حين يصمم المصرى على تحقيق شيء ويصر عليه فلن يتمكن أحد من الوقوف فى وجهه، وهذا ما أثبتته تجارب عديدة على مدار تاريخنا الذى يضرب بجذورة فى قلب التاريخ. وليس أدل على ذلك من ثورة يناير 2011 التى أسقطت نظام مبارك الاستبدادي الذى ظل جاثما على قلب مصر على مدار أربعين عاما كان الفساد والفشل والتبعية أبرز ملامحها، ثم تلا ذلك تحدى المصريين للجميع وخروجهم لاسقاط دولة المرشد فى 30 يونية 2013 وافسادهم لما كان يحاك لمصر وللمنطقة كلها فيما يسمى بالشرق الاوسط الكبير ،الذى تسعى من ورائه أمريكا لفرض المزيد من الوصاية وللتكريث للاحتلال الأمريكى المستتر حينا والمعلن فى أحيان كثيرة، ولقد كان التحدى الحقيقى أمامنا يتمثل فى مجابهة تيارات العنف والإرهاب التى صالت فى بلادنا وجالت تحت عباءة الجماعة الإرهابية، التى زين لها شيطانها أنها قد ملكت البلاد وأذلت العباد، لكن أراد الله أن تتكشف خططهم ويظهر للجميع خبث دعواهم وسوء طويتهم، ولقد خاض المصريون حربا شديدة ضد القوى الدولية التى رأت أنها تمر بمرحلة ضعف يمكن من خلالها أن تقبل أجندات هذا المعسكر أو ذاك، ولقد أظهرت المرحلة الانتقالية حقيقة الإنسان المصرى ومقدار عناده وتحديه الأخطار، ولو أننا عظمنا من هذه الروح وارتفعنا على خلافاتنا الإيديولوجية وانحيازاتنا فسوف تشهد مصر نقلة كبيرة تضيف إليها وإلى الأجيال التى يتشكل وعيها الآن، والتى تخرج لبراح التجربة الإنسانية محملة بروح ثورة شعبية ملهمة صنعها المصريون فى يناير 2011 وأتبعوها بموجة عظيمة فى 30 يونية، ولو أننا تكاسلنا وعدنا لسيرتنا الأولى من عدم المشاركة فى مجريات الإحداث فلا نلومن إلا أنفسنا لأننا بذلك سنفسح المجال للثعالب المتربصة بنا وبثورتنا ونعطيهم الفرصة للانقضاض والإجهاز على مكتسبات الشعب المصرى التى حازها بدماء شبابه المخلصين الذين توقوا لرؤية مصر جديدة متحررة متقدمة خالية من القهر والتسلط والاستبداد . لن يحدد الرئيس، مهما كانت شعبيته أو مهما كانت رؤيته أفكاره، مستقبل مصر وحده، بل سيحدد الشعب المصرى ملامح مستقبله، لو أراد ذلك، ولو أراد أن يأتى على مصر مستقبل بهى يليق بها وبشعبها وبتاريخها المجيد، ويليق بأرواح أولئك الذين صدقوا الحلم وقدموا أرواحهم قربانا له ولمصر، كما أن التجربة الثورية المصرية قد كرست لعدم تقديس الحاكم أو إنزاله فى منزلة "فوطبيعية" تجعله بعيدا عن النقد ومنزها عن الخطأ!! خاصة وأننا قد عانينا طويلا بسبب تلك الآفة التى أبتلينا بها على يد نفر منا احترفوا النصب السياسى وبرعوا فى الدجل على كافة مستوياته، واستخدموا فى سبيل ذلك كل شيء بداية من مقدرات الدولة ووصولا للدين نفسه الذى وظفوه لخدمة مشروعهم الخبيث، لن يتوقف المصري عن إبهار العالم بثوراته لكنه الآن مدعو للبناء وللتأكيد على أحقيته فى الانتماء لبلد عظيم مثل مصر، فلننحى كل الاختلافات جانبا وهيا بنا للثورة فى العمل، وعلى دعاة الفرقة والفتنة الامتناع فلن يجدوا لهم بيننا موطأ قدم.