين واشنطن وتل أبيب خلال عدة مواقف وتصريحات صدرت عن بعض القيادات البارزة في البلدين. الخميس الماضي، كشفت صحيفة وول ستريت جورنال، عن أحد جولات التوتر في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، حيث تم وقف شحنات صواريخ "هلفيار" إلى إسرائيل، الأمر الذي يعكس حدة التوترات بين أوباما ونتنياهو. الخلاف بين واشنطن وتل أبيب هذه المرة جاء عقب إتمام صفقة بيع صواريخ متقدمة من طراز هليفار، بين إسرائيل ووزارة الدفاع الأمريكية دون موافقة القيادة السياسية في واشنطن خاصة الرئيس باراك أوباما. الصحيفة الأمريكية، أكدت في تقريرها أن وقف شحنات الصواريخ إلى إسرائيل لم يكن هو الأمر الوحيد الذي يعكس توتر العلاقات بين واشنطن وتل أبيب، حيث أشارت إلى وجود توترات في العلاقة بين البلدين بعد صدور تصريحات وانتقادات شديدة اللهجة من نتنياهو، ضد وزير الخارجية الأمريكية جون كيري، وسفير واشنطن لدى إسرائيل دان شابيرو. القناة الثانية بالتلفزيون الإسرائيلي، كشفت منذ مطلع شهر أغسطس الجاري عن بعض المكالمات الهاتفية الصاخبة بين الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء الإسرائيلي حول العملية العسكرية في غزة، ومحاولات التوصل لاتفاق طويل الأمد بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية. شهر مايو الماضي شهد عدة توترات في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، خاصة عقب التصريحات التي صدرت عن وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون، ضد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، فيما يتعلق بجهوده في مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. انتقاد الوزير الإسرائيلي لوزير الخارجية الأمريكية لم يكن الأزمة الوحيدة التي شهدها شهر مايو الماضي بين واشنطن وتل أبيب، حيث كشفت مجلة نيوز وييك الأمريكية، خلال الشهر نفسه عن رفض أجهزة الاستخبارات والأمن القومي الأمريكي الموافقة على طلب كيري، بإلغاء التأشيرات أمام السياح الإسرائيليين. انفراج المفاوضات بين إيران والدول الست الكبرى (أمريكا-روسيا–بريطانيافرنسا–الصين–ألمانيا) وتوصل الطرفين إلى اتفاق مرحلي حول البرنامج النووي الخاص بطهران، يُعد واحدا من أبرز أسباب التوترات بين واشنطن وتل أبيب. رأت القيادة السياسية الإسرائيلية في هذا الاتفاق والانفراجة بين طهران والدول الست الكبرى بمثابة خيانة أمريكية لها، وتخل عن مصالحها وأمنها في منطقة الشرق الأوسط، وهو الأمر الذي عمق الخلاف بين أوباما ونتنياهو، لا سيما وأن الأخير هاجم الإدارة الأمريكية كثيرا على إثر التوصل لهذا الاتفاق مع طهران. مطلع شهر مايو الماضي وخلال زيارة مستشارة الأمن القومي الأمريكي سوزان رايس، لتل أبيب، شهد أيضا جولة من التوترات بين إسرائيل وأمريكا، حيث صرحت المسئولة الأمريكية أنه لا يجب اعتراف تل أبيب بأن طهران على أعتاب أن تصبح دولة نووية فقط، بل عليها القبول بذلك. ومع توالي التوترات الأمريكية الإسرائيلية، بدأت بعض القيادات السياسية في واشنطن وتل أبيب على حد سواء البحث عن طرق جديدة لفتح قنوات اتصال بين البلدين بعيدا عن رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتنياهو. مطلع شهر أغسطس الجاري، نشر موقع ذا بوست الصهيوني، تقريرا له كشف فيه عن سعي وزير المالية الإسرائيلي يائير لابيد، إلى فتح قنوات اتصال سرية مع كبار القيادات السياسية الأمريكية خاصة وزير الخارجية جون كيري، بعيدا عن نتنياهو. الموقع الصهيوني أكد فعليا أن الوزير الإسرائيلي نجح في فتح قناة الاتصال سرا مع الإدارة الأمريكية، مضيفا أن الاتصالات بين لابيد، وباقي القيادات الأمريكية بدأت منذ مطلع أغسطس الجاري دون علم نتنياهو، أو باقي الدوائر الإسرائيلية المختصة. نتنياهو، اعتبر ما جرى من اتصالات سرية بين الوزير الإسرائيلي يائير لابيد، والقيادات الأمريكية خيانة من إدارة باراك أوباما، له ولتل أبيب، وهو الأمر الذي عزز من التوترات بين البلدين. لم يكن لابيد، هو الوزير الأوحد في حكومة بنيامين نتنياهو، الذي سعى لمد جسور تواصل مع الإدارة الأمريكية، بل أيضا وزيرة العدل الإسرائيلية تسيبي ليفني، حاولت ذلك عبر انتقاد مواقف نتنياهو، ومهاجمته بسبب التصريحات التي تصدر عن كبار السياسيين الإسرائيليين ضد واشنطن. وحاولت ليفني، استغلال تعثر المفاوضات بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل خلال المفاوضات التي تستضيفها القاهرة بعد عملية الجرف الصامد في غزة، حيث طرحت الوزيرة الإسرائيلية مبادرة تهدف للتوصل لإتفاق وقف إطلاق النار بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، حيث كانت هذه المبادرة ورقة تغازل بها ليفني إدارة أوباما، كي تطرح نفسها بديلا عن نتنياهو. هذه المحاولات التي بذلها لابيد، وليفني، من أجل فتح قنوات اتصال مع الإدارة الأمريكية بعيدا عن رئيس الحكومة الصهيونية، أثارت الخلافات داخل الائتلاف الحكومي الذي يترأسه نتنياهو. وعلى إثر ذلك، قال موقع ذا بوست الصهيوني، إنه حتى لو انتهت الخلافات الأمريكية الإسرائيلية بانتهاء فترة ولاية الرئيس باراك أوباما، ورحيله عن البيت الأبيض، فإن هناك خلافات لن تنتهي داخل تل أبيب سوى برحيل بنيامين نتنياهو، عن رئاسة الحكومة.