كشفت بيانات الموازنة العامة للدولة خلال العام المالي الجاري 2014/2015، عن تقليص دعم التأمين الصحي والأدوية، بواقع 811.4 مليون جنيه، مقابل 2.7 مليار جنيه بالربط المعدل لموازنة العام 2013/2014 الماضي، بفارق مليار و 900 مليون جنيه، رغم أن ما تم تخصيصه بموازنة العام المالي الجاري يمثل نسبة 1.4% من إجمالي مخصصات الدعم المقدر بقيمة 178.7 مليار جنيه. وبالنظر إلى تصريحات وزارة المالية السابقة عن إنفاق حوالي 22 مليار جنيه على الاستحقاقات الدستورية بقطاعي التعليم والصحة والبحث العلمي بواقع 9% من الناتج المحلي، إلَّا أنها فعليًّا قلصت دعم الدواء والتأمين الصحي، رغم زيادة مخصصات الصحة بواقع 51 مليار جنيه بزيادة قدرها 19 مليار جنيه عن العام المالي الماضي، بعد زيادات كادر الأطباء، دون الاهتمام بارتفاع معدلات المرض، بنحو 22% من سكان مصر يعانون من أمراض الكبد الوبائي والمعروف ب«فيروس سي» والذي يحصد ما يقرب من 15 مليون مواطن مصري، وتصل تكلفة عقار « سولفادي» المعالج للمرض نحو 2200 جنيه للعلبة الواحدة، وبالتالي فهي لا تتلاءم مع قدرة محدودي الدخل. وبلغ متوسط نصيب الفرد بدعم الدواء والتأمين الصحي طبقًا لتعداد السكان في مايو 2013، لنحو 9.5 جنيه فقط، وبحسب توزيعات السكان على معظم محافظات الجمهورية، ومنها المدن الأكثر سكانًا، جاء نصيب الفرد من الدعم الدوائي بمدينة القاهرة 88 جنيهًا، والإسكندرية 171.5 جنيه، الجيزة بنحو 109.5 جنيه، القليوبية 160.9 جنيه، والشرقية 126.5 جنيه، الدقهلية 139.7 جنيه، كفر الشيخ 258 جنيهًا، و المنوفية 208.5 جنيه، الفيوم 253.5 جنيه، أسيوط 193 جنيهًا، سوهاج 180 جنيهًا، قنا 271 جنيهًا، وبني سويف بنحو 300 جنيه، و المنيا ب159 جنيهًا، والبحيرة بنحو 142 جنيهًا، والغربية بنحو 172.5 جنيه. وفي المدن الأقل سكانًا، بلغ نصيب الفرد بمدينة الإسماعيلية 670.5 جنيه، وبورسعيد ل1236 جنيهًا، والسويس 1326 جنيهًا، وأسوان 541 جنيهًا، و الأقصرب718 جنيهًا، البحر الأحمر ب2393.5 جنيه، الوادي الجديد ب3622 جنيهًا، أما مطروح فقد وصل نصيب الفرد فيها إلى 1918 جنيهًا، و شمال سيناء ب1931 جنيهًا، وجنوبها بنحو 4532 جنيهًا. مع الأخذ في الاعتبار تدهور القطاع الصحي في محافظات الصعيد والمدن النائية وعدم وجود أسرّة للمرضى بالمستشفيات. وفي تصريحات سابقة ذكر الدكتور علي حجازي، رئيس الهيئة العامة للتأمين الصحي، أن عدد المستفيدين من التأمين الصحي يبلغون 47.8 مليون مواطن، وبما يعادل 60% من المصريين، مشيرًا إلى أن متوسط تكلفة علاج المواطن الواحد تتراوح ما بين 500 و800 جنيه سنويًّا. وبحسب ما أوردته وزارة المالية على لسان وزيرها هاني قدري، فقد تم تخصيص 300 مليون جنيه بالموازنة لدعم الدواء وألبان الأطفال. وقال الدكتور صلاح جودة، الخبير الاقتصادي: إن مخصصات الصحة والتي زادت بالموازنة العامة، لم توضح هل تم توجيهها لزيادة الأجور أم لبناء مستشفيات جديدة أو تطوير المعدات والوحدات الطبية لخدمة محدودي الدخل؟ موضحًا أن الموازنة العامة للدولة تعتبر موازنة أبواب فقط دون أن تكون موازنة برامج وأداء، بعكس الموجود عالميًّا. وأشار إلى أن ملايين المصريين يعانون من أمراض مزمنة من فيروس كبد وبائي وقلب وغيرها، في ظل وجود نقص بالدواء الحكومي وارتفاع أسعاره فوق طاقة محدودي الدخل، موضحًا أن الموازنة العامة الحالية تعاني إشكالية تتمثل في عدم ظهور أي نفقات خاصة بوزارة الصحة إلَّا من خلال الوزارة ذاتها ودون أن توضح المصروفات التي تنفق علي البرامج الصحية، موضحًا أنه في الفترة من أبريل حتى يونيو من كل عام، يظهر ما يعرف ب«حرق الموازنة» بالأجهزة الحكومية، وتعني إنفاق الوزارات الفوائض المالية بموازنتها دون تحويلها للخزانة العامة حتى يمكنها فيما بعد من زيادة مخصصاتها، مما يمثل إهدارًا للمال العام. ولا يزال يعاني قطاع الصحة بمصر من عدم سد الموارد المتاحة لاحتياجات المرضى، ما قالته الدكتورة ماجدة شلبي، أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، منتقدة ارتفاع نسبة المصابين بفيرس سي فى مصر إلى 15 مليون شخص.