انتشال 14 جثة بعد غرق مركب مهاجرين أمام سواحل إيطاليا    تشكيل البرتغال المتوقع لمواجهة تركيا في يورو 2024    صمت 89 دقيقة ثم انفجر، لحظة ثورة مبابي على ديشامب لعدم مشاركته أمام هولندا (فيديو)    التشكيل الرسمي لمباراة تشيلي وبيرو في كوبا أمريكا 2024    العثور على جثة طفل ملقاة بالزراعات في البداري بأسيوط    تصل ل 45 درجة.. طقس اليوم شديد الحرارة على كافة أنحاء الجمهورية    كلب مفترس يعقر 12 شخصا بقرية الرئيسية في قنا    اليوم.. مصر للطيران تسير 19 رحلة جوية لعودة الحجاج المصريين من السعودية    أهم أنواع السيارات في مصر    المغرب يدعو فى مجلس السلم والأمن إلى إيجاد حل سياسى دائم للأزمة بالسودان    دار الإفتاء تكشف حكم قراءة المرأة القرآن بدون حجاب    "شاهدت 4 مباريات سابقة".. ماذا قال كولر بعد الفوز أمام الداخلية؟    موعد مباراة الأهلي والزمالك في الدوري المصري والقنوات الناقلة    الهلال الأحمر الفلسطيني: إصابات برصاص قوات الاحتلال جراء الاشتباكات في بلدة بيتا    قتيلان ومصابون إثر إطلاق نار بولاية أركنساس الأمريكية    سفينة تبلغ عن وقوع انفجار في محيطها شرقي مدينة عدن اليمنية    مصدر أمني يكشف حقيقة انتحار نزيلة روسية بأحد مراكز الإصلاح والتأهيل    كارول سماحة تشعل حفل افتتاح مهرجان موازين    تركي آل الشيخ يحتفل بتصدر "ولاد رزق 3: القاضية" إيرادات السينما المصرية    بعد تعرضها لوعكة صحية.. نقل لقاء سويدان إلى المستشفى    عمرو دنقل: رحلة فرج فودة الفكرية مصدر إلهامي لانطلاق روايتي "فيلا القاضي" المؤهلة لجائزة طه حسين    فوق ال 7 من 10.. «رابطة الأندية» تكشف مفاجأة بشأن تقييم بيريرا لحكام مباراة الزمالك والمصري    مفتي الجمهورية: عماد عملية الفتوى الإجابة عن 4 تساؤلات    منظمة الصحة العالمية تحذر من حقن تنحيف قاتلة    أهمية تناول الماء في موسم الصيف    مع انتهاء موسم الحج. سعر الريال السعودي اليوم السبت 22 يونيو 2024 مقابل الجنيه المصري    باعتبارها قوة احتلال، الأمم المتحدة تطالب إسرائيل باستعادة النظام في غزة    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف حنان محمد.. كرات اللحم بالجبنة وصوص الطماطم    وصول أول رحلة للحجاج العراقيين العائدين إلى مطار النجف الأشرف    ملف يلا كورة.. موقف الزمالك من القمة.. انتصار القطبين.. وتطورات السوبر الأفريقي    أخبار اليوم الأسبوعي| حقائب التحدى ومفاجأة الأعلى للجامعات والجمهورية الجديدة    موعد سداد فاتورة التليفون الأرضي لشهر يونيو 2024 في مصر    المصرية للاتصالات.. موعد سداد فاتورة الإنترنت الأرضي يوليو 2024    إصابة 8 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ميكروباص بالفيوم    رئيس شعبة المحمول بغرفة الجيزة: تحرير سعر الصرف وراء انخفاض الأسعار    عين على اليورو.. مواجهة سلبية بين هولندا وفرنسا (تحليل بالفيديو)    تنسيق الثانوية العامة 2024 محافظة القليوبية المرحلة الثانية المتوقع    رئيس مجلس الدولة الجديد 2024.. من هو؟ مصادر قضائية تكشف المرشحين ال3 (خاص)    أشرف زكي: قرارات النقابات المهنية بمقاطعة إسرائيل لا تقبل الجدل (فيديو)    إيمي سمير غانم ضيفة حسن الرداد في «الليلة دوب».. تعرف على الموعد (صور)    التعاون الإسلامي: اعتراف أرمينيا بدولة فلسطين ينسجم مع القانون الدولي    عضو لجنة العمرة يكشف مفاجأة بشأن وفيات الحجاج المصريين هذا العام (فيديو)    دعاء الثانوية العامة مكتوب.. أفضل 10 أدعية مستجابة عند الدخول إلى لجنة الامتحان    طقس المملكة اليوم السبت 22-6-2024 وموجة حارة جديدة تضرب أجزاء من البلاد (تفاصيل)    استعلم الآن مجانا.. نتيجة الدبلومات الفنية 2024 برقم الجلوس والاسم (رابط مباشر)    تفاصيل تحقيقات 8 ساعات ب واقعة مشاجرة إمام عاشور في مول شهير ب الشيخ زايد    أخبار × 24 ساعة.. التعليم لطلاب الثانوية: لا تنساقوا خلف صفحات الغش    أستاذ علوم سياسية: مصر والأردن لهما حساسة تجاه القضية الفلسطينية    بيان الكنيسة الأرثوذكسية ضد كاهن قبطي ينهي الجدل حول أنشطته.. بماذا رد وكيل مطرانية المنيا؟    سباق إيران الانتخابى.. قضايا المرأة والمجتمع والتراشق اللفظى بين المرشحين أبرز ملامح المناظرة الثالثة.. المرشح الإصلاحى يرفض العنف ضد الإيرانيات لإجبارهن على الحجاب.. وانتقادات لسياسة الحجب على الإنترنت    إعلام إسرائيلى: الجيش يقترب من اتخاذ قرار بشأن عملية رفح الفلسطينية    لطلاب الشهادة الإعدادية، مدارس بديلة للثانوية العامة في الإسكندرية    بكري يطالب رئيس الوزراء بتوضيح أسباب أزمة وفاة مئات الحجاج المصريين    مركز البابا أثناسيوس الرسولي بالمنيا ينظم اللقاء السنوي الثالث    أفتتاح مسجد العتيق بالقرية الثانية بيوسف الصديق بالفيوم بعد الإحلال والتجديد    مدير الحديقة الثقافية للأطفال بالسيدة زينب: لقاء الجمعة تربوي وتثقيفي    وزير الأوقاف: تعزيز قوة الأوطان من صميم مقاصد الأديان    وكيل صحة الشرقية يتفقد سير العمل بمستشفى الصدر بالزقازيق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شادي المنيعي يظهر بوجهه في فيديو جديد ل«أنصار بيت المقدس»
نشر في البديل يوم 07 - 08 - 2014

في تحدٍ بارز لتكرار أخبار مقتله في سيناء وتصريح المتحدث العسكري الأخير بأن بعض أبناء القبائل قد قتلوه، ظهر القيادي في تنظيم "أنصار بيت المقدس"، شادي المنيعي، وكنيته "أبو مصعب"، بوجهه متحدثًا بالتفصيل عن عملية "أم الرشراش" (إيلات) التي أسماها التنظيم "ملحمة الفرقان". نُشر الفيلم التسجيلي مساء الأربعاء الماضي في الذكرى السنوية الثالثة للعملية التي تم تنفيذها في 18 من رمضان 1432 ه (18 أغسطس 2011)، وقد أسفرت عن مقتل العديد من جنود الجيش الإسرائيلي وضباطه. إلَّا أن المفاجأة التي كشف عنها الفيديو بشكل غير مباشر العلاقة المباشرة لهذه العملية بمقتل ضابط وجنود مصريين ناحية طابا، وما ترتب على ذلك مما عرف بأحداث السفارة الإسرائيلية في سبتمبر 2011.
إصدار الفيديو.. بعد أيام من تفجيرات العريش
اعتاد تنظيم "أنصار بيت المقدس" توثيق عملياته ثم اختيار توقيت إصدار تسجيلات مرئية خاصة بها ليكون التوقيت ذا دلالة، أو مرتبطًا بحدث سياسي أو تطورات استراتيجية. فمن المتكرر في السنوات الثلاث الماضية إصدار بيانات إعلامية أو تسجيلات مرئية في ذكرى الحادي عشر من سبتمبر دون الإشارة إليها صراحةً في محتوى الإصدار، وعادةً ما يكون المحتوى متعلقًا بعمليات ومهام نفّذوها قبل أيام أو أسابيع. إلَّا أنها المرة الأولى التي يصدر فيها "أنصار بيت المقدس" تسجيلًا طويلًا (تبلغ مدته 37 دقيقة) يتناول عملية قديمة، لا يكاد يذكرها إلَّا المهتمون بشؤون سيناء والأمن الإقليمي.
