التعرف على طبيعة السياسة الخارجية المصرية في مرحلة ما بعد ثورة 30 يونيو، ومعرفة التحركات المصرية في جميع القضايا الإقليمية تجاه إفريقيا والعالم، فضلاً عن الهدف من تنوع العلاقات والصداقات الدولية، تطلب منا الحديث إلى شخصية مطلعة بسياسة مصر الخارجية. «البديل» حاور المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية السفير بدر عبد العاطي، والذى أكد أن مصر تتعافى وبدأت بالفعل تستعيد مكانتها الإقليمية والدولية، موضحًا أن المجتمع الدولي بات يدعم خارطة الطريق، ويريد لمصر الاستقرار وبناء نظامها الديمقراطي، مؤكدًا على رفض التدخل في الدولي في الشؤون الداخلية… بداية.. هل استعادت مصر مكانتها على الساحة الدولية في الوقت الراهن؟ مصر تتعافى وتستعيد بالفعل مكانتها الإقليمية والدولية، وهناك نشاط ملموس ومكثف في الفترة الأخيرة منذ تشكيل الحكومة التالية لثورة 30 يونيو، وأي متابع لتحركات الخارجية المصرية سيرى أن وزير الخارجية السيد نبيل فهمي، يبحث عن قرب استعادت الدولة لعافيتها، فضلاً عن أن أول مؤتمر صحفي عقده بعد توليه منصبة تحدث عن استعادت مركزة الدور المصري في محيطها العربي بالإضافة إلى استعادت دورها في القارة الإفريقية. وكيف ترى موقف المجتمع الدولي من الأحداث التي تشهدها مصر حاليًا؟ بات المجتمع الدولي كله يدعم خارطة الطريق، ويريد لمصر الاستقرار وبناء نظامها الديمقراطي، وفى ما يخص بعض التعليقات هنا أو هناك على أحكام قضائية أو على إلقاء القبض على بعض الإفراد الذين يخترقون القانون، فإننا نشدد دائمًا على أن القضاء المصري مستقل استقلالًا تامًا، ولابد من احترام أحكامه واستقلاليته، فهناك إجراءات قانونية واجبة، والحكم لا يعد نهائيًا لأنه يذهب إلى محكمة النقض لإعادة النظر فيه ومراجعته بالكامل. إذًا.. كيف ترى موقف الدول العربية من المبادرة المصرية الخاصة بمكافحة الإرهاب؟ المشاركة المصرية في القمة العربية الأخيرة بالكويت أكدت أن مصر مستمرة في كونها أمَّ العرب، كما أن لها دور الريادة في المنطقة، وتعكس التحرك المصري الواعي الشمولي الذي يركز على المجال الحيوي لمصر إقليميًا، بالإضافة أن خطاب الرئيس المصري المستشار عدلي منصور، كان الخطاب الوحيد الذي تناول بشكل كبير وشمولي كل هموم الدول العربية، ولم يقتصر على شؤون مصر الداخلية، حيث تضمن قضايا اقتصادية اجتماعية وسياسية تمس العالم العربي، وهو ما تجسد في الأفكار التي طرحت مثل "مبادرة مكافحة الإرهاب، ومبادرة مكافحة الأمية والقضاء على الأمية في العقد القادم 2014 إلى 2024 إضافة إلى المبادرة الخاصة بالتعاون بين المثقفين العرب في مواجهة الأفكار التكفيرية، وأيضًا مبادرة اقتصادية لتنشيط التعاون الاقتصادي بين الدول العربية"، كل هذه المبادرات يتم متابعتها بشكل فعال. وعلى سبيل المثال تحركت الخارجية المصرية في المبادرة التي تخص مكافحة الإرهاب ومنذ البداية كانت أول مبادرة طرحتها الدولة على لسان «نبيل فهمي» في اجتماع وزراء الخارجية العرب بالقاهرة 9 مارس والتي تضمنت 6 نقاط محددة، أهمها عقد اجتماع لوزراء الداخلية والعدل العرب لوضع آلية لتنفيذ الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب لعام 98. إلى أي مدى لعبت الدبلوماسية المصرية دورًا في تغير اتجاهات بعض الدول نحو "جماعة الإخوان المسلمين" وإدراجها تنظيمًا إرهابيًا؟ الخارجية المصرية تحركت في المجال العربي كما ذكرت، والآن يوجد توافق عربي كامل لمواجهة الإرهاب، بعد إطلاق المبادرة العربية ذات النقاط الست، وتم الاتفاق عليها وإقرارها في اجتماع وزراء الداخلية العرب في مراكش، وتم تكرار هذه المبادرة في خطاب السيد الرئيس أمام القمة العربية، وخلال الأسابيع القادمة يجتمع وزراء العدل والداخلية العرب، وهذا له أهمية لأنهم هم المعنيين بتفعيل الآلية المرفقة بمكافحة الإرهاب، وتحديد الضوابط والإجراءات الخاصة بعملية تسليم المطلوبين والخاصة بتجفيف منابع تمويل الإرهابيين وعدم تقديم الدعم السياسي لهم. وكيف ترى العلاقات المصرية القطرية؟ سبق وأن أشار وزير الخارجية، إلى أن هناك جرحًا عميقًا مع قطر، والتي تعانى من مشاكل مع غالبية الدول العربية، إضافة إلى أن المصالحة الحقيقية، تقتضى التعامل مع المشكلة من جذورها والتعامل بإيجابية مع كل الشواغل، والأكثر دلالة على هذه المشاكل قرار السعودية والإمارات والبحرين سحب سفرائهم من الدوحة وقيام مصر بخطوة مماثلة قبل ذلك بأكثر من شهر. لذلك نؤكد على أن عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، مبدأ أصيل في ميثاق الأممالمتحدة، وضرورة تسليم المطلوبين طبقًا للاتفاقية العربية للإرهاب، ولا تستطيع أي دولة قانونًا ولا أدبيًا ولا أخلاقيًا التحلل من الاتفاقية. وماذا عن موقف سياسة واشنطن تجاه مصر في الوقت الراهن؟ نحن ننفتح على الجميع، فالسياسة الخارجية المصرية في الوقت الحالي تعتمد على التحاور، بجانب ذلك نريد تحقيق أهداف الثورتين، وهذا يتعلق بسياسة استقلال القرار الوطني الخارجي، بمعنى أنه لا يمكن أن يستقل القرار الخارجي، طالما نعتمد على طرف أو كتله معينة لذلك لابد أن يكون هناك تعدد في الخيارات، ومن ثم ننفتح على الجميع إضافة إلى ذلك هناك استمرار للتحركات المصرية مع روسيا الاتحادية وكذلك مع الصين والهند وكوريا الجنوبية واليابان والبرازيل كل ذلك لن يكون خصما من العلاقات مع الشركاء الحاليين الآخرين. هل يزيد ترشح «السيسي» من صعوبة موقف الخارجية لشرح الأمر أمام العالم؟ موقفنا واضح، وليس لدينا أي مشكلة في اهتمام العالم الخارجي بما يحدث في مصر، والتدخل في الشأن الداخلي مرفوض، ومن حق أي مصري الترشح للانتخابات، والمهم أن تتم إدارة عملية انتخابية حرة ونزيهة، وهذا هو التزام الحكومة أمام الشعب المصري، فهو من سيصوت. إضافة إلى ذلك، نرحب تمامًا بطلبات المنظمات الدولية المختلفة لملاحظة ومتابعة الانتخابات مثل الأممالمتحدة وممثلي السفارات الأجنبية فى مصر، والمراسلين الأجانب، حتى يتأكد الجميع أنه ليس لدينا ما نخفيه، وهناك طلبات يتم النظر فيها بالفعل حاليًا من جانب اللجنة العليا للانتخابات. وماذا عن العلاقات المصرية التونسية.. هل ترى أنها في تقدم؟ العلاقات مع تونس تمر بمرحلة "عادية"، والمهم هو تأكيد مصر على احترام المبدأ الحاكم في العلاقات الدولية وهو عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. إلى أي مرحلة وصل ملف سد النهضة؟ هناك تحركات مصرية واعية، وأكدنا أكثر من مرة، أن الأمن المائي يقع على رأس الأولويات للأمن القومي المصري، لذلك قام وزير الخارجية بست جولات لأفريقيا وسيقوم بالمزيد قريبًا في إطار مبدأ تحقيق المكاسب للجميع، وقد تم تعميم ورقة جامعة شاملة على كافة السفارات المصرية في الخارج توضح الحقائق منذ البداية وأهمية احترام الاتفاقيات القائمة وأكدت الورقة أن مصر مع الحوار، ولكن لابد من التفاوض الجاد والذي يقوم على أسس موضوعية وإيجاد حل يقدر مصالح الجميع ولا يضر بأي طرف. وأؤكد أن هذا الموضوع لا يحتمل المساومة أو التنازل أو التجاهل، فهناك رؤية شاملة توافقت عليها كل أجهزة الدولة بكل مؤسساتها، ومصر حريصة على شرح الحقائق على المستوى الإقليمي والدولي؛ فإن مصر مع الحوار والتعاون البناء، لكن لن تتنازل عن حقوقها القانونية ولابد من التفاوض الجاد الذي لا يضر بمصالح أي طرف ولا يعكس سياسة فرض الأمر الواقع وما أخر تطورات الموقف المصري تجاه المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية؟ نتابع باهتمام الجهود التي بذلها الجانب الأمريكي خلال الفترة الماضية، منذ استئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، ونحرص فى هذا السياق على تأكيد أن المبادئ التى تأسست عليها عملية السلام منذ بدايتها على المسار المصري ثم على المسار الأردني هي مبادئ جوهرية للتوصل إلى حل دائم وعادل وشامل للنزاع، وهى ذات المبادئ والأسس التى تحكم كافة المسارات الأخرى بما فيها المسار الفلسطيني، كما تمثل فى نفس الوقت المبادئ التى قامت عليها المبادرة العربية للسلام ومن قبلها مؤتمر مدريد. ولاشك أننا كنا نتطلع إلى التوصل لاتفاق بين الفلسطينيين وإسرائيل خلال الإطار الزمنى المقترح للتفاوض، ولازلنا بطبيعة الحال نأمل فى التوصل إلى تسوية شاملة فى المستقبل القريب بناء على مرجعيات عملية السلام والقرارات الدولية ذات الصلة. وفى هذا الصدد، فإن مصر تدعم الموقف الفلسطيني، كما عبرت عنه قيادة الشعب الفلسطينى ومطالبها المشروعة التى تسعى من خلالها إلى السلام الدائم والعادل والشامل، القائم على حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية وتسوية مشكلة اللاجئين. ولن تدخر مصر جهداً من أجل الوصول إلى تلك الغاية، وسوف تستمر فى اتصالاتها مع كافة الأطراف المعنية إقليميا ودولياً لحثها على العمل للتوصل إلى التسوية المأمولة وعلى تحمل مسئولياتها فى هذا الصدد. ماذا عن العلاقات المصرية السودانية في ظل تكثيف الزيارات الأخيرة بين البلدين؟ هناك كثافة فى الاتصالات مع السودان، وهى دولة جوار هامة لمصر وبيننا علاقات تاريخية ممتدة، وحرص وزير الخارجية على أن تكون أول زيارة خارجية له بعد توليه منصبه، إلى السودان، كما قام وزيرا دفاع وخارجية السودان بزيارة مصر، وأيضا قام وزير الصناعة منير فخرى عبد النور بزيارة لهناك، وكلها زيارات تعكس إرادة سياسية لتفعيل العلاقات الثنائية هناك بعض الاختلافات فى الرؤى، ولكن تقابلها إرادة سياسية للتعامل مع الخلافات ووضعها فى حجمها الطبيعى وجاري تفعيل موضوع المعابر تجسيدًا لاتفاق الحريات الأربع. كيف ترى التحرك البريطاني الأخير بالتحقيق في نشاط الأخوان المسلمين على أراضيها؟ نرحب بقرار البدء في إجراء تحقيقات عاجلة حول الدور الذي تقوم به جماعة الإخوان المسلمين، انطلاقاً من الأراضي البريطانية، ومدى ارتباطهم بأعمال العنف والتطرف، ونأمل في أن يتم التعامل مع هذا الأمر بالجدية والاهتمام اللازمين. ظاهرة الصيد غير الشرعي في المياه الإقليمية يمثل خطورة شديدة..كيف تتعامل الخارجية مع هذه القضية؟ الخارجية أخذت زمام المبادرة، وقام القطاع القنصلي باستضافة اجتماع، ضم نقباء الصيادين وبمشاركة ممثلين عن وزارات الزراعة والرى والدفاع للتعامل مع هذه الظاهرة الخطيرة التى عرضت أرواح كثير من الصيادين للخطر، كما أودت بحياة بعضهم مؤخرًا؛ وتم إلقاء القبض على العديد منهم بسببها. وحذرت الخارجية من خطورة دخول الصياديين فى المياه الإقليمية للدول، وهو الأمر الذى لا نرضاه فى حالة دخول مراكب أجنبية لمياه مصر الإقليمية، بالإضافة إلى أن هذا الاجتماع خلص إلى التنبيه على أهمية تكثيف الجهود لتنمية مناطق هؤلاء الصيادين،كما تبذل الوزارة جهود واتصالات مع الدول المجاورة، للتوصل إلى اتفاقيات تتعلق بالسماح بالصيد في المياه الإقليمية لها. ماذا عن دور الخارجية المصرية لتيسير التصويت في الانتخابات الرئاسية بالخارج؟ الوزارة قامت بتوجيهات من الوزير نبيل فهمي، بإرسال تعليمات إلى كل السفارات والقنصليات المصرية في الخارج، بمضمون ضوابط تصويت المصريين بالانتخابات الرئاسية والتي أقرتها اللجنة العليا للانتخابات، خاصة في ما يتعلق بحق كل مصري موجود بالخارج، بالتصويت طالما لديه أصل تحقيق شخصيته سواء بطاقة الرقم القومي أو جواز السفر، واسمه مدرج على قوائم الناخبين. بالإضافة إلى ذلك قامت الوزارة بتعميم تلك الضوابط على جميع السفارات والقنصليات المصرية في الخارج، مع النظر في إعداد قوائم بأسماء الدبلوماسيين والإداريين الذين سيتم الدفع بهم إلى السفارات والقنصليات ذات الكثافة الكبيرة خاصة في دول الخليج العربي حتى يساعدوا زملائهم ويزيدوا من إجراءات الأمن والأمان.