ذكر التقرير السنوى للخارجية الأمريكية الذى صدر قبل أيام حول الحريات الدينية فى العالم فى 2013، أن أفرادًا فى مختلف أنحاء العالم يتعرضون للتمييز ضدهم والعنف والانتهاك، وأن لعالم شهد فى 2013 أكبر عملية نزوح للطوائف الدينية. انتهاكات ضد الحريات وعن مصر يرى التقرير أن حكومة الرئيس المعزول محمد مرسي استمرت في مضايقة الشيعة المسلمين، وحظر التحول عن الدين الإسلامي. وذكر التقرير عددًا من الوقائع منها حالة المعلمة المسيحية بالأقصر "دميانة عبيد عبد النور" التي تم تغريمها 20 ألف جنيه وحبس ستة أشهر بتهمة ازدراء الدين الإسلامي، واعتقال الناشط القبطي "ألبير صابر عياد" سبتمبر 2012؛ لنشره تسجيل فيديو عن الأديان على صفحته بالفيس بوك، وحكمت محكمة جنح المرج بسجن ألبير ثلاث سنوات وغرامة مالية. وتحدث عن اعتقال ثلاثة أفراد لعائلة الشاب القبطي (أبانوب) 2012، في مدينة الواسطى ببنى سويف، الذي أشيع عنه أنه تزوج من فتاة مسلمة (رنا حاتم) تبلغ من العمر 21 عامًا، وفروا من البلاد معاً. وقامت الشرطة باعتقال والديه المسنين، وابن عمه بتهمة مساعدة تحويل الفتاة إلى المسيحية. كما انتقد تجاهل الحكومة التحقيق ومقاضاة القادة العسكريين والشرطة المسؤولين عما جرى في ماسبيرو في أكتوبر 2011، حيث حكمت محكمة عسكرية على ثلاثة جنود من ذوي الرتب المتدنية ما بين سنتين وثلاث سنوات في السجن؛ لتورطهم في الحادث، وحكم على اثنين من الأقباط المتهمين بسرقة أسلحة أثناء الحادث ماسبيرو بثلاث سنوات في السجن في فبراير. ترحيب مختلط بالتحفظ من جانبهم أبدى مختصون فى ملف الحريات الدينية تحفظاتهم على التقرير الذى لم يأتِ بجديد من وقائع الانتهاك التى رصدتها تقارير المنظمات المصرية، إلا أنه حمل بين طياته تعديل وجهة النظر الأمريكية فى رأيهم فى 30 يونيه. وقال إسحاق ابراهيم، مسئول ملف الحريات الدينية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إن التقرير لم يأتِ بجديد فيما يتعلق بالجزء الخاص بمصر، وإن ما ذكر فى التقرير رصدته المنظمات الحقوقية المصرية من بينها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية. وأوضح إبراهيم أن عام 2013 شهد عددًا من الوقائع فى عهد الرئيس المعزول تتعلق بالحريات الدينية منها قتل الشيعة بعد الخطاب التحريضى فى 14 أغسطس 2013، كذلك حوادث مثل حادثة الوراق، وأشار إلى أن التقرير كل ما أتى به هو رصد للوقائع. ويرى إبراهيم أن الدولة المصرية ما زالت تواصل سياساتها فى العصور السابقة، فما زالت البنية التشريعية كما هى ولم تتغير كى تتناسب مع الدستور الجديد، وما زالت سياسة الدولة فى حل المشاكل الطائفية كما هى عن طريق المجالس العرفية وأغلبها ينتهى بتهجير الأسر المسيحية كما هو الأمر فى المطرية، وكانت الجلسة العرفية برعاية قسم شرطة المطرية. كما أن الدولة فى الوقت الحالى متمثلة فى السلطات الأمنية تتبرع فى التضييق على حرية الاعتقاد، حيث إنه فى بداية شهر يوليو الماضي قامت قوات الأمن بالقبض على عدد من المسيحيين أثناء قيامهم بإدخال إصلاحات منها تركيب (أبواب وشبابيك) على كنيسة فى قنا. وأكد الباحث فى الحريات أن الشىء الوحيد الذى تغير فى الوقت الحالى هو أن الدولة توقفت عن الخطابات التحريضية كما كان يحدث سابقًا. من جهته قال مينا ثابت، الباحث المسئول بملف الحريات الدينية بالمفوضية المصرية للحقوق والحريات، إنه من الواضح من التقرير أن الحريات الدينية فى العالم أصبحت فى وضع مُتردٍّ، خاصة فى منطقة الشرق الأوسط. وأشار إلى أن التقرير يعكس تطورًا فى رؤية الإدارة الأمريكية فى رؤية الوضع فى مصر فى الوقت الحالى، حيث إنه بحسب التقرير الدولى السادس عشر للحريات الدينية الصادر فى إبريل الماضى، ذكر أن ما حدث فى مصر فى 30 يونيه هو انقلاب على رئيس منتخب ديمقراطيًّا، بينما تقرير الخارجية الأمريكية بشأن الحريات الدينية لم يتطرق إلى هذه النقطة، وتجاوزها بدون أى إشارة إلى 30 يونيه سوى ذكر جملة "بعد محمد مرسى تولى عدلى منصور". كما أن التقرير يعكس تطور نظرة أمريكا لوضع الجماعات المتطرفة فى مصر، حيث ذكر أن الجماعات المتطرفة فى مصر هى المسئولة بالتنسيق مع جهات الاعتداء على كنائس فى المنيا بعد أحداث فض رابعة. توظيف سياسى للتقرير ومن منظور سياسى قال الدكتور معتز سلامة، الخبير السياسى بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، بشكل عام فإن التقارير التى تصدر بشأن الحريات الدينية سواء كانت من لجنة الحريات الدينية أو الخارجية الأمريكية فى الغالب توظف لخدمة السياسة الأمريكية. وأضاف سلامة "كما أن هذه التقارير ركز على حالات فردية ثم تقوم بتعميمها على الوضع العام للدولة، فلا يمكن قياس الدولة بعدد من الحالات الفردية، خاصة أنه خلال السنوات الماضية شهدت الدولة الرسمية فى مصر تحسنًا ملحوظًا على مستوى الحريات الدينية، وبالتأكيد هناك حالات فردية، لكنها ليست من الدولة الرسمية، بل من قبل جمعات وكيانات متطرفة". وتابع أن "الدساتير المصرية فى السنوات الماضية شهدت تحسنًا فيما يتعلق بوضع الحريات الدينية، وإذا لم يشر التقرير إلى هذه النقطة، فإنها ستعد أمرًا غير صحيح".