دعوا الشعب يعرف "السيسي".. وهو لن يعرفه إلا في الحكم.. بصرف النظر عن أن البعض يتوقع أنه سوف ينجح ويستطيع، وعن أن آخرين لا يتوقعون ذلك ومن بينهم مع الأسف الشديد كاتب هذه السطور!. هذا، مثلما لم يعرف الشعب "الإخوان المسلمين" إلا وهم في الحكم.. حيث لمس بنفسه الفشل الذريع!. أما نحن فنتوقع أن السيسي في الحكم سوف لا يستطيع ولن ينجز، ولن يحقق رجاء الذين انتخبوه، هذا الأسبوع، وأملهم فيه!. إننا نرى ذلك، بناء على معطيات وعوامل، مع أننا من قلوبنا نتمنى أن ينجح الرجل… ليس من أجله، وإنما من أجل هذا الشعب الذي عانى طويلاً، وعلى التخصيص غالبيته المطحونة، المحاصرة بالمظالم من كل جهة. إن الخراب والفساد والتبعية والاستبداد الذي عم المحروسة الحزينة، منذ 1974 على يد نظام السادات، وزاد على يد نفس النظام في عهد مبارك الطويل، وأوغل فيه عهد الإخوان القصير.. كل هذا التردي والدمار، لن تصلح معه على الإطلاق الأفكار اليمينية أو المحافظة أو حتى "الإصلاحية" للسيسي، بل من المستحيل أن تصلح الآن غير الحلول الجذرية الثورية الشاملة… وهو أمر أبعد ما يكون عن "السيسي" ورؤاه وتكوينه، تاريخه و"تركيبته". كخلاصة: إن الفساد والاستبداد والتبعية في مصر، باتت مشكلات بل كوارث بحجم مهول ومروع، وعلى مدار أربعين سنة، ولذلك فإن العلاج لن يكون إلا بسياسات وإجراءات قاسية، ستغضب أصحاب المصالح، فلن يجرؤ على اتخاذها، في الداخل والخارج، إلا ثوري كبير.. على النقيض من السيسي الذي يتحدث عن الحلول الجزئية والتقشف: (ومخاطبة الخير الكامن في قلوب رجال الأعمال).. و(كامب ديفيد المستقرة في وجدان الشعب).. و(ملك السعودية كبير العرب).. و(السادات الزعيم العظيم والرائد وجيهان أم المصريين)..!!. ولنتذكر معاً: حينما بدأ "مبارك" حكمه قلنا وكتبنا أن من المستحيل أن يقدم الرجل شيئاً حقيقياً نافعاً للبلاد، وأنه لن يسير إلا على خط رئيس الارتداد الذي اختاره خلفاً… وقلنا وكتبنا أن مبارك الذي تجاوز سن الخمسين وقتها، لن يستطيع أن يغير بنفسه شيئاً.. أو "بتركيبته" التي استقرت وتأكدت على نحو معين وانتهى الأمر!. والمفارقة أن عديدين، من مثقفين وطنيين وحتى معارضين وقتها، آملوا في "مبارك" خيراً، وتوقعوا تغييراً جذرياً لصالح الجماهير الشعبية على يده… تماماً مثلما يحدث الآن بالنسبة "للسيسي"!.. (الذي يبدأ حكمه الآن وهو في عامه الستين). بل قال بعضهم وقتها، مستبشرين بخطابات مبارك الأولى (التي قيل أن أسامة الباز صاغها): "أخيراً هذه هي روح الناصرية تعود!.. ألم تقرأوا عبارات ومفردات الخطاب!!". لكن سرعان ما خاب ظنهم وأملهم. إنما بدءاً من (25 يناير 2011)، لن يكرر شعبنا التمهل الطويل… ولن يعطي فرصاً كثيرة متعاقبة، لمن يماطل ويخدعه، ويسئ إليه وإلى مصالحه!. ونحن نحسب أن الذين صعدوا بالسيسي.. وأنجحوه وأجلسوه على عرش مصر في هذه اللحظة من تاريخها، هم تلاقي ثنائي.. من "المخدوعين" و"الطماعين"!. أولاً: قطاع من الشعب مخدوع.. تصور وهما أو صوروا له أن "السيسي" هو المؤهل الأول بل الوحيد لتحقيق (العيش والحرية والأمن والعدل).. لكنك لن تستطيع أن تخدع كل هؤلاء كل الوقت!. ثانياً: فئة من الذين يطمعون إلى الحفاظ على مصالحهم الطبقية وإلى المزيد من الغنائم.. على حساب كل جماهير الشعب وأوسعها وأكثرها تعرضاً للمظالم. لكن مثل ذلك كله عمره قصير. كما أن البعض يتناسى أن مصر تعيش في هذه المرحلة.. "طبيعة الحالة الثورية"، وليس وقتاً تقليدياً مستقراً. وفي مراحل "الثورة"، لن تصل البلاد إلى مستقر ولن يهدأ حال، إلا بالبدء الجدي في تحقيق أهداف الثورة.. مهما دفع الناس من أثمان ومهما طال المطال!. ويبقى ما لابد من استكماله في مقالنا المقبل.