موعد إعلان نتيجة المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب 2025    وزير البترول يبحث مع «بل بوتر» العالمية أليات تمويل مشروعات التعدين    وزير التعليم العالي: الشراكات الدولية ركيزة أساسية لتعزيز قدرات الباحثين ودعم الابتكار    معهد إسرائيلي: 669 غارة جوية على لبنان خلال عام من وقف النار    روسيا: لا يمكن لأي قوة خارجية الحد من إنفاقنا العسكري    عبد الرؤوف يعقد جلسة فنية قبل انطلاق مران الزمالك    دوري أبطال إفريقيا.. تفاصيل الاجتماع الفني لمباراة الأهلي والجيش الملكي    وزير التعليم يصدر قرارا بإعادة تنظيم مدارس المتفوقين والموهوبين ونظام الدراسة والامتحانات    مريم نعوم تعلّق على توجيهات منسوبة للجنة الدراما بشأن مسلسلات رمضان: لو الخبر صحيح سأعلن إضرابي عن العمل    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 27نوفمبر 2025 فى المنيا.....اعرف مواعيد صلاتك    توزيع جوائز الفائزين بمسابقة أجمل صوت فى تلاوة القرآن الكريم بالوادى الجديد    أحمد السلمان: مهرجان الكويت المسرحي موعد مع الإبداع والاكتشاف    الأزهر: التحرش بالأطفال جريمة منحطة في حق المجتمع وحرمتها جميع الأديان والشرائع    رئيس المجلس الوطني للإعلام بالإمارات يزور عادل إمام.. والزعيم يغيب عن الصورة    أحمد عبد القادر يغيب عن الأهلي 3 أسابيع بسبب شد الخلفية    سوريا تعلن إطارا تنظيميا جديدا لإعادة تفعيل المراسلات المصرفية    عقدة ستالين: ذات ممزقة بين الماضى والحاضر!    رئيس جامعة بنها : اعتماد 11 برنامجا أكاديميا من هيئة ضمان جودة التعليم    مقتل سيدة بطلقات نارية في قنا    رئيس لجنة مراجعة المصحف بالأزهر: دولة التلاوة ثمرة الكتاتيب في القرى    «التأمين الصحى الشامل» يقرر تحديث أسعار الخدمات الطبية بدءًا من يناير 2026    وزير الصحة يزور أكبر مجمع طبي في أوروبا بإسطنبول    الصحة: فحص أكثر من 4.5 مليون شاب وفتاة ضمن مبادرة فحص المقبلين على الزواج    أسوان تحصد جائزتين بالملتقى الدولى للرعاية الصحية    بعثة منتخب سيدات اليد تغادر إلى هولندا لخوض لبطولة العالم    اكتمال النصاب القانوني لعمومية اتحاد الكرة لمناقشة تعديلات لائحة النظام الأساسي    منظمات حقوقية: مقتل 374 فلسطينيا منهم 136 بهجمات إسرائيلية منذ وقف إطلاق النار    منال عوض تكرم عددًا من المسئولين لدورهم في نجاح "التنمية المحلية بصعيد مصر"    أوقاف الغربية تنظّم ندوة علمية بالمدارس بعنوان «حُسن الجوار في الإسلام»    التحقيق مع 5 عناصر جنائية حاولوا غسل 50 مليون جنيه حصيلة النصب على المواطنين    إصابة شخص في انفجار أنبوبة غاز بقرية ترسا بالفيوم    خبراء الأرصاد يتوقعون طقسًا خريفيًا مائلًا للبرودة بالقاهرة الكبرى    زهراء المعادي: الموافقة على عرض الشراء الإجباري مرهونة بعدالة السعر المقدم    الهلال الأحمر المصري يرسل القافلة ال82 إلى غزة محملة ب260 ألف سلة غذائية و50 ألف بطانية    وزير الري يعرض المسودة النهائية لهيكلة روابط مستخدمي المياه    وزير التعليم: إدخال مادة البرمجة والذكاء الاصطناعي إلى التعليم الفني العام المقبل    بسبب الإهمال.. استعباد مدير ووكيلي مدرسة في قنا    السعودية: 4.8% من سكان المملكة أكبر من 60 عاما    وزير البترول يعقد لقاءً موسعاً مع شركات التعدين الأسترالية    غلق 32 منشأة طبية خاصة وإنذار 28 أخرى خلال حملات مكثفة بالبحيرة    لتعاطيهم المخدرات.. إنهاء خدمة 9 عاملين بالوحدة المحلية وإدارة شباب بكوم أمبو    وزير الشباب والرياضة يستقبل سفير دولة قطر لبحث التعاون المشترك    عشرات القتلى و279 مفقودًا في حريق الأبراج العملاقة ب هونغ كونغ    روز اليوسف على شاشة الوثائقية قريبًا    محامي رمضان صبحي: التواصل معه صعب بسبب القضية الأخرى.. وحالة بوجبا