بدأ الفيلم بمشاهد من العدوان الإسرائيلي على غزة في الحرب الجارية الآن، ومقدمة بصوت المعلّق تهاجم الأنظمة الحاكمة في مصر وتتهمها بالردة والكفر، مع تلميحٍ رافضٍ لدخول الإسلاميين السياسيين معترك الانتخابات والإجراءات الديمقراطية، تلك التي يراها الجهاديون ابتداعًا في الدين وتعطيلًا للشريعة. وفي وصلة من التخوين للحكام العرب جميعًا منذ معاهدة "سايكس – بيكو" التي قسّم بها الاستعمار البريطاني والفرنسي البلدان العربية ورسم حدودها، لم تخل المقدّمة من التشكيك في نصر أكتوبر 1973 ووصفه بالانتصار المزيف الذي يهدف إلى تمرير اتفاقيات وصفها "بالمهينة والمجحفة مثل اتفاقية كامب ديفيد التي ظلت دولة "اليهود" تنعم على إثرها بالأمان على مدى عقود مضت"، كما يقول الإصدار.
أراد الفيديو ربط الأداء العربي المتراجع عن نصرة الحقوق الفلسطينية بالدور الذي يزعم "أنصار بيت المقدس" أنهم نذروا أنفسهم له، فهم يقدمون أنفسهم في هذا الفيديو كبديل "إسلامي" أوحد لاستمرار النضال/الجهاد ضد الاحتلال الصهيوني، دون التفرقة بين اليهود كأهل كتاب وديانة وبين الأيديولوجيا القومية الصهيونية. استشهد الفيديو بالموقف المخزي لنظام مبارك حين أعلنت وزيرة الخاريجة الإسرائيلية السابقة، تسيبي ليفني، عن بدء العدوان على غزة من قلب القاهرة، ثم انتقل مباشرة ليربط أحداث الثورة المصرية بما أسماها "وقفة الصادقين من أبناء الأمة لرد عدوان اليهود ووكلائهم المرتدين ويأخذون بثأر المستضعفين". وبعد انتهاء المقدمة الصوتية، يظهر أحد قادة التنظيم جالسًا في مواجهة الكاميرا بجلباب أبيض وغطرة مرقطة بالأحمر، وقد أُخفى وجهه بتشويش على الشاشة وتم تغيير صوته زيادة في التأمين، معلنًا أن أسباب التأخر في نشر هذا الإصدار وما به من تفاصيل مثيرة، الأسباب الأمنية و"ظروف المرحلة".
إلَّا أن توقيت نشر الفيديو، الذي يوافق الذكرى الثالثة للعملية، لا يمكن فصله عن تفجيرات العريش التي وقعت قبل نشره بعدة أيام. كانت "أنصار بيت المقدس" أعلنت مسئوليتها عن إطلاق 3 قذائف هاون على مدينة العريش الاثنين 14 يوليو (16 رمضان) الجاري، واعتذرت عن وقوع إحدى هذه القذائف في منطقة سكنية حيث قتلت 7 مدنيين، بينهم طفلة عمرها 10 سنوات، وجندي، أما القذيفتان الأخريان فأصابتا هدفهما فسقطتا داخل معسكر الكتيبة (101)، ما يبدو أنه دفع التنظيم إلى التعجيل بإصدار الفيديو لإثبات أن عملياتهم كانت تستهدف بالأساس المصالح والقوات الإسرائيلية، حيث يسود الغضب الشعبي في شمال سيناء ضد العمليات الإرهابية التي قتلت أبناءهم بالتزامن مع قتل الأشقاء في غزة بنيران الاحتلال الصهيوني.
تفاصيل العملية وعلاقتها بأحداث السفارة الإسرائيلية بالجيزة
بحسب الرجل ذي الجلباب الأبيض والغطرة المرقطة بالأحمر، الذي يغلب الظن أنه ورث قيادة التنظيم بعد مقتل توفيق محمد فريج الشهير بأبي عبد الله برصاص الجيش المصري منذ بضعة شهور، فإن "أنصار بيت المقدس" كانوا يخططون لعملية ضد جيش الاحتلال من قبل ثورة يناير، وهو ما يؤكد تشكيلهم كذراع لتنظيم القاعدة في سيناء في 2009 ومطلع 2010. ويبدو أن هذه الخطة لو صح زعمهم تم الشروع فيها بعد أول استهداف لخط أنابيب تصدير الغاز الطبيعي إلى إسرائيل في صيف 2010.
