فيوليت كانت لي الصديقة التي تدعم وتسند في أوقات الشدة، تحملتني فيوليت عاما كاملا، في بلاد الغربة التي وصفها عميد الأدب العربي طة حسين بانها بلد. الجن والملائكة، فرنسا. لم اكن أعرف شيئا في باريس لا سكن ولا أسواق ولا مترو ولا لغة بطبيعة الحال، وكانت الحياة حزينة وقاسية ومبهرة، كل صغيرة تثير الإبهار والتمني لمصر علي البعد أن نراها مثل فرنسا، بلد فيها حقوق وفيها حريات وفيها كرامة رغم تعدد الألوان والثقافات والأجناس واللغات، انصهر الناس في ألا يفرق بينهم الا الخروج علي القانون. فيوليت كانت الهادي والبوصلة لا تنسي صغيرة ولا كبيرة تحضر الطعام والشراب لصديق عمرها وصديق عمر زوجها الحقوقي المناضل هيثم مناع كما تحضر الكتب وتحكي الحكايات للراحل الكريم زوجي محمد السيد سعيد، ننتظر حضور فيوليت كما ننتظر الأمل في الشفاء والعودة إلى مصر. لم تشعر فيوليت بمعني الوجود في فرنسا، وفشلت أنا في أن أنقل لها معني الهوة التي تفصل بيننا وبينهم، أقول لها هذا البلد يحترم الإنسان ويمنحه حقوقه، فتقول لي هذا البلد فيه تمييز عنصري، أقول لها انتم تعيشون وتتعلمون وتتلقون العلاج علي نفقة الدولة فتقول لي نحن نعمل ساعات طويلة في بلد لا يرحم لان من لا يعمل يتسول، أقول لها هذه بلد نظيفة، فتقول لي تعالي الي الضواحي حتي تري البلد علي حقيقتها، أقول لها لايوجد في فرنسا فقر ولا عوز، فتقول انت لا تعرفي غير الشانزليه وشاتليه وسان ميشيل، وعندما أعيتني فيوليت واكتشفت أنني وهي طرفي نقيض لجأت الي طريقة أخري تماماً وقلت لها يا فيوليت سوف أسالك ثلاثة أسئلة فقط وإذا كانت الإجابة عليها بنعم فعليك أن تعرفي النعمة التي انعم الله بها عليك وتريحني من ردودك فقالت اسألي قلت: السؤال الأول، هل تتنفسي هواء نقيا فيه أكسيجين، قالت: نعم، قلت: هل تشربين مياه نقيه لا تسبب الفشل الكلوي، قالت: نعم، قلت: هل تحميك الشرطة الفرنسية ولا تمتهن كرامتك وبينك وبينها القانون، قالت: نعم، قلت: يا فيوليت هذه الأشياء لا توجد في بلادي، هل تعرف عزيزي القارئ رد فعل فيوليت عندما قلت لها هذا ؟ سكتت فيوليت عن الكلام.