في واقعة ليست الأولى من نوعها مدير دار للأيتام بالهرم يعذب الأطفال ويعتدي عليهم بالضرب، وقد تم تسريب فيديو له أثناء الاعتداء على الأطفال، ربما هناك أصعب من هذه الواقعة ولم يتم التعرف عليها حتى الآن، فالأمر لم يبت تعذيب أطفال أيتام بل هو كارثة كبرى، فلنتوقف للحظات ونتساءل: ما مصير هؤلاء الأطفال بعد أن يمر العمر بهم؟ وما هي حالتهم النفسية الآن؟ هل يلعب القدر لعبته معهم والقسوة عليهم أكثر وأكثر بعد أن طغت عليهم الظروف ويأتون لهذه الدنيا بلا أم وبلا أب ليقعوا في أيدي سفاحين لا تعرف قلوبهم الرحمة؟ وأكد خبراء نفسيون أن هؤلاء الأطفال تحولوا مع مرور الوقت إلى مشروع إجرامي وانحلال أخلاقي أي يصبحون كارثة حقيقية على المجتمع. ويقول الدكتور جمال فرويز اسنشاري الطب النفسي إن الأطفال الأيتام يعترضون لتعذيب ولا يوجد سند لهم يحميهم ممن يؤذيهم بغض النظر عن من يمارس العنف تجاههم مشرف الدار أو مدير الدار. وتابع أن هذا الأسلوب ينعكس على الطفل سلبيا لينفجر بكراهيته في وجه المجتمع وكراهية للسلطة " لفظية " موضحا أن مدير الدار هو رمز للمجتمع الذي يعيش فيه طفل دار الأيتام بحيث يصبح الطفل كارها للمجتمع الداخلي والخارجي. وأوضح أن ضرب الأطفال والقسوة عليهم يعرضهم لاضطرابات نفسية وجنسية مشيرا الى أنه التقى بحالات شذوذ بين بنات صغيرات السن " أيتام " نتيجة تعرضهم للعنف والضرب وحين تم نقلهم الى دار أخرى حاولوا ذلك مع مشرفة الدار الجديدة . وأشار الى أن الطفلة مع مرور والوقت بعد تعرضها للتعذيب الجسدي والنفسي تبدأ البحث عن عملية تعويضية عما تعرضت له بأن تأخذ حقها من المجتمع اما تلجأ الى التطرف الديني من ناحية أو تلجأ للتطرف الأخلاقي من ناحية أخرى من حيث انعدام الأخلاق والمثل العليا. وعن الطفل " الولد " فيتكون لديه إحساس بالدونية ويلجأ إما للإجرام للحصول على بعض المكاسب من المجتمع الذي ظلمه من خلال محاولات الابتزاز والسرقة بالإكراه وغيرها من أعمال البلطجة ومن ناحية أخرى يلجأ للتدين هروبا من المجتمع الظالم إلى المساجد ، وهنا يقع هؤلاء في أيادي الجماعات الإرهابية إذ يصبحون لقمة فارغة لهم مستغلين استعدادهم ورغبتهم في الدخول للجنة من خلال وهمهم بأن العمليات الاستشهادية تدخلهم الجنة أو أن تعرضه للإيذاء في صغره يربي داخله طاقة عدوانية ويحاول تفجيرها وهو كبير من خلال إيذاء الآخرين . وتابع أن كل هذه الأفعال تولد أشخاصًا لديهم كراهية للمجتمع وعدم ولاء للمكان الذي ينتمي اليه منوها إلى ضرورة عدم السماح لأطفال دار الأيتام بالالتحاق بكليات الشرطة والجيش تخوفًا من عدم ولائهم . وأوضحت الدكتورة هبة عيسوي أستاذ الطب النفسي جامعة عين شمس أن الفترة الأولى في حياة الانسان كما ذكر علماء النفس أن أول 5 سوات في حياة الطفل هم أهم خمس سنوات في حياته اذ تتشكل خلالهم كل السمات الأساسية للشخصية ، اضافة الى أن الحياة التي يعيشها الطفل لابد أن تحتوي على أمرين أساسيين كي ينمو نمو سوي أول أمر الحب واللعب والأمر الثاني التغذية المناسبة . وأشارت الى أن الآثار السلبية لهذا العنف والقسوة كثيرة جدًّا خاصة أن افتقاد الطفل اليتيم للحب يكوِّن بداخله نزعات مضادة للمجتمع ويظهر ذلك في الاضطراب النفسي لدى الأطفال الذين يقومون بتعذيب القطط والكلاب على سبيل المثال أو يقومون بسرقة زملائهم ويشربون السجائر في سن صغيرة والاضطراب هنا يعرف ب " جنوح السلوك " . وتابعت أن من الآثار السلبية أيضًا تكون الشخصية العدوانية داخل الطفل وهي على سبيل المثل أن يقوم الطفل بضرب آخر دون الإحساس بوخذ الضمير . وشددت على ضرورة أن نوصل للأطفال الذين تعرضوا للضرب في واقعة دار أيتام مكة بالهرم أن هذا الشخص عوقب حتى يشعر الطفل أن المجتمع عادل. وأعربت عيسوي عن تخوفها بأن هذه الأفعال تؤدي بالطفل إلى مشروع مجرم بأن يتلذذ بايذاء الآخرين فيصبح لا مانع من التعذيب مع الضرب وليس الضرب فقط حيث يتلذذ الطفل بالمعنى المعتاد "بشفي غليلي" وهذه الشخصية تعرف بالشخصية السيكوباتية . وأشارت الى أن الرجل سبب لدى الأطفال حالة من التشوه النفسي تستدعي تأهيلاً حتى نقلل من حدة كونه إنسانًا مضادًّا للمجتمع.