بحسب محتوى الفيديو، فإنهم بعد فترة طويلة من الاستطلاع والرصد، اختاروا موقع العملية على مسافة 20 كيلو مترًا شمال مدينة "أم الرشراش" (إيلات) على الطريق رقم 12 الواصل بينها وبين مدينة "بئر سبع" في فلسطين المحتلة. واعترفوا بأن أفراد المجموعة الأولى، التي أسموها "المجموعة الانغماسية"، ارتدى أربعتُهم أزياء جنود الجيش المصري، وظهر ثلاثة منهم وهم يسيرون في اتجاه الحدود بزي أسود شبيه بزي قوات الأمن المركزي، عرض الفيديو تسجيل وصايا الأربعة: الطاهر الطيب الشهير بأبي هريرة السوداني (سوداني الجنسية)، وعبد الله محمد مختار العربي الشهير بأبي سليمان، وإسلام أشرف طلبة طه الشهير بأبي عبيدة، وأخيرًا أسامة علي محمد علي الشهير بأبي الوليد. وظهر من لهجة الثلاثة أنهم مصريون من وادي النيل وليسوا من سيناء.
أما بقية القوة المشاركة في العملية فكانت مجموعتين، كل مجموعة مكونة من ثلاثة أفراد. ولأول مرة، يعلن التنظيم عن أسماء المشاركين بالكامل؛ ربما لأن أغلبهم قد قتل لاحقًا. فأما المجموعة الثانية التي كان مقررًا بدء الاشتباك، كانت بقيادة القائد العام لأنصار بيت المقدس أبو عبد الله (توفيق محمد فريج)، الذي قتل في مواجهات مع الجيش في مارس الماضي، وعضوية شخص يدعى أبو محمد، تمت إخفاء صورته واسمه الحقيقي لكونه على قيد الحياة، وأخيرًا إبراهيم عويضة البريكات الشهير بأبي يوسف، الذي اغتالته فرقة عمليات خاصة من الموساد قامت بالتسلل إلى سيناء وقتله في قريته "خريزة" في وسط سيناء بمعاونة ثلاثة جواسيس محليين في مايو 2012. أما مجموعة "الإسناد القريب" فكانت مكونة من كل من أحمد نصير القرم الشهير بأبي علي، وحسين التيهي الشهير بأبي جابر، غالبًا قتل في أغسطس 2013، وأخيرًا أبو مصعب، وهو شادي المنيعي، المطلوب الأول في سيناء الذي تكررت مؤخرًا أخبار قتله على غير الحقيقة.
وبحسب الفيديو، فإن الفرقة المكلفة بالعملية اختارت أن تبيت في مواقعها في انتظار فرصة سانحة لتنفيذ العملية بعد فوات توقيتها الأصلي؛ لوجود قوات إسرائيلية كبيرة للتأمين والتمشيط. ما ترتب عليه تأجيل العملية لنهار الخميس 18 رمضان/ أغسطس، حيث تصادف مرور وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، قبل بدء الاشتباك بنصف ساعة، ثم مرور حافلة تنقل ضباطًا وجنودًا من وحدة النخبة. وبالتوازي مع استهداف الحافلة بقذيفة مضادة للدروع، وزرع عبوات ناسفة تحت بعض المركبات واستمرار الاشتباك مع قوات الدعم، كان أبو الوليد (أسامة علي محمد علي) واقفًا على جبل بسلاح مضاد للطائرات، ونجح بحسب زعم الفيديو في إبعاد مروحية مقاتلة كادت أن تتدخل لحسم الاشتباك مبكرًا، وهو ما زاد من عدد القتلى في صفوف الجيش الإسرائيلي.
