ارتضت آلة الإعلام الإخوانية أن تضع تركيا في صورة كاذبة وهمية، فتجد أعضاء جماعة الإخوان يرون أن تركيا هي قبلة الخلافة الإسلامية الصحيحة، وأن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان خليفة هذا الزمان الذي يقود دولته للوقف بجانب قضايا العرب عموماً والقضية الفلسطينية على وجه الخصوص، بينما كل الحقائق على الأرض تخالف تلك الصورة تماماً. نعم تركيا هي دولة إقليمية لها أهميتها فى المنطقة، لكن نفوذها عربيًّا يكاد يكون معدومًا، إلا فى أوساط بعض الإسلاميين وفى القلب منهم جماعة الإخوان، وهو ما جعل صانع القرار التركي يتوهم أن باستطاعته أن يرث دور مصر الإقليمي والعربي على اعتبار أن مصر ابتعدت فترة ليست بقليلة عن ذلك الدور خلال فترة السادات ومبارك والفترة التى تلت ثورة يناير، وأنتجت حالة من التخبط السياسي الداخلي التى انعكست على علاقة مصر بدول الجوار، لذلك تحاول تركيا تسويق نفسها للجمهور العربي على أنها الدولة التى تساند القضية الفلسطينية وقضايا التحرر العربي، ولكن ماذا عن التاريخ والوقائع على الأرض التي تثبت عكس ذلك؟ «البديل» رصدت بعض الوقائع التاريخية والحقائق المثبتة للإجابة عن السؤال: هل تركيا تساند العرب وتدعم فلسطين؟! في هذا السياق يقول مجدي عيسى أمين الشئون العربية بحزب الكرامة الشعبي الناصري إن التاريخ لا يكذب وهو يخبرنا أن تركيا وهي الدولة الإسلامية كما تدعي كانت الدولة "الإسلامية" الأولى التى تعترف بما يسمى "دولة إسرائيل"، تلتها فى الاعتراف بذلك باكستان؛ وذلك عائد لاستخدام الولاياتالمتحدةالأمريكية علاقاتها الوثيقة بتركياوباكستان لمطالبتهما بالاعتراف بدولة إسرائيل على الأراضي العربية الفلسطينيةالمحتلة. وأضاف "عيسى" أنه "بخلاف مسألة اعتراف تركيا بإسرائيل كدولة، تجدر الإشارة إلى أن تركيا عضو فى حلف الناتو العسكري، وهو الحلف التى تسيطر أمريكا عليه دوليًّا والذي من ضمن عقائده العسكرية الحفاظ على كيان إسرائيل فى منطقة الشرق الأوسط والوقوف بجانبها في صراعها الممتد مع العرب". وأشار عيسى إلى أن العلاقات التجارية والعسكرية بين إسرائيل وتركيا قوية جدًّا، حيث يقيم الكيان الصهيوني مناورات عسكرية مع حليفه الاستراتيجي تركيا، وتتيح تركيا مجالها الجوي لتدريب الطيارين الإسرائيليين، كما يمد الكيان الصهيوني تركيا بالطائرات الحربية المصنعة فى إسرائيل برخصة من الولاياتالمتحدةالأمريكية، مؤكداً أنه لم يحدث أبداً أن دعمت تركيا حركات المقاومة المسلحة الفلسطينية سواء بالمال أو السلاح أو التدريب عكس دولة إقليمية أخرى مثل إيران التى تدعم بالمال والسلاح حركات المقاومة العربية مثل حزب الله فى لبنان وحماس في فلسطين. فيما أكد توحيد البنهاوي أمين عام الحزب العربي الناصري أن تركيا دولة لها تأثير إقليمي، ولكن لا يجب أن يكون هذا التأثير على حساب مصر، التى تحتل الدور العربي الأكبر من أي دور آخر، مستدلاًّ بالمبادرة المصرية لوقف إطلاق النار فى غزة ونجاح مصر فى تمرير الهدنة واعتراف الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي وجميع الأطراف بتلك المبادرة دون غيرها، وهو ما يؤكد أن مصر لم تفقد دورها ولن تفقده أو تورثه لأحد، مشيرًا إلى أن "إصرار تركيا على أن تأخذ دور مصر هو الذي يجعلها فى تقع فى صدام معنا". وأضاف "البنهاوي" أن "ما تحاول تركيا ورجب طيب أردوغان أن يسوقوه بأنهم أصدقاء لفلسطين ومساندون للقضية الفلسطينية ليس صحيحًا على الإطلاق، وإذا كان لهم دور منذ عام 1948 مساند لفلسطين فليذكروه لنا، فمصر مثلاً تستطيع أن تقول إنها حاربت في حرب فلسطين، كما قدمت للقضية الفلسطينية ما يزيد عن مائة ألف شهيد، كما وقفت دائماً بجانب الشعب الفلسطيني في نيل حريته وأدت دورًا قومي وعروبيًّا لا ينكره أحد، أما تركيا فلم تقدم شيئًا مطلقًا سوى مواقف للدعاية الإعلامية فقط، ونذكر أن أكبر أزمة رأيناها بين تركيا وإسرائيل كانت استهداف الأخيرة لسفينة تركية تحمل اسم المرمرة وطالبت السلطات التركية حينها باعتذار إسرائيلي رسمي عن الواقعة، وهو ما لم يحدث أبداً ولم تتخذ تركيا أي إجراء من شأنه مقاطعة إسرائيل لا عسكريًّا ولا تجاريًّا ولا على أى صعيد آخر". وأشار "البنهاوي" إلى أن تركيا تمد إسرائيل بالكهرباء والبترول، ثم تأتي لتزايد على الدور المصري، لافتاً إلى أن مصر تعتبر القضية الفلسطينية بالنسبة لها قضية أمن قومي، بينما تعتبرها تركيا قضية يمكن المتاجرة بها لكسب المزيد من النفوذ فى المنطقة وفقط.