مختلفة    3 قرارات جديدة لإزالة تعديات على أملاك بنك ناصر الاجتماعى    حقيقة فسخ بيراميدز تعاقده مع رمضان صبحي بسبب المنشطات    المفوضة الأوروبية: ما يحدث في السودان كارثة إنسانية    ارتفاع حصيلة الفيضانات وانزلاقات التربة في إندونيسيا إلى 19 قتيلا    بعد مرور عام على تنفيذه.. نعيد نشر بنود اتفاق وقف إطلاق النار فى لبنان    جولة إعادة مشتعلة بين كبار المرشحين واحتفالات تجتاح القرى والمراكز    عمر خيرت يوجه رسالة للجمهور بعد تعافيه من أزمته الصحية.. تعرف عليها    عصام عطية يكتب: «دولة التلاوة».. صوت الخشوع    محافظ كفر الشيخ: مسار العائلة المقدسة يعكس عظمة التاريخ المصري وكنيسة العذراء تحتوي على مقتنيات نادرة    ضعف المناعة: أسبابه وتأثيراته وكيفية التعامل معه بطرق فعّالة    موعد أذان وصلاة الفجر اليوم الخميس 27نوفمبر2025.. ودعاء يستحب ترديده بعد ختم الصلاه.    «امرأة بلا أقنعة».. كتاب جديد يكشف أسرار رحلة إلهام شاهين الفنية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 26-10-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأغنية.. أداة للمقاومة
نشر في البديل يوم 15 - 08 - 2014

يعتبر الفن من أظهر صور المقاومة وأكثرها تأثيرا بفعل الانتشار والاستمرار الزمني , فالمعارك الحربية والأعمال القتالية تنتهي بانتهاء فعلها وأثرها أما الأعمال الفنية فتظل مخلدة وشاهدة عن المرحلة وما فيها ، وتأتي الأغنية في المرتبة الأولى في هذا المضمار وذلك لسهولة وسرعة انتشارها وتداولها وترديدها.
وللأغنية دور كبير في المقاومة والنضال الوطني وذلك لدورها في الشحن المعنوي للجماهير ضد المستعمر / المستغل, وضد المعتدي حتى ولو كان من أبناء جلدة الوطن, كما أنها أداة لبث الإحباط في العدو والسخرية منه, وكسر صورته والحط من شأنه, وهي سجل لتاريخ الأمة وبطولاتها, وتأكيد روح الصمود للمقاومين والرافضين.
وقد سجلت الأغنية الساخرة المقاومة والنكتة المصرية الكثير من صور الظلم التي كان يمارسها الحكام على الشعب، بل إن التاريخ المصري في رأي بعض المؤرخين ما هو إلا سلسلة طويلة من المظالم التي امتدت إلى آلاف السنين، ولم يتيسر للمصريين مواجهتها إلا بانتفاضات هامشية قصيرة الأجل, لا تزيد عن دور الفواصل والنقط بين الجُمل، أما أسلوب الرد الذي كانوا يجيدونه فهو الدفاع بالكلمة اللماحة وبالسخرية والتشنيع بواسطة الأغنية والنكتة. فإذا تعامل الحاكم مع الشعب على أنه مغفل ومتخلف, تأتي النكتة كي ترد السهم إلى صدر الحاكم في شكل نكتة ترضي الذات وتجلد الحاكم، وتعيد جزءا من الكرامة المسلوبة، وتعري الحاكم وتكشف غفلته وسوء تقديره للشعب ووعيه.
وبرع المصريون منذ القدم في نسج أغاني المقاومة, والسخرية من عدوهم, فيحفظ لنا التاريخ المصري القديم, وبعض المصادر التاريخية أن الرومان حرَّموا على المصريين القيام بأعمال المحاماة أمام محاكم الإسكندرية, لأنهم كانوا يغضون من هيبة القضاء الروماني بالمزاح والسخرية بالأغنية الساخرة والنكتة أثناء مرافعاتهم القانونية وشرح القضايا.
واستمر هذا الملمح في الشعب المصري حتى أن شاعرا كبيرا كابن سودون لم يتبق لنا منه سوى أشعاره وأغانيه المقاومة للحكام بالسخرية منهم, وهي سجل منضبط للحياة المصرية وقتها, راصدا لنا انقلاب الأحوال في عصر من عصور الانحطاط التي كثيرا ما مرت بها مصر.
وتمر السنوات، ونجد ذات الروح الساخرة المقاومة, فنجد بيرم التونسي ساخرا من الملك فؤاد اللاهث وراء إرضاء الإنجليز, الحالم بخلافة له ولابن من بعده, وهاجم بيرم فؤاد مرة أخرى في ابنته "فوقية", وهاجم كذلك "نازلي" التي وضعت فاروق بعد سبعة أشهر من الزواج, مما جعل الجميع يستريبون، ولا يكتفي بيرم بهذا بل يصيغ أغاني مسرحية (شهوزاد) والتي عرضت عام 1921 معرضا بالملك فؤاد وبسلوك ابنته وزوجته.