أعلنت الصحافة العبرية عن مقتل 8 جنود وضباط وإصابة ما لا يقل عن 25 جنديًّا وضابطًا، لكن الفيديو يزعم أن مصادر التنظيم من بدو الأراضي المحتلة أكدوا لهم مقتل أكثر من 40 جنديًّا وضابطًا إسرائيليًّا. ووسط احتفاء "أنصار بيت المقدس" بمقتل القناص "باسكال أفراييم"، الذي يقولون إنه يلقّب ب"القناص الأسطوري" في الجيش الإسرائيلي، فإنهم ألمحوا سريعاً لمقتل أبي الوليد (أسامة علي محمد علي) خلال اشتباكه مع قوة مسلحة مصرية كانت تمّشط المنطقة التي أراد أن يتسلل منها محاولًا العودة إلى سيناء. وهنا يتضح المسكوت عنه في فيديو "أنصار بيت المقدس"، وهو مسئوليتهم عن مقتل الضابط أحمد جلال وجنود الأمن المركزي برصاص الجيش الإسرائيلي؛ لارتدائهم زي الجنود المصريين وخوضهم الاشتباكات على مقربة منهم، الحادثة التي انفجرت بسببها الاحتجاجات الغاضبة في القاهرة، وتصاعدت الأحداث حتى بلغت ذروتها في يوم أحداث السفارة الإسرائيلية في الجيزة، ما ترتب عليه تقديم اعتذار رسمي من إسرائيل ونقل السفارة إلى مكان آخر.
رسائل الفيديو الضمنية والصريحة
احتوى فيديو "ملحمة الفرقان" على كثير من الرسائل الموجهة للعديد من الأطراف، بعضها كان ضمنيًّا والآخر كان فجًّا وصريحًا. أما الرسائل الصريحة فكان أبرزها ظهور شادي المنيعي بوجهه متحديًا أخبار مقتله، ومستهترًا بالتهديدات التي يتعرض لها كرأسٍ لقائمة المطلوبين أحياءً أو أمواتًا في شمال سيناء. وعلى الرغم من كونه متحدثًا رئيسًا بدءًا من الدقيقة العاشرة في الفيلم، ورغم ظهوره المتكرر لفترات طويلة نسبيًّا لشرح التفاصيل الميدانية للعملية، إلَّا أن إخفاء اسمه والاكتفاء بكنيته (أبو مصعب) مؤشر على أن المقصود من الرسالة ليس الرأي العام وجمهور موقع يوتيوب وغيره من مواقع التواصل الاجتماعي، وإنما مقصوده الأجهزة الأمنية التي تتربص به.
أما الرسالة الأهم فقد وجهها الرجل ذو الجلباب والوجه المخفي والغطرة المرقطة بالأحمر، حيث تظاهر بتوجيه رسالة إلى "أعداء الله اليهود" ليعلن من خلال صيغتها موقف "أنصار بيت المقدس" من الجيش المصري الذي يرونه عميلًا للصهاينة ومرتدًا عن الإسلام، ويرون في المعركة معه في سيناء ووادي النيل خطوة على طريق المعركة الكبرى مع "اليهود"، بحسب قوله. أما الأخطر على الإطلاق فهي الجملة الختامية في الفيديو التي نصت حرفيًّا على الوعيد بما أسماه "جيوش المجاهدين من مصر والعراق والشام"، صيغة ذات دلالة مهمة تؤكد تحوّل "أنصار بيت المقدس" من ولائها للقاعدة إلى ولائها لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام المعروف اختصارًا بتنظيم "داعش".
لم يعلن "أنصار بيت المقدس"، حتى الآن، عن بيعة داعش، وقد يكون ذلك بسبب عدم حسم الخلاف الداخلي بين أعضاء التنظيم وقادته حول أحقية الولاء لتنظيم "قاعدة الجهاد العالمي"، والمعروف اختصارًا بتنظيم القاعدة. فبعد أن أعلنوا بشكل ضمني في إصدارات سابقة ميلهم نحو داعش بالثناء عليهم وذكرهم بالاسم مع تجاهل "جبهة النصرة" الموالية للقاعدة وزعيمها أيمن الظواهري الذي كانوا يقتبسون من تسجيلاته الصوتية في إصداراتهم، خلا هذا الإصدار من التصريح بميلهم نحو أي من طرفين. إلَّا أنهم وجهوا رسالة ضمنية عميقة لجمهور الشباب المتأثر بالفكر الجهادي، عن طريق اقتباس أحد أشد المقاطع الصوتية تطرفًا التي ألقاها أسامة بن لادن بصوته. قد يبدو استشهادهم بأسامة بن لادن لجوءًا إلى المرجعية الجهادية التي لا يختلف عليها المتناحرون من القاعدة وداعش، إلَّا أن مضمون الاقتباس يدل على أنهم يستشهدون بأسامة بن لادن في اعتباره "جيوش المدنيين" أهم وأخطر من جيوش العسكريين، وهم بذلك يتخذون موقف داعش، ويعكس خطابهم هذا ما يدور في مخيّلتهم القريبة من عمليات على الأرض المصرية.
