قدم للأدب العربي أكثر من عشرين مجموعة قصصية، وخمس روايات، وعشر مسرحيات، وترجمت أعماله إلى العديد من اللغات العالمية، مما أهله لأن يكون أمير القصة القصيرة بلا منازع، أنه الأديب الراحل يوسف إدريس الذي أنفرد قلمه بالدقة والتركيز والتعبير المميز. ولد يوسف إدريس في 19 مايو من عام 1927م في قرية "البيروم" بمحافظة الشرقية شمال مصر، تلقى دراسته الاولية في محافظة الشرقية وانتقل عام 1945م إلى القاهرة ليدرس في كلية الطب التي تخرج فيها عام 1951م. بدأ يوسف إدريس كتابة القصة القصيرة منذ وقت مبكر بعد التحاقه بكلية الطب، وجذبت قصصه الأولى «الانتباه» إلى أن اسم يوسف إدريس سيصبح من الأسماء اللامعة في فترة وجيزة وهو ما حدث بالفعل خاصة بعد كتابته قصة «أنشودة الغرباء» والتي نشرت في مجلة "القصة" عام 1950م، ثم تابع نشر قصصه في مجلة "روزاليوسف"، ثم قدمه عبدالرحمن الخميسي إلى قراء جريدة "المصرى" التي كان ينشر فيها قصصه بانتظام وأصدر يوسف إدريس مجموعته القصصية الأولى «أرخص ليالي» عام 1954، وقد لاقت ترحيبًا كبيرًا من النقاد والقراء. كتب يوسف إدريس عدة مقالات في مجلة «صباح الخير»، ثم أصبح من كتاب جريدة "الجمهورية"؛ حيث بدأ بنشر حلقات قصص «قاع المدينة»، و «المستحيل» و«قبر السلطان»، ثم انطلق يوسف إدريس مؤكدًا مكانته كأبرز كتاب القصة القصيرة. واستطاع «ادريس»تثبيت أقدام القصة القصيرة ونقلها من المحليّة إلى العالمية؛ حيث اختار موضوعاتها من حياة الإنسان العربي المهمش، فخلق قصة عربية، بلغة عربية مصرية قريبة من لغة الإنسان العادي وبذلك نقلها من برجها العاجي إلى لغة التخاطب اليومي، وبالنسبة لشخصيات قصصه فقد ركز على نمطين من أنماط الشّخصيّة القصصيّة وهما: شخصيّة المرأة باعتبارها عنصرًا مسحوقًا ومهمّشًا أكثر من غيره، فنذر حياته للدّفاع عنها وللكتابة من أجلها، اما النمط الثاني فهو الشّخصيات الرّجوليّة وهي شخصيّات، في معظم الحالات، من قاعدة الهرم، من الشريحة المظلومة في المجتمع المصري وهي تمثيل للإنسان المصري الذي يعيش على هامش الحياة المصرية بكل مستوياتها. وقد شهد نهج يوسف إدريس في كتابة القصّة القصيرة تغيّرًا جذريًا، في نهاية الخمسينيات واوائل الستينيات، فالتصوير الواقعي، البسيط، للحياة كما هي في الطبقات الدنيا من المجتمع الريفي، وفي حواري القاهرة، بدا يتلاشى، ويظهر نمط للقصّة أكثر تعقيدًا، وتدريجيًا، أصبحت المواقف والشخصيات أكثر عموميّة وشمولية، إلى أن قارب نثره تجريد الشعر المطلق، ويشيع جو من التشاؤم، وينغمس أبطال القصص في الاستبطان والاحتدام، ويحل التمثيل الرمزي للموضوعات الأخلاقية والسياسية محل الوصف الخارجي والفعل المتلاحق. حصل الأديب الكبير يوسف إدريس على العديد من الجوائز كان اشهرها جائزة عبد الناصر في الآداب عام 1969، وجائزة صدام حسين للآداب عام 1988، وجائزة الدولة التقديرية عام1990. وقد توفي «إدريس» في الأول من شهر أغسطس عام 1991م.