ثم تأتي تجربة نجم / إمام، والتي شغلت حيزا كبيرا زمنيا ووجدانيا, حتى أن أغاني ميدان التحرير في 2011 كانت أغلبها لهذا الثنائي, ومن روحهما.
وتأتي أغاني المقاومة في منطقة القناة ذات طبيعة خاصة, فلها تاريخها وانتشارها, ونجد احتفالية (الألنبي) كما يسمونها, سياق لأغانِ ذات طابع مقاوم ضد كل الشخصيات التي تمثل لهم صورا من الظلم, تأخذ شكل "الجُرسة", إذ يقوم الناس قبل الاحتفال بفترة طويلة بإعداد المواد اللازمة لصنع الدمية, ويطلقون عليها اسم أكثر شخصية أصابتهم بالإحباط خلال عامهم المنصرم, سواء كانت الشخصية سياسية أو رياضية أو فنية أو حتى شخصيات من مجتمعهم المحلي, ويقومون بعمل زفة لهذه الدمية المحمولة على الأكتاف أو عربات "الكارو" ليلة شم النسيم بداية من آذان العصر حتى غروب الشمس, مرددين مقاطعا من أغانٍ تسخر من اللنبي مثل:
يا اللنبي يا بن حلمبوحة
و مراتك عِره وشرشوحة
يا اللنبي يا وش النملة
مين قالك تعمل دي العَمْلَة
يا اللنبي يا بن الخوجاية
مين قالك تعملها حكاية
إلى آخر المقطوعات الغنائية التي لا تتورع عن استخدام فاحش القول في إطار احتفالي مهين للشخصية المقصودة.
ولمدن القناة تاريخ كبير في أغاني المقاومة مسجلة لهم بطولاتهم ووقوفهم ضد المعتدي, ونلحظ هذا منذ تريدهم لأغاني حفر القناة حيث فقد المصريون 120 ألف شهيدطوال فترة الحفر التى استمرت عشر سنوات, فيسجل لنا الوجدان الشعبي هذه الأغنية:
على الكنال جالس
تحكم وبتوالس
دمك خفيفخالص
وروح يا الغريب
تانى معايا تانى
شيل العلمتانى
فوق الصارى تانى
وقول معاي تاني
روح ياالغريب
وبعد أن أصبح الاحتلال الإنجليزي جاثما على قلب الوطن تغنى الناس على أوتار السمسيمة قائلين:
ساكن بلادى بالقوة عدوي وعدوالدين
أنا مصرى ودمى مانيش بايعه ولا بالملايين
ونيجى نفاتحه فىحقوقنا يعمل مسكين
وبيده حش بيت الكلوة بأحمىالسكاكين
وقد واكب المغني الشعبي ما حدث في الحرب العالمية الثانية وتمنىأن يكون طيارا ليكشف أسرار الحرب فيقول:
يا ريتني أكونطيار
في الجو ليل ونهار
وأنط م البرشوت
ما يهمنيشالموت
يا ريتني أكون طيار
لا أودعالعربية
وأركب الطيارة
دا الجو فيه حرية
لا فيهزقاق ولا حارة
ولما انتهت الحرب العالمية , وتبلورت روح الاستقلال والبحث عن الحرية, فارتفعت الروح الوطنية راح المغني الشعبي يعبر عنتحدي مصر كلها لهذا الاحتلال الغاشم، وقدم فنانوالسمسمية أغانى وطنية تحيى تأميم قناة السويس، وصمود المصريين وتغنى لبطولاتالمقاومة الشعبية.
وظهرت في هذا الوقت العديد من الأدوار الوطنية المقاومة, مثل: "مورهاوس" ، "في بورسعيد الوطنية"، "بلدي يا بلد الفدائيين"، "بورسعيد شباب ورجال" ، "مبروك يا ولاد بلدنا" ، "ما تقولليش وما تعيدليش" ، "بحريا وابور"، "بحروف من نور" ، "ده كنالنا وبحرنا".
ونجد الكابتن غزالي (أشهر من ألف ولحن أغانٍ للمقاومة في منطقة القناة) في النصف الثاني من القرن العشرين, يقول أثناء حرب الاستنزاف:
ملعون أىصوت
يعلى على صوت المعركة
ملعونة المداين
ملعونةالجناين
لو سبت أى خاين
يرعش يوم النضال
ويهتفأيضا بالأمل قائلا:
فات الكتير يا بلدنا
ما بقاش إلاالقليل
بينا يا للا بينا
نحرر أراضينا
واستمرت الأغنية متسمة بروح المقاومة والرفض, وطلب الحرية والاستقلال, ومنع الاستغلال، مستمدة من التراث المصري القدرة على السخرية والمواجهة, وبث الأمل في نفوس المقاومين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.