وإذا كان فيديو "أنصار بيت المقدس" الأخير، تفادى الخوض في التناحر الدموي الدائر بين القاعدة وداعش، فكان حريصًا على عدم استفزاز قواعد جماعة الإخوان رغم توجيهه النقد المعتاد من الجهاديين للإسلاميين السياسيين بخصوص الديمقراطية "الكفرية" وما شابه ذلك. في وصية أبي عبيدة (إسلام أشرف طلبة طه) وجّه نقدًا لاذعًا للتيار السلفي الدعوي، دون تحديد أسماء المشايخ أو اسم التيار الفكري، لكنه وجّه التوبيخ لمن شغلوا أنفسهم بالعلم دون الحركة فلم يتحركوا إلَّا من أجل الانتخابات. وكان من ضمن نصيحته التحذير من استبدال طاغوت قديم (يقصد المخلوع مبارك) بطاغوت جديد يأتي بالديمقراطية، حيث يرى تيار السلفية الجهادية في العملية الديمقراطية خروجًا عن الشريعة.
اضطر "أنصار بيت المقدس" إلى تجنب الإشارة إلى السيسي أو الهجوم عليه لتفادي التصريح بموقفهم من محمد مرسي. فهم حين استعرضوا صور حكام مصر منذ الراحل جمال عبد الناصر بالتسلسل الزمني حتى الآن متهمين إياهم جميعًا بمحاربة الإسلام والمسلمين، توقفوا عند صورة المشير حسين طنطاوي، ثم انتقلت الصورة والتعليق الصوتي في الدقيقة 4:05 إلى الهجوم على الإعلام الرسمي. يبدو من الفيلم أن حرصهم على عدم استفزاز شباب الإخوان قد حملهم على تجاهل عدوهم الأول حاليًا في سبيل كتمان موقفهم الحاد من حكم الإخوان، الذي يرونه حكم طاغوت لا يختلف كثيرًا عن حكم السادات ومبارك وفترة المجلس العسكري.
بعد يومين من إصدار "ملحمة الفرقان" الذي تعلن فيه "أنصار بيت المقدس" تفاصيل عملية "أم الرشراش" الكبرى، نشر أحد الحسابات التابعة لما يسمى "جيش محمد" إصدارا مرئيا عن تفجيرات قصر الاتحادية بعنوان "للقصاص حياة"، وأهداه لجماعة "أجناد مصر". لم يحتوِ الفيديو على لقطات جديدة أو مختلفة عن الفيديوهات المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن الرسالة الأهم التي تضمنها الفيديو هو إثبات الصلة بين "أجناد مصر" وبين "جيش محمد" الموالي ل"جبهة النصرة" في سوريا، ومن ورائها تنظيم "القاعدة" العالمي.
وفقا لمصادر خاصة بالبديل، فإن "جيش محمد" المقاتل في سوريا يضم كثيرا من المصريين من تيار السلفية الجهادية وغيره من الإسلاميين الذين سافروا للمشاركة في الحرب منذ 2012. على غير المعتاد في إصدارات الجماعات المسلحة، تم نشر "للقصاص حياة" دون عناية بالإخراج وفنيات المونتاج. وقد يكون التوقيت كأنه رد فعل سريع على فيديو "أنصار بيت المقدس"، ما يرجّح نظرية امتداد التنافس بين "داعش" و"القاعدة" إلى الداخل المصري.
إذا صح هذا التحليل، فإن الجمهور الرئيس لهذه الإصدارات ليس الرأي العام، بل شباب الإسلاميين الذين تداعبهم أفكار حمل السلاح، سواء لاستخدامه في الداخل أم في الخارج. تحاول كل جماعة أن تجتذب دائرة أوسع من المتعاطفين معها والمؤيدين لفكرها، سواء بالتوسع في تكفير الجيش والشرطة أو الترويج بأنها تقصر عملياتها على فئة محددة ضيقة منهما. وهو مؤشر على تصاعد الانضمام لهاتين الجماعتين في المستقبل القريب، أو إنشاء جماعات أخرى جديدة، في ظل انسداد الأفق السياسي لاحتواء العنف والجدية في مسار العدالة الإنتقالية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.