في الوقت الذي انقسم فيه المثقفين المصريين بين مؤيد للتيار المدني وأخر للعسكري، سبح الكاتب الكبير محمد المنسي قنديل ضد التيار، فكان له رايًا أخر، رافضًا المشهد السياسي الحالي والصراعات على السلطة بين جماعة الإخوان المسلمين وانصار التيار العسكري، قائلًا: مصر تعيش أكذوبة كبيرة، ضخمها الإعلام بشكل مبالغ فيه من خلال التعظيم لشخصيات بعينها لا تستحق كل هذا التقديس، مجسدين مقوله "غرام الضحية بالجلاد"، فقد أغرموا بجّلادهم على حساب الوطن وكرامة الشعب، لذا اعتقد أن الأمور لن تستمر هكذا، وهناك شئ كبير سيقلب الأحداث، لكن متى؟ لا أحد يعلم. جاء ذلك خلال توقيع «قنديل»، كتابه الجديد «لحظة تاريخ» بمكتبة ألف بمصر الجديدة مساء أمس السبت، مشيرًا إلى أن المصريين بحاجة إلى إعادة صياغة للتاريخ كما يجب أن يكون، فالأحداث الراهنة تم تزيفها وخُلطت الأوراق حتى لا تظهر الحقيقة، قائلًا: موقعة الجمل أفضل نموذج لنتأكد أن العدالة في مصر ليست على ما يرام، ولكن ليس هذا عيب القاضي، فالخطأ كان في البداية من عدم اكتفاء الأدلة وخلط المستندات وحذف بعضها، في الوقت الذي تهربت فيه "الدخلية" من مساعدة العدالة، فكيف تبحث عن الجاني وهي المتورطة؟، فهل تدين الشرطة نفسها؟، بالطبع لا، فكانت النتيجة قضايا ناقصة الملامح والأدلة، لكن هذا ليس مبررًا فكان على القضاة أن يتنحوا عن تلك القضايا لعدم اكتفاء الأدلة الماثلة أمامهم، لكنهم فضلوا الحكم بربع الحقيقة. أضاف «قنديل»، أثبت علماء الاجتماع في مصر أن الفقر هو ما يجعل الحاكم مستعبدًا لرعيته، لذا حرص كل حكام مصر أن يظل الفقر عمودًا اساسيًا يرتكز عليه الحاكم، ابتداءٍ من المماليك الذين قسموا مصر إلى 24 قيراط، فكان يأخذ السلطان 4 قراريط والجيش والقادة 4أخرين، وهكذا يستمر التقسيم حتى يتبقى قيراط واحد يتم توزيعه على كل المصريين، وحتى الآن مصر على هذا التقسم وإن كان بطرق أحدث ملتوية، فالحكام يحرصون على السلطة أكثر من أن يستنير شعبهم، بدليل أن الصعيد حتى الآن موطنًا للجهل والفقر والجوع والأمراض. تابع قنديل: هناك أسلوب أخر يحرص عليه الحكام قبل تولي الحكم، هو إرهاب الشعب وبث الرعب في نفوس الرعية، كما فعل "محمد علي" مع المماليك في مذبحة القلعة، فاستطاع أن يحكم المصرييين بقبضة من حديد، وهذا ما يحدث حاليًا، فيحاول كل حاكم أن يرهب شعبه حتى لا يثوره عليه. كما أشار مؤلف «يوميات غائب في البر الغربي»، إلى أن هناك ثورة في الثقافة والنشر قامت على أيدي شباب المبدعين سبقت ثورة 25 يناير، فانتشرت الأعمال الأدبية التي تدشن التمرد والثورة، وبفضل هؤلاء الشباب تجرأ المثقفون الكبار بعدما أرهقهم ضغيان الحاكم، فسطروا الثورة من جديد على أوراقهم.